خفايا وأسرار فوز المرشح الديموقراطي جو بايدن السباق الرئاسي وخسارة الرئيس الأمركي الجمهوري الحالي دونالد ترامب والملكة جائحة كورونا كانت وراء إخراجه من البيت الأبيض ..

Advertisement

فرحان إدريس…

لاشك أن المتتبعين للإنتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية لسنة 2020 يجمعون بأنه كانت هناك مشاركة مكثفة للأمريكيين في جميع الولايات الأمريكي الفدرالية لم يسبق لها مثيل في تاريخ البلاد بحيث بلغ عدد المصوتين ما يقارب 160 مليون نسمة ، لدرجة أنها أصبحت مع عملية فرز الأصوات تحبس الأنفاس ..
لكن الجميع يطرح السؤال التالي ، ما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا الإقبال المكثف على المشاركة في الإنتخابات ؟؟ ولماذا هناك وجود إستقطاب حاد بين القطبين الجمهوري والديموقراطي ؟
يكن الجزم أن هذه الإنتخابات الرئاسية الأمريكية لسنة 2020 هي إستفتاء شعبي على السياسة الترامبية كتوجه سياسي وايديولوجي بدا يعيد صياغة وجه الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الداخلي أو الخارجي .فحركة دونالد ترامب السياسية بدأت تأخذ زخما بين أوساط البيض الأمريكيين واليمين المحافظ أكثر من حركة الشاي الأمريكية قبل أعوام ، وأثارت حماسا كبير في قواعد الحزب الجمهوري ..
وفي الجهة المقابلة أثارت خوفا لدى بقية الشعب الأمريكي لاسيما لدى قواعد الشعبية للحزب الديموقراطي ، لهذا تجد هذه الإنتخابات الرئاسية الحالية خلقت حماس غير مسبوق في قواعد هذا الحزب ودفعته للمشاركة بقوة في هذه العملية الإنتخابية على أمل وقف زحف السياسة الترامبية مما يعني أن هناك صراع حاد بين القطبين على جميع الأصعدة والمستويات ..
فمثلا ، بسبب وباء كورونا وخوفا من إنتشار هذا الوباء إتخذت العديد من الولايات الأمريكية إجراءات لتسهيل عملية التصويت سواء عن طريق البريد أو عن طريق الشخصي المبكر في مراكز الإقتراع ، بل هناك مراكز إقتراع فتحت أبوابها قبل أسابيع من موعد الإنتخابات الرسمي ..
هذه الإجراءات سهلت من ولوج فئات إجتماعية التي كانت تواجه مشاكل عديدة للتصويت في السابق وإعاقات مختلفة تمس حق التصويت للأقليات ..
ومما يميز الإنتخابات الرئاسية الحالية عن باقي الإنتخابات السابقة أنها لأول مرة تطرح قضايا حساسةوتمس مباشرة الحياة اليومية للمواطن الأمريكي .

فعلى سبيل المثال , أزمة كورونا فيروس ونتائجها الكارثية على الإقتصاد الأمريكي على الخصوص بحيث إرتفعا البطالة في حدود 7.9 % ، بينما في شهر فيراير الماضي كانت في حدود 3,5 % ..
لدرجة أنه وصل الأمر أن العديد من المواطنين الأمريكيين لم يعودوا قادرين على دفع أجور منازلهم ، ولاننسى مشكلة الرعاية الصحية وإرتفاع ظاهرة الفقر بين الشعب الأمريكي ..
للتذكير أنه منذ وصول الرئيس دونالد ترامب للسلطة إرتفعت ظاهرة العنف العنصري للشرطة الأمريكية ضد السود والملونين على حد سواء وما شهدته الولايات والمدن الأمريكية مؤخرا من أحداث صغب وإحتجاجات عارمة عقب مقتل الموطن الأمريكي جورج فرويد ذي الأصول الأفريقية على يد أفراد الشرطة ..
يعني أنه في السنوات كان هناك تنامي العنصرية بين أوساط البيض والإحساس بتفوقهم على الأعراق وألاجناس المكونة للشعب الأمريكي ..
لكن أهم حدث شهدته بعض الولايات المحسوبة على التيار الجمهوري في المحافط هو النشاط المكثف لبعض جمعيات المجتمع المدني التي تناضل من أجل حق التصويت والمشاركة السياسية في أوساط الأمريكيين الملونين والسود والشباب والأقليات ..
فعلى سبيل المثال لا للحصر ، هناك السيدة ستيزي إيبرون عضوة المجلس النيابي في ولاية جورجيا التي كانت ترشحت قبل سنوات لمنصب حاكم الولاية لكنها خسرت السباق الإنتخابي ..
ورغم الهزيمة والخسارة وضعت أمام عينيها مخطط تسجيل الشباب السود للمشاركة في أي عملية إنتخابية مقبلة وفعلا مع مرور السنين تمكنت من تسجيل ما يقارب 800.000 نسمة ناخب جديد في الولاية ..كان حاسما في جعل هذه الولاية الجمهورية الزرقاء تتحول إلى ولاية ديموقراطية حمراء وبالتالي تكون حاسمة وستكون حاسمة في الإنتخابات الرئاسية الحالية ..
عامل حاسم كان وراء الإقبال المكثف على هذا الإنتخابات الرئاسية هي وسائل إستطلاعات الرأي المختلفة التي لعبت دور كبير في تعبئة الناخب الأمريكي في كل الولايات والمدن والقرى وتحديد توجهه السياسي والإنتخابي ..
و حمست الناخبين ولعبت دور كبير في إرتفاع المشاركة والصراع السياسي بين القطبين ..وأهم عمل تميزت به هو أنه ساعدت الخبراء أو الإستراتيجيين على مستوى الحملتين الإنتخابتين هو تحديد أماكن القواعد الشعبية الهشة لكل من الحزبين الجمهوري والديموقراطي ، وبالتالي دفعتهم ليقوموا بالإستثمار بهذه المناطق من أجل الحصول على أصوات إنتخابية جديدة ..عن طرق تنظيم حملات دعاية وإعلانات أو تنظيم تجمعات إنتخابية ..
فعلاوسائل إستطلاعات الرأي في الإنتخابات الرئاسية السابقة لسنة 2016 أثبتت فشلها بحيث كانت نتائجها في واد والنتيجة النهائية في واد ثاني ..
لكنوسائل إستطلاعات الرأي لسنة 2020 إستفادت من الأخطاء السابقة لدرجة أن الخطأ تجده هامشي بدرجة صغيرة في نتائج الإنتخابات الرئاسية الحالية ..
لهذا يمكن إعتبار الإنتخابات الرئاسية غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنة 1900 ، وتختلف كليا عن باقي الإنتخابا السابقة ، هناك إنقسام حاد في المجتمع الأمريكي ..و يخيف معظم الأمريكيين الذين أصبحوا يحسون أنهم أمام سيناريو إلى حرب أهلية ..
وهذا ما جعل الحزب الديموقراطي يبني حملته الإنتخابية على أسس مناقضة للحزب الجمهوري ، وهنا كانت بداية ردة فعل المجتمع الديموقراطي المناهض للعنصرية وسياسة اليمين المتطرف في الإقتصاد وفي الصحة وفي البيئة وتبني سياسة جديدة في المجال الإجتماعي ..
وكانت رسالة المرشح الديموقراطي جو بايدن للأمريكيين مختلفة تماما عن مرشح الجمهوريين الرئيس الحالي ترامب ، بحيث ركز في رسائله السياسية على طمأنة المجتمع الأمريكي على إختلاف أعراقهم وألوانهم ودينهم وهوياتهم ومعتقداتهم ..
وإلتزم أمام الشعب الأمريكي سواء من خلال المناظرات التلفزية أو في التجمعات الإنتخابية بإعادة فتح الإقتصاد الأمريكي ومواجهة كورونا فيروس كأولوية أولى ، وضمان الرعاية الصحية للجميع و مواجهة الفقر والعمل على الرفع من مستوى الحد من الأجورلطبقة العمال ..
يعني أنه أرسل أرسل مطمئنة لكل الأمريكيين الخائفين من الإنقسام والعنصرية ..
وما زاد قوة الحزب الديموقراطي هو صلابة موقفه هذه المرة وإلتفافه حول المرشح الديموقراطي بايدن على عكس الإنتخابات الرئاسية السابقة لهيلاري كلينتون لسنة 2016 بسبب إنحياز مؤسسة الحزب إلى هلاري على حساب السناتور سانديرز ، ولهذا نجد أن العديد من الديموقراطيين أغضبهم هذا الأمر ولم يصوتوا في تلك الإنتخابات ..
لكن هوالتكتيك الذي إستعمله جو بايدن لهزيمة الرئيس الحالي دونالد ترامب ؟
المعلوم ، أن ترامب كان ينتقد بايدن وينعته ب ” Sleep Jo ” أي النائم بسبب قلة حركته وأنه غيرمؤهل للرئاسة.لكنه نسي أن باين من قدماء المؤسسة السياسية في واشنطن ، وأمضى خمسة عقود هناك وشغل منصب نائب الرئيس أوباما لثمان سنوات مما جعله يكتسب خبرة سياسية طويلة ..
بنى تكتيكه للإنتخابات على ثلاثة أمور: 1) – توجه للأمريكيين بشكل مباشر وإقترح عليهم سواء في المناظراتين الأخيرتين أو في التجمعات الإنتخابية بحل مشاكلهم ، وكان يتوجه دائما إلى الكاميرا وتحدث إليهم وإمقترح عليهم حلول لمشاكلهم ..
2 ) – وتفادى الأخطاء السابقة لهيلاري كلينتون لسنة 2016 بتوجهه إلى طبقة العمال القاطنين في نواحي المدن والقرى والأقليات الأخرى التي تعتبر القاعدة التقليدية للحزب الديموقراطي على مر التاريخ ..
3 ) – ركز في الحديث معهم على مشاكل هذه الفئة ، وقام بزيارات عديدة للولايات الكبيرة المعروفة بالمناطق ذي الحائط الأزرق القواعد الإنتخابية للحزب الجمهوري ( متيشغان وبنسلفانيا ويل كنسانس)
4 ) – حافظ على هدوءه طيلة الحنلة الإنتخابية وتفادى عدم الإنجرار للرد على إتهامات للرئيس الجمهوري ترامب و الألفاظ المثيرة التي كان يستخدمها ترامب …
5 ) – إخفاقات الرئيس ترامب وقراراته الخاطئة في مواجهة كورونا فيروس كانت وراء هزيمته بالدرجة الأولى وبايدن إستثمر في هذه الأخطاء وبالدرجة الأولى في أزمة كوفيد 19 ..
6 ) – بايدن ركز في حملته الإنتخابية على التصدي لوباء كورونا ووعد بتقديم المساعدات للأسرالأمريكية والمؤسسات التي تضررت من جراء هذا الوباء..
7 ) بايدن أظهر للأمريكيين أنه البديل لترامب في مواجهة كورونا على عكس ترامب الذي جعل مواجهة كورونا في آخر أولوياته ..
8 ) – الرئيس ترامب كان دائما يرفض الإعتراف بالفشل والإخفاق في أي من الملفات وكان على ثقة بأنه سيفوز بالإنتخابات الرئاسية …وإذا لم يحصل هذا السيناريو فسببه تزوير الإنتخابات ..
وباء كورونا كان أحد الملفات الرئيسية التي هزمت دونالد ترامب ، قبل إنتشار هذا الوباء في الولايات الأمريكية كانت البطالة في أدنى مستوياتها 3.5 في المائة ..
ترامب نفسه هو السبب الرئيسي في هزيمته ..
الرئيس الجمهوري دونالد ترامب كان يراهن على الإقتصاد للفوز بالرئاسة للمرة الثانية ..وبالتالي على الجوانب الأخرى ..
ترامب إرتكب أخطاء كبيرة في تسيير هذا الملف وكان يعطي كل يوم ذخيرة حية لجوبايدن من أجل إستخدامها لمهاجمته …
على سبيل المثال ، قوله للصحفي بوبود وولدز أن وباء كورونا خطيرجدا بينما كان يصرح للشعب الأمريكي بأن كورونا سيزول قريبا ..وكان يرفض إرتداء الكمامات ..كانت هناك سقطات عديدة لترامب في معالجة كورونا إستغلها جو بايدن ..
ترامب كان يعتقد أن حشد تهييج قاعدته الجمهورية الإنتخابية لعام 2016 من اليمينين من البيض والعنصريين كافية لإعادة إنتخابه للمرة الثانية ، ولم يتوجه للسود والأقليات الأخرى مكتفيا بترديد الشعارات الفارغة عن إنجازاته التي هي في الأصل غير حقيقة وزائفة ..
المفروض ، أن يشكر المرشح الديموقراطي جو بايدن الملكة كورونا على هذا الجميل في فوزه بالإنتخابات الرئاسية الأمريكية ..كانت بالفعل عبارة عن هدية من السماء الذي كان يقدم في الإعلام على أنه قليل الطاقة وغير مؤهل لتسييروإدارة رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ، على عكس دونالد ترامب بحكم أنه من قدماء المؤسسة السياسية وليس قادرا على الإتيان بالحلول ، بالمقابل كورونا أظهرت أن الرئيس ترامب غير قادر على إدارة البلاد وطرح الحلول اللازمة وسقطاته العديدة والمتكررة في هذا الملف كانت هبة من السماء لجو بايدن ..
السؤال الكبير المطروح ، ما هو المستقبل السياسي لدونالد ترامب ؟؟ و ماذا سيفعل بعد خسارته للرئاسة ؟؟ ماذا سيفعل الرجل في المستقبل ؟؟
الجواب ، دونالد ترامب ظاهرة سياسة لواجهة إيديولوجية متجدرة في المجتمع الأمريكي ، ربما سيقررالترشح لإنتخابات الرئاسية لسنة 2024 ..
سيبقى له صوت مؤثر في الحزب الجمهوري ، وسيكون له دور كبير في دعم أي نجم جديد للحزب الجمهوري والمحافظين تحديدا ..
أي نجم جديد للحزب الجمهوري لكي يحظى بالتزكية اللازمة عليه أن يحج لمرالاكو في ولاية فلوريد طلبا لبركة ترامب ..
الأرجح أنه لن يغادر الحلبة السياسية ..ولن يغادر الأضواء ..ولاسيما شاشات التليفزيون ..وبالتالي لن يغادر ثمانين مليون من متابعيه على صفحته في تويتر ..لأنه بكل بساطة يعشق الأضواء ..

يتبع…

للذكر المقال أرسلناه إلى : الديوان الملكي…

……………………الكتابة الخاصة لسي ياسين المنصوري ..
…………………….رئاسة الحكومة
……………………الأمانة العامة للحكومة
……………………رئاسة البرلمان المغربي
……………………رئاسة مجلس المستشارين
……………………رؤساء الفرق البرلمانية
…………………….وزارة الشؤون الخارجية والتعاون
…………………….وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية
……………………..وزارة الجالية والهجرة
……………………..المجلس العلمي الأعلى بالرباط
……………………..وزارة المالية
…………………….مجلس الجالية
…………………….مؤسسة الحسن الثاني لمغاربة الخارج
…………………….الأمانة العامة للأحزاب السياسية المغربية
…………………….للسفارات المغربية بالخارج ..

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.