رغم الأزمة بين إسبانيا والجزائر.. دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا تكثف علاقاتها مع الجزائر لمكانتها الاستراتيجية بفضل الغاز
لم تمنع الأزمة التي اندلعت بين الجزائر وإسبانيا باقي الدول الأوروبية من تكثيف الاتصالات مع الجزائر من أجل تطوير العلاقات في القضايا السياسية والملفات الاقتصادية، فبعد إيطاليا جاء دور فرنسا وألمانيا، ويعد الغاز مفتاح نوعية هذه العلاقات.
وتعرضت العلاقات بين الجزائر وإسبانيا الى نكسة حقيقية خلال الأسابيع الأخيرة، فقد مالت إسبانيا الى دعم الحل السياسي المتمثل في الحكم الذاتي على مبدأ تقرير المصير في المستعمرة الإسبانية السابقة الصحراء الغربية.
واعتبرت الجزائر الموقف الإسباني انتصارا للمغرب على حسابها. وردت بمجموعة من الإجراءات منها بالخصوص سحب السفير من مدريد خلال شهر مارس الماضي وتعليق اتفاقية الصداقة الموقع عليها سنة 2002. وتحظر وفي صمت الشركات المحلية استيراد منتوجات إسبانية منذ الخميس الماضي.
وعلى الرغم من تحذير الاتحاد الأوروبي الجزائر من مغبة حظر واردات من إسبانيا، لم تتعاطف ولم تتضامن دول أوروبية لديها مصالح في الجزائر مع إسبانيا. وعندما نشبت أزمة إسبانيا مع المغرب بعدما تسرب آلاف المغاربة ال جيب سبتة الصيف الماضي، قلل الاتحاد الأوروبي العلاقات مع المملكة المغربية، وهذه المرة يحاول التريث ليتفادى تصعيد الجبهة الجنوبية للحدود الأوروبية في وقت هو منشغل بالعملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا في الجبهة الشرقية من الحدود.
ويعترف موظفون في المفوضية الأوروبية بصعوبة التصعيد مع الجزائر أو الانخراط في دعم كبير لصالح إسبانيا لأن المفوضية ترى أنه من الأحسن ترك باب الحوار مفتوح الآن ومنح وساطات دول أخرى فرصة لتجاوز الأزمة.
ولا يبدو أن هناك دول أوروبية تقوم بالوساطة بل تعزز علاقاتها مع الجزائر التي عززت من موقعها بالنسبة للاتحاد الأوروبي بفضل الغاز.
فقد بادرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا الى الاتصال أمس بنظيرها الجزائري رمطان لعمامرة من أجل تعزيز العلاقات بين البلدين. وحرصت الجزائر على إظهار أن الاتصال جاء من الجانب الفرنسي. وتقول قصاصة وكالة الأنباء الجزائرية “وحسب بيان لوزارة الخارجية، تلقى الوزير لعمامرة اتصالا هاتفيا من نظيرته الفرنسية كاثرين كولونا، حيث سمحت هذه المحادثات الأولى من نوعها بالوقوف على جودة وكثافة العلاقات الجزائرية الفرنسية، إلى جانب المواعيد الهامة المتاحة لضمان تنشيطها في عدة مجالات”.
أبرز البيان الدبلوماسي الجزائري أن “لعمامرة شدد خلال الاتصال على تمسك الجزائر بأن تكون العلاقات بين الشركاء في منطقة البحر الأبيض المتوسط موافقة للشرعية الدولية، وأن تكون بمنأى عن أي تأزيم نتيجة سياسات هروب إلى الأمام غير مسؤولة”، ويوجه لعمامرة الخطاب الى الجانب الإسباني بعدما وصف بيان رئاسة الجزائر الأسبوع الماضي موقف مدريد بتأييد الحكم الذاتي هروبا الى الأمام.
وبعدما أشادت الجزائر بقوة ألمانيا والتطلع نحو تطوير العلاقات معها، استغلت برلين مناسبة ذكرى 60 سنة لبدء العلاقات الثنائية، وأوفدت نائبة وزيرة الخارجية كاتيا كول التي عاشت جزء من طفولتها في الجزائر وهي من الخضر ومعروفة بمواقفها المؤيدة للقضية الصحراوية.
وأجرى وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة مباحثات مع المسؤولة الألمانية، تركزت حول تطوير العلاقات في المجال الصناعي والعلمي والثقافي. ولم تجد برلين زيارة نائبة وزيرة الخارجية رغم أزمة الجزائر مع إسبانيا.
وعلقت جريدة “الشروق” الجزائرية اليوم الثلاثاء في مقال لها بأنه ” في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة العلاقات بين الجزائر وإسبانيا، تتعزز العلاقات مع كبرى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (ألمانيا وإيطاليا خاصة)، في تطور من شأنه أن يضيف المزيد من المتاعب لحكومة بيدرو سانشيز، التي تتجه نحو العزلة يوما بعد آخر”.