حصري : الجلاد الحموشي يورط دولة عربية “شقيقة” في جريمة عابرة للقارات. كيف ولماذا ومتى اختطف “المخزن” صحافيا مغربيا من داخل قنصلية “الشيوخ” في قلب أوربا ؟ تحقيق.
بعد فشل “المخزن” وأجهزته القمعية في ترحيل الصحافيين والمعارضين و”المغضوب عليهم” عبر المساطر القانونية، عادت ريما لعادتها القديمة وظهر وجه المخزن الحقيقي.
وقاحة “الحموشي” لا مثيل لها خاصة عندما تعمى بصيرته ويشتعل قلبه غيضا وتهتز أوصاله خوفا من أسياده بعد فشله في اختطاف أعداءه عبر القنوات القانونية.
اصطياد “صحافي” بطعم جريمة دولية عابرة للقارات.
علمت الشروق نيوز 24 حصريا من مصدر مقرب من القضية باختطاف زميل صحافي مغربي “مغضوب عليه” من قلب قنصلية دولة عربية “شقيقة” بوسط عاصمة دولة في أوربا الشرقية. فهل يعلم الملك بهذه العملية ؟ ومن أعطى الضوء الأخضر لارتكابها أياما قليلة بعد الإفراج عن صحافيين ومعتقلي الرأي ؟
تعود وقائع الجريمة حسب صديقتي الضحية (طالبة في جامعة الحقوق ورسامة) إلى نهاية الأسبوع الماضي حينما دخل مبنى القنصلية ولم يخرج. زيارة عادية لطلب تأشيرة سياحية تتحول إلى كابوس لا يعلم أحد نهايته المأساوية.
بدأت خيوط الجريمة تحاك قبل أسبوعين عندما قرر الزميل الصحافي المقيم مؤقتا بهذه العاصمة منذ بضعة أشهر بعد اختياره المنفى بعيدا عن وطنه الذي يحتفظ منه بذكريات سوداء بعد معانات طويلة وقمع وتعذيب ومتابعات كيدية وتهميش.
حينما قرر الزميل قضاء عطلة عائلية رفقة زوجته وأبنائه اختار دولة عربية شقيقة حيث حجز في أفخم فنادقها. لم يكن يعلم بأنه ذاهب إلى قدره المحتوم (نتمنى له السلامة والنجاة).
طلب الضحية تأشيرة سياحية إلكترونية عبر البوابة المخصصة لذلك. بعد أيام تلقى عبر بريده الإلكتروني تأشيرات أفراد أسرته إلا تأشيرته.
استغرب الأمر وحاول التواصل مع المعنيين بالأمر لكن دون جدوى. التجأ لإدارة الفندق (فخم ومصنف) التي وعدته باستفسار الأمر خاصة بعد حلول موعد حجزه الذي رفضت تأجيله.
بعد يومين تلقى الضحية رسالة نصية تطالبه بإرسال صحيفة سوابقه العدلية. استغرب الأمر لكنه استسلم للأمر الواقع. فما الهدف من صحيفة السوابق في طلب تأشيرة؟ “كل ذلك لربح الوقت لحبك الخطة”، يضيف مصدرنا.
مضت ثلاثة أيام على إرساله الوثيقة. تلقى رسالة عبارة عن موعد في أقرب قنصلية للبلد العربي يوم الثلاتاء 6 غشت الماضي. اتصل بالتمثيلية الدبلوماسية المعنية بالأمر للتأكد من جدية الأمر.
اعتبر الأمر عاديا وتوجه في الموعد المحدد للقنصلية حيث تقدم من جديد بطلب تأشيرة سياحية له. طلب منه العودة يوم الأربعاء 7 غشت الجاري.
أعد الزميل العدة واقتنى بعض المستلزمات وأخبر محاميه وأصدقائه بسفره. دأب كعادته تقاسم المعطيات مع المحامي المقيم أيضا في دولة أوربية مجاورة.
لم تلتزم القنصلية باحترام موعد تسليمه تأشيرته وطلب منه العودة من جديد يوم الجمعة 9 غشت. استشاط غضبا واشتبك مع موظف الاستقبال الذي منعه من التواصل مع أحد مسؤولي القنصلية لإيجاد لمشكلته. استدعى الموظف رجال الأمن الذين وثقوا الواقعة وسجلوا أقوال الزميل قبل إخلاء سبيله. أبى الضحية أن يبرح المكان حتى يقابل مسؤولي القنصلية. بعد انتظار طويل تدخلت إحدى الموظفات وطلبت منه تقديم التماس. بعد ذلك سمح له بمقابلة مسؤول ادعى أنه نائب القنصل. هذا الأخير تكلف شخصيا بطلب الزميل وطلب منه العودة يوم الجمعة صباحا لسحب تأشيرته. طلب من الضحية تسديد رسوم التأشيرة من جديد ولم يتردد، حسب مصدرنا.
عند مغادرته لمبنى القنصلية لاحظ الضحية سيارة تتعقبه (سيارة من نوع BMW زرقاء اللون) كان بداخلها ثلاثة أشخاص بسحنة مغربية أو عربية. هذا ما أكدته لنا احدى صديقات الضحية التي رافقته من أجل الترجمة. شك في الأمر أولا لكنه لم يعره اهتماما قبل أن يركب معهما أحدهم في الحافلة. هنا أخبرا صدقتهما برسالة صوتية (توصلت الشروق نيوز 24 بنسخة منها)، كما “أخبر المحامي الذي طلب منه عدم الاشتباك أو الحديث مع من يلاحقهما”، حسب الشهادة.
استمرت هذه المراقبة اللصيقة إلى ساعات متأخرة من ليلة الأربعاء-الخميس، خاصة بعد حظور زوج صديقته الذي كان مصحوبا بزملاءه (الزوج يعمل اطفائيا).
أكدت لنا الشاهدة أن الزميل أخبرها بأنه متجه لإصلاح هاتفه وضرب معها موعدا يوم الغذ (الجمعة) أمام مبنى القنصلية لكنها اعتذرت له بسبب مرض ابنها. هذا ما أكدته لنا مضيفة: “وفي المساء (الخميس) التحق بزوجي وأصدقاءه في المقهى. بعد قضاء وقت ممتع معهم أوصله زوجي للبيت. قضى الليلة في منزلنا. وفي الصباح اصطحبته أنا وزوجي وابني لباب القنصلية”.
اختفى الزميل منذ تلك اللحظة. وبعد اختفائه، قامت صديقته وزوجها بإبلاغ محاميه وبعض الصحافيين كما طلب منها الضحية مسبقا في حالة ما إذا تعرض لمكروه.
فإلى أي مدى تورطت قنصلية الدولة “الشقيقة” في هذا الاختفاء؟ هل هي جريمة اختطاف عابرة للقارات أم الأمر أخطر من ذلك بكثير ؟ وهل تمكنت “العصابة” من اصطياد “مغضوب عليه” أفلت مرارا من مخالب “الحموشي” داخل المغرب وخارجه؟
أصابع الاتهام تشير إلى المخابرات المغربية التي جندت مدير نشر جريدة إلكترونية مقربة من دوائر القرار في هذه الدولة “الشقيقة” لإقناع الزميل بقضاء عطلته بهذا الفندق الشهير.
للإشارة، فقد تحفضنا على ذكر اسم الزميل نزولا عند رغبة المحامي لأن التحقيق مفتوح على أعلى مستوى. السلطات المحلية لا تستتني أحدا خاصة بعد اختفاء الضحية تاركا وراءه أغراضه في مسكنه. أما وثائقه الشخصية والإدارية فكانت بحوزته طيلة اليومين الأخيرين.
نتمنى للزميل الصحافي الحر السلامة وعودته سالما لعائلته وأصدقائه. كما نتمنى السلامة والفرج لكل الزملاء المعتقلين والمضطهدين من طرف “المخزن” وأجهزته القمعية وحلفاؤه.
يتبع..
بقلم: ليلى غانمي – باريس.