رغم التوتر بين المغرب والبرلمان الأوروبي … دينامية جديدة للشراكة والتعاون في عدة مجالات

Advertisement

الرباط  :عقب توتر شهدته العلاقات بين المغرب والبرلمان الأوروبي على خلفية مواقف هذا الأخير تجاه المغرب في قضية حقوق الإنسان، ما دفع البرلمان المغربي بغرفتيه للإدانة واعتبار ما وقع «استهدافا للمكانة الدولية والقارية للمغرب»، وقَّعت الرباط والاتحاد الأوروبي، الخميس، اتفاقية تتعلق بـ 5 مشاريع تقوم بها المملكة في مجالات اجتماعية واقتصادية وزراعية وفي مجال الطاقة، بقيمة إجمالية 5.5 مليارات درهم (حوالي 500 مليون يورو).
وجرى توقيع الاتفاقية خلال زيارة قادت المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع، أوليفر فاريلي، إلى المغرب، مؤكدا في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة على «الأهمية القصوى لشراكة الاتحاد الأوروبي مع المغرب» وقال إن المغرب «شريك إستراتيجي وقوي للاتحاد الأوروبي»، كاشفا أن المغرب سيحصل على أكثر من ملياري يورو على هيئة منح حتى عام 2027.
وأشاد المسؤول الأوروبي بالإصلاحات التي يقوم بها المغرب في مجالات اجتماعية واقتصادية، واصفا إياها بأنها «طموحة تقترب من المعايير الأوروبية»، وأضاف: «نؤيد سياسة الحكومة المغربية المتمثلة بتقديم الوظائف والفرص الاقتصادية للشركات الصغيرة والمتوسطة. كما ندعم صندوق محمد السادس للاستثمار لتمويل الاستثمارات والمشاريع الكبرى».
وعلى هامش الزيارة، أجرى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، مباحثات ثنائية، مع أوليفر فاريلي، ‏المفوض ‏الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع، الذي يقوم بزيارة عمل إلى ‏المغرب‎.‎

رئاسة الحكومة المغربية قالت إن هذه الزيارة، «وهي الثانية لفاريلي في أقل من عام إلى ‏المغرب، يعكس اهتمام المفوضية الأوروبية بالمملكة كشريك ‏استراتيجي»‎.‎
وأشاد رئيس الحكومة المغربية والمسؤول الأوروبي بالدينامية ‏التي طبعت العلاقات بين المغرب والمفوضية الأوروبية، ‏خلال السنوات ‏الثلاث الماضية، مسفرة عن توقيع سلسلة من الاتفاقيات، التي ‏تندرج في إطار توصيات النموذج التنموي ‏الجديد للمملكة، وتستجيب ‏للأولويات المحددة من طرف العاهل محمد السادس، وتقوم الحكومة بتنفيذها، خاصة في مجال ‏الحماية الاجتماعية والماء ‏والفلاحة.‏
للتعليق على الاتفاقية المهمة، يرى محمد بودن، رئيس «مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية»، أن الزيارة التي قام بها المفوض الأوروبي المُكلَّف بسياسة الجوار والتوسع أوليفر فاريلي للمغرب دليل على أن عوامل تعزيز الشراكة واسعة النطاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي متنوعة بما يمثل دافعا قويا ينعكس إيجابا على مصالح الجانبين، فالعلاقات المغربية – الأوروبية طويلة الأمد لا تتوقف على عمرها وطابعها التقليدي فقط بل ترتكز أيضا على المبادرات والالتزامات المشتركة بين الجانبين.
ولفت بودن متحدثا لـ «الشروق نيوز 24»، أن المغرب يُميِّز بشكل واضح بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي، فالعلاقة مع البرلمان الأوروبي، وبفعل وجود تأثيرات سلبية من طرف بعض التيارات، لا يمكنها أن تحُدَّ من طموح العمل المشترك مع المفوضية الأوروبية ومجلس أوروبا والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية المشتركة والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وغيرها من المؤسسات التي يتقاسم معها المغرب قيما مشتركة ويتمتع معها بوضع متقدم، لكن المغرب يعبّر بوضوح عن رفضه القاطع لأي تقييم لنموذجه الحقوقي أو تدخُّلٍ في سيادته القضائية، ومن هذا المنطلق فإن النموذج المعياري لعلاقات ثنائية جيدة يرتكز بالأساس على الاحترام المتبادل والشفافية.
ومن وجهة نظر إستراتيجية، يعتبر المحلل السياسي المغربي أن دينامية العلاقات المغربية-الأوروبية سيكون لها تأثير إيجابي على انفتاح المفوضية الأوروبية على مجالات جغرافية جديدة بالشراكة مع المغرب، من منطلق تاريخ المملكة المغربية كشريك يتمتع بمصداقية كبيرة ومكانة جيو-سياسية مستحقة في أفريقيا والعالم العربي والفضاء الأورو متوسطي والشرق الأوسط، إلى جانب مساهمة المغرب الحقيقية في السياسات الإقليمية والطلب المتزايد على مواقفه البنَّاءة والمتوازنة التي تصب في مصلحة السلام والأجندة الإصلاحية دوليا، وبالتالي فإن عدد الأطراف الذين يتقاسمون اليوم مع المغرب وجهات نظره يزداد باستمرار داخل أوروبا وخارجها.
وأبرز الأكاديمي أن العلاقات المغربية – الأوروبية، اليوم، تكتسب حيوية جديدة في الوقت الذي كانت فيه الأسئلة أكثر من الأجوبة في نسق هذه العلاقات المحاطة بتوقعات إيجابية، ما يجعل من زيارة أوليفر فاريلي للمغرب زيارة ناجحة من حيث استكشافها لمحاور جديدة تجعل من المغرب الوجهة الرئيسية لمشاريع الاتحاد الأوروبي جنوب المتوسط بقيمة 5,5 مليار درهم في مجالات دعم الحماية الاجتماعية والتحول الأخضر وإصلاح الإدارة العمومية وتدبير الهجرة والإدماج المالي، وهي برامج ستمكن من تجسيد تعاون عملي براغماتي بين الجانبين.
الزيارة أكدت أن التعاون يمثل أولوية في أجندة الطرفين، يقول رئيس «مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية». كما أنها سمحت بإثراء الشراكة المغربية – الأوروبية بمشاريع وأفكار جديدة وفي النهاية الهدف هو الارتقاء بهذه الشراكة إلى أفق جديد مما سيُقلِّل من تأثير بعض التحركات الهامشية على مضمون العلاقات المغربية – الأوروبية إلى الحد الأدنى.
وأضاف المتحدث أن الكثير من المحطات والزيارات المتبادلة أثبتت أن العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي هي العلاقات الأكثر تطورا وديناميكية في ضفتي المتوسط والتعاون العملي بين الطرفين، ما يسمح بالاستفادة من ثلاث فرص أساسية انطلاقا من فرصة التكامل المتبادل في قضايا حيوية تخص الاقتصاد الأخضر والأمن وتدبير تدفقات الهجرة، فضلا عن فرصة التنافسية وجاذبية الأسواق التي يمكنها أن تكون في مصلحة هيكل التجارة الثنائية بما يعكس إمكانيات الشراكة، ثم ما تُشكله من فرصة للتفاهم المتبادل والحوار حول المصالح الإستراتيجية للطرفين. وهذه الزيارة والمواقف الايجابية لعدد من البلدان الأوروبية حول سيادة المغرب على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي تعكس أن هناك مزيدا من الجهود لتعزيز التواصل المغربي – الأوروبي وتدبير بعض الفترات في العلاقات بسلاسة.
وختم محمد بودن حديثه لـ «الشروق نيوز 24»، قائلا إن «المملكة المغربية بحكم دورها النشط في تشكيل الملامح الاستراتيجية للمنطقة والعمل الدبلوماسي في مختلف الاتجاهات، يجعل منها ركيزة أساسية في مختلف المبادرات متعددة الأطراف لدعم الاستقرار والازدهار واستمرار التنسيق المغربي الأوروبي، ما يمثل عامل استقرار في الشؤون الإقليمية بما لا يدع مجالا للصعوبات الظرفية أن تحل محل فرص المستقبل».

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.