الرباط : أثار إعلان الصيادلة المغاربة عزمهم على تنفيذ إضراب عامّ يوم 13 من نيسان/أبريل الحالي، جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، على خلفية تقرير «للمجلس الأعلى للحسابات»، فضلاً عن عزم الحكومة اعتماد قانون جديد يقضي بتحديد أثمان الأدوية دون إشراك مهنيي القطاع.
قصة غضب الصيادلة ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى ما قبل رمضان، حين صدر تقرير المجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة رسمية) الذي تحدث عن هامش أرباح في القطاع تصل إلى 57 في المائة، عندها ثارت النقابات الممثلة للمهنيين من أرباب الصيدليات، وتوالت التعليقات المستنكرة وتوجت بندوة صحافية قيل فيها الكثير من التوضيحات. وتشبث الصيادلة بوصف المعطيات الواردة في تقرير المجلس الأعلى للحسابات بـ «السطحية»، مؤكدين أن الهامش الربحي المتوسط الصافي للصيادلة في المغرب لا يتعدى 27 في المئة.
أما بخصوص طائفة من الرأي العام المغربي، فإن الغضب نفسه من الصيادلة ما زال ساري المفعول في الواقع كما في منصات التواصل الاجتماعي، وقد تم التعبير عنه سابقاً بالمطالبة بتدخل الحكومة لوقف ارتفاع أسعار الأدوية.
وعبّر الصيادلة عن أسباب نزول الإضراب، في بيان لكل من «الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب»، و»الكونفدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب»، و»النقابة الوطنية لصيادلة المغرب»، و»الاتحاد الوطني لصيادلة المغرب»، أشار إلى «رفض أوضاع باتت هشة». ويضيف البيان العديد من العبارات من قبيل «اختل فيها التوازن الذي يؤطر العلاقة ما بين الدوائر الحكومية وهياكل الصيدلة في المغرب»، لكن الأهم أنهم يعتبرون الإضراب «قناة لتصريف الاحتقان إلى حين التفاعل بأسلوب جدي وعملي مع مختلف مطالب التمثيليات النقابية الوطنية للصيادلة».
الإضراب الذي حُدد تاريخه، قالت النقابات المهنية إنه الأول وسيليه إضراب ثان مدة يومين متتاليين يحدد موعدهما في وقت لاحق.
الصيادلة المغاربة بعد التوضيحات التي نهلت من معين اللغة الاجتماعية للنقابات العمالية، وتحدثت عن «الهشاشة» وغيرها، وصلت في بلاغها إلى حديث الأسعار الخاصة بالأدوية، وهو مربط الفرس، إلى جانب التنفيس عن الغضب من تقرير المجلس الأعلى للحسابات. المهنيون الذين يتهمون الحكومة بعدم «الاعتراف بالصيدلي شريكاً أساسياً لا غنى عنه في ترقية المنظومة الصحية «، قالوا في بيانهم إن ما أجج الوضع أيضاً الإعلان عن عزم الحكومة إصدار قانون يتعلق بتحديد أسعار الأدوية «مع تهميش كلي لإشراك ممثلي الصيدليات في اتخاذ هذا القرار».
المهم أن قرار الإضراب اتخذ وسينفذ في 13 من نيسان/ أبريل الحالي، وتداول الجميع البلاغ أو الملصق الذي تم تعميمه على نطاق واسع من أجل تنبيه المواطنين لعدم توفر الأدوية في اليوم الموعود.
البيان الموقع من طرف النقابات الأربع، فصل في الأسباب وحدد المطالب بشكل ضمني، ويضاف إليه ما قيل في ندوة صحافية نظمتها كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب في الدار البيضاء، والتي اعتبرت قرار الإضرار «اضطرارياً وليس اختيارياً».
في الجهة المقابلة، الرأي العام المغربي اتخذ جانب مهم منه موقفاً رافضاً لقرار الصيادلة، وواصلت التدوينات غضبها من المهنيين، وانتشرت بعبارات مختلفة ومتنوعة لكنها تحمل في طياتها الدلالات نفسها.
إحدى التدوينات قصدت رأساً الصيادلة، متهمة إياهم برفض خفض أسعار الأدوية التي ستعلن عنها الحكومة قريباً بعد تعديل القانون. ووفق التدوينة، فإن سبب الإضراب يعود إلى كون «الدولة تنوي في الأيام المقبلة اعتماد قانون جديد يقضي بتحديد أثمنة الأدوية دون إشراك الصيادلة»، وتضيف التدوينة كخلاصة: «يعني سيتم تخفيض أثمنة بعض الأدوية حتى تكون في متناول المواطن، وبالتالي سينقص هامش الربح ديال الصيدليات… وهذا يرفضه الصيادلة، ولذلك قرروا الإضراب والتصعيد».
وأشارت الصفحة في تدوينتها إلى أن «المجلس للحسابات (مؤسسة دستورية مستقلة) في التقرير الأخير قال إن أرباح الصيادلة تتراوح بين 47٪ و57٪ وفق فئات الأدوية».
معظم التدوينات عزا كاتبوها السبب الحقيقي لإضراب الصيادلة إلى تقرير المجلس، وتنضاف إليه مسألة تحديد أسعار الأدوية من خلال اعتماد قانون جديد بهذا الخصوص. وتجد العديد من العبارات المتحاملة على المهنيين في القطاع، وبعضها يحاول توجيه دفة النقاش إلى الأسباب وليس المطالب. فأمام ملصق يقول «أختي المواطنة أخي المواطن، صيدلتكم مستهدفة»، نجد تدوينة تشير إلى أن قرار الإضراب جاء «بعد تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي أوضح أن هامش أرباح الصيادلة في المغرب هو الأعلى مقارنة مع عدة دول، بأكثر من 50٪».
لكن المثير الذي يصادف المتجول في بقاع التواصل الاجتماعي ومنصاته، بعض التدوينات التي غاصت أكثر في الموضوع وتناولته من زاوية مختلفة تماماً، ومنها ما كتبه إيخيش عبد الرحيم، الذي وضع الحد الفاصل بين الشغيلة وأرباب الصيدليات، وكان لمقاله عنوان هو «شغيلة الصيدليات بين عدم اهتمامها بقضيتها العادلة والتطبيل لإضراب الصيادلة»، واعتبر اهتمام الشغيلة بإضراب الصيادلة «ملغوماً» والقيام بـ «دعاية مجانية» و»غير مسؤولة»، وطرح العديد من الأسئلة التي هي إجابات في حد ذاتها، ومنها «هل فعلاً هذه الشغيلة على علم بما هو الهدف من إضراب الصيادلة أم ترويجها مجاني واعتباطي في الوقت نفسه؟».
وبعيداً عن تدوينة تخوض في العلاقة بين الصيدلي صاحب الصيدلية وبين المستخدم، نعرج على تدوينة نشرتها صفحة «من أجل مغرب حر»، وعززتها بصورة من مقال ليومية «المساء». ووفق التدوينة، فإن «نسبة أرباح الصيادلة المغاربة تعد الأولى عالمياً، حيث تصل إلى %57، لكن هذه المعطيات جعلت الصيادلة يتهمون مجلس الحسابات بزعزعة استقرار القطاع ودفعه إلى الإفلاس… ويقررون الدخول في إضراب».
وأضافت: «لم يروا المواطن المسكين الذي تزعزعه تكلفة طبيب كشف عليه لمدة 10 دقائق، ويزعزعه الصيادلة أكثر عند وصوله إليهم بأسعار الدواء المرتفعة مقارنة بباقي دول العالم».
Advertisement
Advertisement