دراسة ألمانية : المغرب يصنع نخبه بشراء الولاء وترويض المعارضة !!

Advertisement

عن موقع لكم2 ..ترجمة مروان مكور ..

إعتبرت دراسة ألمانية جديدة أن النظام السياسي المغربي يرتكز على ثلاثة عناصر لصناعة النخب السياسية والإقتصادية في المغرب، من خلال شراء الولاءات ومنح الإمتيازات وسياسة الريع الإقتصادي، وإعتماد الفساد كخيار إستراتيجي للسلطة وأداة من أدوات الحكم، والقضاء على الرموز التي تتوفر على الشرعية الشعبية.

الدراسة التي نشرتها موقع “جيكا” التابع لمعهد ” GIGA ” الألماني للدراسات العالمية والمجالية، وهو معهد أبحاث مستقل مقره هامبورغ وعضو في جمعية ” Leibniz “، خلصت إلى أن القصر الملكي في المغرب تمكن من إنشاء علاقة تبعية له من طرف معظم النخب السياسية والإقتصادية والثقافية في البلاد التي تتسابق نحو الإستفادة من الامتيازات المختلفة التي يمنحها القرب منه.

والدراسة ترجمها موقع “لكم” وأعدها الباحث، مروان مكور، أستاذ مساعد في قسم العلوم الإجتماعية في جامعة يورك بمدينة تورنتو الكندية، متخصص في الحركات الإجتماعية والثورات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

نخب نيوليبرالية !!

وقالت الدراسة : “لقد تزامن حكم محمد السادس مع إعتماد الإصلاحات النيو ليبرالية على نطاق واسع، مما خلق فرصا جديدة لصناعة النخب المالية والإقتصادية وعزز التحالف بين النظام الملكي والنخب الاقتصادية والسياسية المحلية”.

وسجلت أن القصر الملكي في المغرب أدرك منذ وقت طويل أن النخب المعارِضة أكثر خطورة على مستقبله من المعارضة الجماهيرية.

وتابعت: “لقد إستعمل الملوك الثلاثة الذين حكموا البلاد منذ إستقلالها عام 1956 أداتيْن رئيسيتيْن للحيلولة دون إنتشار التعبئة الجماهيرية: أولها تقديم بعض التنازلات من حين لآخر ثم الثانية هي صناعة النخب ومنحها بعض الإمتيازات وهي غالبا ما تكون إمتيازات رمزية ولا تضعف أو تنتقص من صلاحيات الملك الواسعة. لقد تمكن القصر الملكي من إنشاء علاقة تبعية له من طرف معظم النخب السياسية والإقتصادية والثقافية في البلاد التي تتسابق نحو الإستفادة من تلك الإمتيازات المختلفة”.

وإعتبرت أن “الملك الحالي محمد السادس يستفيد حاليا من سياق إقتصادي دولي يسمح له بتوسيع نطاق إستراتيجية النظام الملكي في مجال صناعة النخب السياسية والإقتصادية بشكل غير مسبوق وخصوصا عبر إعتماد سياسة الريع الإقتصادي”.

وأفادت: “لقد نهج كل من الحسن الثاني ومحمد الخامس سياسة الريع مثل منح الإمتيازات في مجال النقل والصيد البحري وإستغلال المعادن ثم جاء محمد السادس فإعتمد منذ عام 1999 إصلاحات نيوليبرالية على نطاق واسع خلقت فرصا جديدة للإغتناء المالي وساهمت في تعزيز التحالف بين الملكية والنخب الإقتصادية والسياسية المحلية منها الخصخصة وتحرير الإقتصاد وتحرير التجارة وتقليص القيود الإدارية، وما يصاحب ذلك من تراجع الدور الإقتصادي للدولة والتخلي عن مسؤولياتها في مجال الخدمات للسكان”.

وشدد على أن “الملك كان هو المستفيد الأول مع حلفائه من كل الإصلاحات التي تم إعتمادها فإن النخب التي تساند الملكية بشكل تلقائي والعائلات الثرية قد إستفادت أيضا من كل الإجراءات التي إتخذتها السلطات منذ عقد التسعينيات من القرن الماضي وخلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين بما في ذلك بعض الأوساط المعارضة للنظام الملكي لأن جل النخب تربطها علاقة “رابح -رابح” مع القصر الملكي وتدرك أن القرب من القصر هو مفتاح النجاح المالي والإقتصادي”.

وسجلت: “هذه النخب لا يمكنها الإستمرار في ربح المال لولا الحماية التي يوفرها لها ذلك القرب من السلطة الحاكمة أي من القصر الملكي، على سبيل المثال فإن مجال توزيع المحروقات خضع لإجراءات إصلاحية إنسحبت بموجبها الدولة من دور المراقبة وتركت الأسعار في يد الفاعلين الخمسة عشر في المجال وعلى رأسهم عزيز أخنوش الذي يهيمن على 30 في المائة من السوق الوطني وهو في نفس الوقت وزير الفلاحة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار وصديق شخصي للملك محمد السادس”.

وأفادت نسبة إلى “دراسة قام بها الباحثان أوبنال و زروال حول 344 شركة مغربية أن الذي إستفاد من عمليات الخصخصة ومن كل الخيارات النيوليبرالية خلال الثلاثين سنة المنصرمة هو الملك أولا ثم 150 أسرة ثرية مقربة بشكل أو بآخر من القصر الملكي منها من له حضور في الحكومة بالإضافة إلى الرأسمال الأجنبي”.

تجديد شرعية الملك !!

وذهبت الدراسة إلى أن استراتيجية الملك محمد السادس لترسيخ شرعيته تتميز بإنتاج خطاب يبرز الملك بصفته المصدر الوحيد لكل الإصلاحات والمشاريع الإقتصادية والإجتماعية والسياسية وكل الإنجازات التي تعرفها البلاد عبر حضور إعلامي مكثف يعطي الإنطباع أنه الفاعل الوحيد القادر على تصميم وتنفيذ الإصلاحات وهو الخطاب الذي يلقي باللوم على المسؤوليين الحزبيين المنتخبين وطنيا أو محليا ويحمله المسؤولية عن جميع الإخفاقات التي عرفها المغرب خلال العقدين الأخيرين”.

وإعتبرت أن “الملك لفائدته مشروع مدونة الأسرة الجديدة التي عوضت قانون الأحوال الشخصية السابق كما جلب لنفسه كل العوائد الإعلامية التي واكبت تنصيب هيئة الإنصاف والمصالحة التي كان الهدف من ورائها طي صفحة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي إرتكبها والده (رسميا على الأقل)، ومؤخرا حرصَ على أن يظهر بمظهر بطل الإصلاح الدستوري الذي يكرس دولة المؤسسات والحقوق والحريات. أما في المجال الاقتصادي ومجال البنيات التحتية فقد أشرف بنفسه على مشاريع الطرق السيارة وميناء طنجة المتوسط الجديد. ومشاريع محاربة دور الصفيح بالإضافة لرعايته للمهرجانات الفنية والمواسم والمناسبات الدينية” .

وسجلت أن “هذه الممارسات تسعى إلى ترسيخ الشرعية، وتعتبر سلاحا ذا حدين: من جهة لابد من الإقرار بأن بعض المجهودات تعالج مشاكل حقيقية في البلاد مثل كهربة العالم القروي بينما واجهتها الأخرى هي محاولتها تأسيس رابطة جديدة بين الملك والشعب بينما هي تسعى في الحقيقة أيضا إلى تقوية النخب المحيطة بالقصر خلال الخمس عشرة سنة الماضية”.

وإستدركت: “قد تبدو بعض المبادرات كخطوة على سبيل تعزيز الحكم الديموقراطي، ولكنها ساهمت في الواقع في تبخيس العمل السياسي ومنح السلطة والمناصب المهمة والإمتيازات المادية والمعنوية للبيروقراطيين وبعض المعارضين السابقين للنظام”.

بين الترويض والقمع !!

وتابعت: “إن جانبا آخر من ظاهرة صناعة النخب الجديدة، يتم عبر خلق هيئات ومجالس لا حصر لها مثل “المجلس الوطني لحقوق الإنسان” و”مجلس الجالية المغربية في الخارج” والمجلس الملكي الإستشاري للشؤون الصحراوية والهيئة المركزية للنزاهة والوقاية من الرشوة والمجلس الأعلى للتربية والتعليم وكلها مؤسسات يرأسها معارضون سابقون للملكية قبلوا أن ينخرطوا في لعبة النظام ومؤسساته الرسمية علما أن إختيارهم يهدف أساسا إلى الإستفادة من مصداقية هؤلاء ومحاولة ترويض أمثالهم من المعارضين السابقين والحاليين عبر الإغراء بالمناصب والأجور المرتفعة أو ترويض زعماء القبائل كما هو الحال مع مجلس الشؤون الصحراوية”.

وأضافت أن “إستراتيجية الترويض والتحييد قد أفلحت مع بعض المعارضين الشرسين القدامى مثل الراحل إدريس بنزكري الذي قضى زهرة شبابه في سجون الحسن الثاني فإذا به يصبح سنة 2004 رئيسا لهيئة الإنصاف والمصالحة، أما اليساري السابق صلاح الوديع فقد لعب دور الناطق بلسان حزب الأصالة والمعاصرة الذي أنشأه النظام”.

وأوضحت: “لقد إستطاعت إستراتيجية النظام المغربي المتعلقة بإحتواء النخب وإرشائها في إستمرار الإستقرار السياسي بالمغرب، ونظرا لعدم رغبة معظم النخب السياسية المحلية في الإصطدام مع القصر من أجل إنتزاع تنازلات سياسة تصب في مصلحة أغلبية السكان فإن القصر يستطيع الإستمرار في تجاهل المطالب السياسية والإجتماعية المماثلة لتلك التي أدت إلى سقوط النظاميْن التونسي والمصري في أوائل عام 2011، على الرغم من الإشارات المقلقة التي تعبر عن السخط الشعبي من جراء إستفحال الفساد”.

وزادت أن “موارد الدولة تُستعمل في المشاريع التي سوف تنتج الربح للملك وأصدقائه والمقربين منه فقد نتج عن تجاهل الدولة للمناطق المهمشة التي كانت تسمّى “المغرب غير النافع” إلى وجود بؤر التوتر الاجتماعي في بعض المناطق القروية أو المدن المنسيّة مثل حالة الريف (عامي 2017 و2018 ) ومدينة جرادة (2018) وسيدي إفني وزاكورة وتنغير والعرائش”.

ورصدت أن “استفحال الفجوة بين من يمتلكون كل شيء ومن لا يمتلكون شيئا أمام أعين السلطة سمح للقصر والمقربين منه بتجاهل أغلب المطالب الإجتماعية رغم إلحاحها ولكنهم، في المقابل فضلوا معاقبة الصحفيين الذين ينبشون في الملفات الساخنة ووضع المزيد من القيود على حرية التعبير وحرية تأسيس الجمعيات، بالإضافة إلى التضييق على نشطاء حقوق الإنسان والرمي ببعضهم في غياهب السجون”.

وأفادت: “مع إفساد الحقل السياسي عبر الإتيان ببعض الفاسدين على رأس الأحزاب السياسية، ثم تسخير جهاز القضاء من أجل الإنتقام من الأطر الإدارية الذين يفضحون حالات الفساد التي يتورط فيها المقربون من القصر”.

مخاطر فشل الإصلاح !!

هذه الخلاصة دافعت عنها الدراسة، من خلال “الإستحواذ على شركات وأراضي الدولة وعلى الثقافة وعلى كل مفاصل الحياة الوطنية وكل ثروات البلاد تحت ذريعة الإنخراط في الحداثة والإصلاحات الإقتصادية ما هو في الواقع إلا مظهر من مظاهر الميثاق الذي يربط السلطة والنخب السياسية والإقتصادية من أجل الإستمرار في الإنتفاع بثروات البلاد على حساب الغالبية العظمى من السكان”.

وسجلت أن “المغرب الرسمي إختار المنهاج الليبرالي المتوحش بالمقارنة مع البلدان العربية الأخرى على حساب مستوى المعيشة لغالبية سكانه حتى أصبح المغرب في التصنيف الدولي للتنمية البشرية يحتل في عام 2015 المرتبة 123 من أصل 188 وراء العراق (المرتبة 121) وفلسطين (المرتبة 114) ومصر (المرتبة 111) وتونس (المرتبة 97)”.

وشددت على أن “السخط الشعبي المتزايد إزاء المؤسسات التمثيلية الرسمية في البلاد مع تنامي القمع والتضييق من طرف السلطات كلها ظواهر تخلق مناخا لا يُطمئِن الـمستثمرين الأجانب وهو ما تبين مع حملة المقاطعة الشعبية التي انطلقت في شهر أبريل 2018 والتي أطلقها عدد من النشطاء على منصات التواصل الرقمية والتي تستهدف ثلاث شركات (شركة الحليب سنترال دانون وشركة المياه المعدنية سيدي علي وشبكة محطات الوقود إفريقيا) نظرا لأسعار منتوجاتها المرتفعة”.

وخلصت: “من منظور أوروبي، لابد من الإعتراف أن فشل النموذج المغربي في الإصلاح ينطوي على مخاطر هامة ذات صلة مباشرة بالأمن الأوروبي. بدلا من الإشادة بالإصلاحات التجميلية التي إعتمدتها السلطة في المغرب، ينبغي الإتحاد الأوروبي أن يمارس الضغط عليها من أجل إعتماد إصلاحات تعزز سيادة القانون وحقوق الإنسان وتسهل التنمية الإقتصادية الشاملة”.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.