رسالة من ضابط شرطة فضل المنفى الإختيار بإحدى الدول الأوروبية تعقيبا حول زيارة أعضاء اللجنة المشتركة من المكتب الخامس للقوات المسلحة الملكي والدرك الملكي ولادجيد لضباط الشرطة الهاربين والمقيمين بكل من إسبانيا وفرنسا وبلجيكا !!
أود من خلال هذه الكلمات أن أعقب على الخبر الذي المقال أعلاه، المتعلق بلجنة من الجيش و الدرك و لادجيد، بحثت مع ضباط شرطة اختاروا المنفى الإختياري بعدد من الدول الغربية.
كما لاحظتم أقول المنفى الإختياري و لا أصفهم بالفارين، كونهم ليسوا كذلك بالنظر إلى الظروف التي دفعتهم لاتخاذ ذلك القرار، شانهم شان العديد من المغاربة المتواجدين بالخارج.
ليس كل من يلتحق سواء بالشرطة أو المخابرات أو الجيش أو الدرك سيصبح فاسدا أو مستبدا.
على العكس من ذلك فكثير منهم أشخاص مستقيمون لديهم أخلاق و قيم و فوق ذلك مثقفون و على وعي كبير بحقائق الأمور، و لهذا يكون من الصعب عليهم ممارسة وظائفهم في ظروف جيدة تسمح لهم بأداء واجبهم بكل إخلاص و تطوير ذاتهم قصد الرفع من مستوى أدائهم، وهي طبعا ظروف لا تتوفر في مؤسسات أجمل بلد في العالم على رأي بائعي الوهم أو نكافات المخزن.
لهذا فأي لجنة تريد التحقيق معهم، عليها قبل كل شيء أن تحقق مع المسؤولين الفاسدين ومع الذين سلموا بلادنا لقوى أجنبة متعددة تعيث فيها الفساد و البغي و تنهبها ليل نهار بدون حسيب أو رقيب، بعدما تم إغراق البلاد عمدا في الديون لكي يتم تبرير إتخاذ قرارات تخريبية في حق الشعب المغربي، تماما كما تم تبرير التطبيع مع الكيان الصهيوني مقابل إعتراف دولة الإحتلال الإسرائيلي بمغربية الصحراء الذي لم يحصل لحد الآن بعد أربع سنوات من توقيع إتفاقية التطبيع الثلاثية ..
المغاربة الذين يفضحون الفساد و المفسدين، كيفما كانوا و يسمون الأشياء بمسمياتها ليسوا و لم يكونوا أبدا خونة أو يريدون أي سوء لبلادهم، بل على العكس من ذلك حبهم لوطنهم وغيرتهم على الشعب المغربي من الأسباب الرئيسية التي غالبا ما يدفعهم لمواجهة الطواغيت الذين حولوا بلادهم لمزرعة و المغاربة لعبيد يشتغلون فيها و أرجلهم عالقة في وحل الذل و المهانة.
بالنسبة للأسرار التي من المرجح أنها بحوزة هؤلاء الضباط، فهذا أمر فيه نظر، لأنه ليس بالضرورة أن تكون ضابطا سواء في الأمن أو المخابرات لكي يكون لديك أسرار، ففي بعض الأحيان قد تجد موظفا برتبة أقل يعرف ما لا يعرفه ضباط شرطة، إذ المسألة لها علاقة بالموقع الذي يشتغل به الموظف المعني و ليس رتبته.
القضية التي أثار انتباهي في الخبر على الخصوص، هو تهديد عبد اللطيف الحموشي لبعض ضباط الشرطة بأنهم سيتعرضون لعقوبات تطال أفراد عائلاتهم. إن كان هذا الأمر صحيحا، فعلى ضباط الشرطة الذين تم تهديدهم أن يلجؤوا للقضاء في الدول التي يقيمون بها مع تحميل الحموشي مسؤولية أي سوء يتعرض له أفراد عائلاتهم، لأنه في كل الأحوال تبين لنا عبر العديد من الأدلة بأن النظام البوليسي لا يستطيع مواجهة المغاربة الأحرار مواجهة شريفة، لأنه يعلم جيدا بأنه على باطل و يسير في طريق الفساد، و بالتالي لا يمكنه الرد، مفضلا إسكات كل صوت حر يفضح بلطجية هذا النظام، من خلال فبركة ملفات و تسخير القضاء للإجهاز عليهم بإغتيالهم معنويا، بدل إغتيالهم جسديا كما حصل لآخرين.
هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فقد ضحكت في نفسي كثيرا عندما قرأت بأن اللجنة إياها أرادت الحصول على إلتزام من الفارين من الشرطة بإحترام سرية المعلومات التي حصلوا عليها أثناء عملهم، وعدم الوقوع في أيدي جهات أجنبية وعدم المشاركة في أعمال معادية للوطن ..
على سبيل المثال ، دعم الحركة الإنفصالية الريفية ، ووعدت اللجنة بعض الضباط الذين قبلوا الجلوس معها خيرا إن إلتزموا بالسر المهني.
ترى عن أي سر مهني يمكن الحديث عنه ؟؟ ، في الوقت الذي توجد فيه أسرار الدولة سواء كانت عسكرية أو مدنية بين أيدي الكيان الصهيوني و فرنسا و أمريكا ؟ ، هل المسألة تتعلق حقا بأسرار المهنة أم بفضائح المسؤولين و عائلات مغربية معينة ؟؟ ، التي لا يريد النظام أن تخرج للعلن و يطلع عليها المغاربة ؟ ، وما الذي سيدفع هؤلاء الضباط لكي يقعوا في أيدي جهات أجنبية، و المقصود هنا طبعا الجزائر أو إسبانيا ؟.
هؤلاء الضباط ليسوا بأغبياء لكي ينخرطوا في أي عمل معاد لوطنهم، لأنهم عاشوا وسط شعب يعلمون مدى تخلفه و جهله و سهولة إستحماره، و بالتالي فليس لديهم أي إستعداد لكي يضحوا من أجل رعايا طبعوا مع الذل و التسول و الحقد. هؤلاء ضباط الشرطة يريدون أن يعيشوا في مجتمع تحترم فيه إنسانيتهم و يتمتعون فيه بحقوق لا توجد بوطنهم الأم. لهذا إختاروا المنفى بدل العيش في ظل نظام بوليسي لا يؤمن سوى بإذلال الناس و قمعهم و الحط من كرامتهم.
ضباط الشرطة النزهاء يعلمون جيدا بأن فضح الفساد و المفسدين لا يدخل في إطار إفشاء السر المهني. في المقابل يعرفون أن عدم فضح الفساد و المفسدين يعتبر تسترا و مشاركة في الجريمة. لأجل هذا أشجع كل الموظفين الشرفاء سواء كانوا عاملين بالشرطة أو المخابرات أن لا يتوانوا في فضح كل فاسد كيفما كان، لأن هذا يدخل ضمن عملهم، فلا يمكن أن يدعي أحد أنه يحارب تجارة المخدرات مثلا و في نفس الوقت لا يفضح مسؤولا متورطا مع تجار مخدرات أو في أي نشاط آخر مخالف للقانون. و الأهم هو، أن لا ينسى هؤلاء الضباط بأن التطبيع خيانة عظمى خاصة في ظل ما تعرض و يتعرض له الفلسطينيون من إبادة جماعية و كل تعاون مع الكيان الصهيوني هو خيانة و غدر في حق الشعب المغربي الرافض لأي تطبيع و في حق الشعب الفلسطيني. ذلك أنه لا مجال للحديث عن أي تعاون أمني مع دولة إرهابية تقوم بقتل الأطفال و النساء و الشيوخ ببرودة دم، بشهادة عدد من جنود الإحتلال الذين من ضمنهم يهود مغاربة.