رشيد بورقبة
من كان يتصور انه يأتي يوما على فرنسا ام الديمقراطية في اوربا و في العالم و تثور اوربا نفسها التي تعلمت الكثير من بلدانها الديمقراطية في المدرسة الفرنسية على الدولة الفرنسية في عهد احد المراهقين السياسيين الجدد في العالم الجديد ماذا يقول الجنرال الرئيس الماريشال ديغول الان عن الامانة التي تركها وراءه هل يغضب ام يكرر القاء مع الموت ثانية وثالثة و رابعة حزنا على فرنسا العريقة التي خاض اشرس الحروب من اجلها و كيف يفهم الماريشال حوادث البلطجة والعنف والاحتكاكات العنيفة بين الشرطة الفرنسية و الجماهير الشعبية الغاضبة من ساسة القرن الواحد و العشرين في فرنسا هل يقبل اعذار حفيده الجديد في قصر الاليزيه هل يغفر سقطات مستشاريه الذين من يوم الى يوم يدفعونه لكي يتورط اكثر فأكثر ثم هل يصلح ماكرون كرئيس لفرنسا العريقة التي تداول على رئاستها كبار الساسة في اوربا من قبل الماريشال وبعد الماريشال اعرف الجواب سلفا حتى قبل ان اقوم بصياغته سياسيا و اجتماعيا وثقافيا و فكريا لن يقبل ان يكون تلميذ عالم البنوك والمال ان يكون قبلا و بعدا رئيسا لفرنسا قبل ان يمر الى مرحلة الغفران التي بميكانيكا السياسة الجديدة في زمن الغولمة التي عامت امواجها على العجم و العرب و على الجميع ليست من عادة كبار العالم ايام العالم الكبير الذي كان يحكمه عظماء الكوكب الارضي ان يكون ليهم مواقف خائبة وعير مدروسة بل ان هذه الفصيلة من السياسيين الجدد لم يكن مسموحا لها ان تصل الى مراكز القيادة في بلدانها مهما كانت الدوافع و البواعث التي تدفع الى ذلك دفعا .
من الاساءة بمكان ان يصبح من يحكم فرنسا التي قادها في أصعب مراحل حياتها السياسية والعسكرية في خضم الظروف و الطوارئ عظيم عسكري وسياسي محنك حنكة استثنائية غير عادية يسمى الماريشال ديغول الذي مهما بلغ احترام و تقدير فرنسا اليه ان تعيد له القليل من ما بذله من جهد من اجلها ايام الحرب مع الالمان او لما اصبحت فرنسا حرة متخلصة من احتلال النازيين. اي سياسي في فرنسا لن يبلغ مبلغ الماريشال لدى الشعب الفرنسي بكل اطيافه لكن قيمة الرجل و مكانته العالية في قلوب الفرنسيين عموما و خصوصا لم تمنح الماريشال الكبير حظ خاصا جعله ينجو من غضب الشارع في نهاية الستينات من القرن الماضي هذا الشارع الذي كانت غالبيته من شباب الجامعات الفرنسية قرر ان يزيح الماريشال من على سدة الحكم و كرسي الرئاسة في فرنسا ولم يفديه لا تاريخه العظيم وما عمله من اجل الوطن منذ اربعينيات القرن الماضي من المنفى الى أرض الوطن ما فعله الماريشال لفرنسا كان بمقدوره ان يعطيه صكا أبيضا ناصع البياض ليس مجاملة ولا حبا فيه تزلفا تحت ضغط ما تفعله عادة جمهوريات الموز في أفريقيا مع رؤسائها المفروضين فرضا على شعوبهم المغلوبة على امرها لكن يوم انتفض طلبة الجامعات في فرنسا سنة 1968 لم يجد الماريشال بدا من إخضاع ارادته الى ارادة صناديق الانتخاب الحر لتقرير مصيره بكل حرية وديمقراطية وفق قانون ان لا سيد من الاسياد رئيسا كان او قائدا عسكريا فوق قانون الارادة الشعبية الصحيحة و الصادقة بعيدا عن اعتبارات اخرى مثل ما يزعم سارقو الأحلام الأمم و الشعوب المضطهدة في جمهوريات الموز.
الماريشال ديغول بعد ان قال الشعب الفرنسي له في انتخابات تحديد مصيره على رأس السلطة في فرنسا انتهى الوفاق و خلصت العهدة بيننا رد بنعم مفضلا الانسحاب الشريف على التشبث بسلطة أصبحت في نظره غير نزيهة و لا شريفة مادام الشعب الفرنسي لم يجدد له بقاءه رئيسا لفرنسا لأنه على يقين تام و هو الكبير الذي يرفض ان يصبح صغيرا غير مرغوب فيه من طرف شعبه الذي يحبه حبا يفوق كل من جاؤوا قبله وبعده هذا سيدي التاريخ يتحدث وليس احد اخر سياسي كان او قائد عسكري او مفكر عظيم و فرنسا اشتهرت دوما كونها بلد الفلاسفة و المفكرين الذين تجاوزت شهرتهم حدود فرنسا وأوربا .
اظن على الصغار من أمثال رئيس فرنسا الحالي الذي جاءت به جماعات المال و زبائن البنوك المالية الكبرى في فرنسا واوروبا و افريقيا التابعة الى سدة الحكم منذ تقريبا عهدتين من الآن ان يستفيدوا من دروس التاريخ انت يا ماكرون لن تعلو الى مستوى اقرب رئيس زمنيا الى عهدك و الشارع الذي انتفض بقوة فيها اصرار كبير غير عادي هذه المرة لن يخيب ابدا مهما بلغت عنجهية قوة الردع و العنف المستعمل ضده هذه الايام و اني صراحة ارى منحنى الانحدار نحو السقوط الحر لعهد اثقل على المواطنين كثيرا قد بدأت ترتسم نهايته في الافق بشكل واضح جدا مادام الشعب الفرنسي تنازل عن حبه الاسطوري الى الماريشال بدون اسف ذات مرة عندما قرر التغيير>