ضرب وسبّ واعتقالات.. أحزاب ونقابات تونسية تندد بقمع المتظاهرين وتحذر من عودة الدولة البوليسية…

Advertisement

نددت أحزاب سياسية وهيئات حقوقية وصحفية تونسية ودولية بـ”النهج البوليسي القمعي” الذي تعاملت به أجهزة الأمن الجمعة مع المتظاهرين الذين خرجوا احتفالا بذكرى الثورة التونسية واحتجاجا على ما يسمونه “انقلاب” الرئيس قيس سعيّد على الديمقراطية في تونس.

واستنكرت أكثر من عشرين منظمة غير حكومية تونسية، السبت، “القمع البوليسي” والاعتداء “الهمجي” على الصحفيين والمتظاهرين خلال الاحتجاجات.

ودعت المنظمات غير الحكوميةن بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومحامون بلا حدود، في بيان مشترك السلطات القضائية إلى “تحمل مسؤولياتها وفتح تحقيق في الممارسات الأمنية التعسفية التي طالت مئات” الأشخاص.

وأفادت مصادر حقوقية بأن النيابة العامة قرّرت إيقاف 15 متظاهرا بينهم القيادي المستقيل من حزب ائتلاف الكرامة عماد دغيج، بينما أمرت بإطلاق سراح 17 آخرين، وذلك على خلفية مظاهرات الجمعة في شارع الحبيب بورقيبة محتفلة بذكرى سقوط نظام زين العابدين بن علي.
وأضافت هذه المصادر أن النيابة العامة وجهت للمحتجين عددا من التهم، بينها مخالفة التدابير الصحية والتجمهرُ بالطريق العام و”هضم جانب (الإساءة إلى) موظف أثناء قيامه بعمله”، في إشارة إلى ما اعتبرته إساءة من بعض المتظاهرين إلى أفراد الشرطة.

وكانت حملة “مواطنون ضد الانقلاب” قالت إن قوى الأمن التونسية نفذت حملة اعتقالات ضد متظاهرين “دون أدنى احترام لحقوق الإنسان”.

 

إهانة وتعنيف.
واتهمت “الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب” في تونس، اليوم السبت، قوات الأمن “بالإفراط” في استخدام القوة ضد المتظاهرين الجمعة.
وقالت الهيئة (دستورية، مستقلة)، في بيان، إنه إلى جانب الإفراط في استخدام القوة كان هناك “إهانة وتعنيف لمن تم إيقافهم حتى بعد السيطرة عليهم وتقييد حركتهم”.

وأشار البيان إلى “استخدام القنابل المسيلة للدموع والمفرقعات (القنابل) الصوتية وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، فضلا عن الاعتداء اللفظي والبدني على العديد من المواطنين والإعلاميين والحقوقيين”.

وأضاف أنه تم كذلك اختراق صفوف المتظاهرين بواسطة الدراجات النارية والسيارات الأمنية، مما أسفر عن بعض الإصابات التي استدعت تدخل الحماية المدنية.

ولفت البيان إلى أن بعض الأمنيين غير المؤطرين قاموا بالتضييق على أعضاء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب أثناء أدائهم واجبهم المهني، رغم حملهم الشارات وارتدائهم ملابس مميزة وظاهرة للعيان.

 

قمع حريات.
وحذر حزب العمال (يسار) التونسي -اليوم السبت- من تصاعد وتيرة قمع حرية التعبير في تونس منذ “انقلاب” يوليو/تموز 2021، ودعا في بيان كل القوى الديمقراطية إلى التصدي إلى ما وصفه بـ”النهج القمعي الذي كانت أعمال العنف الوحشي المسلطة على المتظاهرين أمس بالعاصمة صورة من صوره البشعة”.

واعتبر الأمين العام لحزب العمال حمّة الهمامي أن قمع المحتجين المعارضين للرئيس “عودة للدولة البوليسية بقيادة قيس سعيّد”، وأضاف أن إغلاق شارع الحبيب بورقيبة هو “قرار سياسي بالأساس، هدفه قمع الحركات الاحتجاجية”، بحسب تعبيره.

ورجح الهمامي أن تشهد البلاد “تصعيدا للقمع وحربا ضد التحركات الاحتجاجية والإعلام بعد الحرب على القضاء”، بحسب تعبيره.

من جهتها، دانت حركة النهضة التونسية بشدة ما سمته “الاعتداء على الرموز السياسية” ومنع المتظاهرين الرافضين لإجراءات الرئيس قيس سعيّد من التعبير بحرية عن آرائهم.

ونددت الحركة في بيان بـ”تسليط أشكال متنوعة من العنف البوليسي ضد المحتجين، كالضرب بالهراوات والرش بخراطيم المياه المضغوطة والملوثة واستعمال الغاز المسيل للدموع”. وتحدثت الحركة عن “اختطاف” عدد من المحتجين بغرض ممارسة ضغوط على المتظاهرين المدنيين السلميين وإرهابهم.

كما أكد بيان مشترك للحزب الجمهوري والتيار الديمقراطي وحزب التكتل، عزمهم تقديم شكوى إلى النيابة العامة ضد وزير الداخلية، بسبب الاعتداء بالعنف الشديد على المحتجين واختطافهم، مطالبين بتحقيق فوري وبالإفراج عنهم.

“خدمة الانقلاب”
من جانبه، ندد حزب التيار الديمقراطي بـ”القمع الممنهج” وبـ”تطويع وزارة الداخلية لخدمة سلطة الانقلاب”. وقال في بيان إن الحزب يعتزم تقديم شكوى للنيابة العامة ضد وزير الداخلية.

ودان البرلمان التونسي المعلق من قبل الرئيس سعيّد ما وصفها بـ”الاعتداءات السافرة التي مست قياداتٍ سياسيةً ومدنية ومواطنين” شاركوا في مظاهرات الجمعة بالعاصمة.

وطالبت رئاسة البرلمان -في بيان- بإطلاق سراح المختطفين والموقوفين والمسجونين، مشددة على أن التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق يكفله الدستور والمواثيق الدولية.

وذكر البيان “أن الشعب قادر على الدفاع عن حقوقه ومستعد للتضحية بالمزيد لاستكمال الانتقال الديمقراطي”.

 

إرهاب الصحفيين.
ودانت نقابة الصحفيين التونسيين -اليوم السبت- “اعتداءات قوات الأمن الخطيرة وغير المسبوقة” على الصحفيين، خلال تغطيتهم مظاهرات الجمعة المناهضة لإجراءات الرئيس قيس سعيّد.

وقالت النقابة -في بيان- إنها سجلت أكثر من 20 اعتداء، حيث استهدفت قوات الأمن الصحفيين والمصورين الصحفيين بالعنف الشديد خلال تصديها لمحاولة المحتجين دخول شارع الحبيب بورقيبة.

كما نددت النقابة في بيانها بشدة “بالعنف الهمجي والتوقيفات” التي مارستها قوات الأمن في حق المواطنين، وقالت إن ذلك “يكرس دولة القمع البوليسي عوض دولة الأمن الجمهوري”.

واعتبرت النقابة أن ما حدث “خطوة إلى الخلف نحو مزيد من التضييق على الحريات العامة، ومن بينها حرية التعبير وخاصة حرية الصحافة”.

وأكدت النقابة أنها ستشرع في رفع قضايا “ضد المعتدين على الصحفيين”، وأعربت عن استعدادها للدفاع عن حرية التعبير والصحافة والإعلام.

بدوره، ندد مرصد الحقوق والحريات في تونس بما سماه “العنف المادي والمعنوي” وبـ”الانتهاكات التي تعرض لها عدد من المواطنين يوم الجمعة”، وأعرب عن مساندته القانونية والحقوقية لكل الضحايا والمتضررين، كما جدد الدعوة لإبعاد المؤسسة الأمنية عن التجاذبات السياسية.

 

الأجانب أيضا.
وأكدت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تعرّض مراسلها ماتيو غالتيي لـ”ضرب عنيف” في تونس من قبل الشرطة، بحيث مُنع من تغطية مظاهرات الجمعة، بحسب ما أعلنت الصحيفة الفرنسية ونادي المراسلين الأجانب في شمال أفريقيا.

وكتبت صحيفة ليبراسيون على موقعها الإلكتروني “بينما كان يُغطّي مظاهرة مناهضة للرئيس قيس سعيد الجمعة، تعرّض مراسلنا ماتيو غالتيي لضرب عنيف من قبل عدة شرطيين. وتُدين إدارة الصحيفة بشدّة هذا الهجوم”.

وروى غالتيي ما حصل، قائلًا “بدؤوا يضربونني من كلّ الاتجاهات، طُرحت أرضا، وكنت أصرخ: إنني صحفي. أحدهم رشّ الغاز عليّ من مسافة قريبة، ركلوني، في نهاية الأمر، أخذوا هاتفي وبطاقتي الصحافية وتركوني هناك”.

وأشار المراسل إلى أن أغراضه أُعيدت له بعد أن قدّم له عناصر الفرق الطبية الإسعافات، باستثناء شريحة الذاكرة الخاصة بهاتفه، التي كان عليها الصور ومقاطع الفيديو التي صوّرها خلال الاحتجاج.

22:57
وندّد نادي المراسلين الأجانب في شمال أفريقيا في بيان “بأعمال العنف الممارسة من قوات الأمن على الصحفيين الذين كانوا يغطّون الاحتجاجات” في تونس، والتي وصل فيها العنف “إلى مستوى غير مسبوق منذ تأسيس نادي المراسلين الأجانب في شمال أفريقيا عام 2014”.

والجمعة، منعت قوات الأمن المتظاهرين من الوصول إلى شارع بورقيبة، واستخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريقهم، تزامنا مع الذكرى 11 للثورة التي أطاحت بحكم الرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011).

وجاءت الاحتجاجات -أمس الجمعة- استجابة لدعوات من مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب”، وأحزاب “النهضة” و”التيار الديمقراطي” و”التكتل” و”الجمهوري” و”العمال”، رفضا لإجراءات الرئيس سعيّد.

وتعاني تونس أزمة سياسية منذ 25 يوليو/تموز الماضي، حين فرضت “إجراءات استثنائية” منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.

وترفض غالبية القوى السياسية والمدنية بتونس هذه الإجراءات، وتعتبرها “انقلابا على الدستور”، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها “تصحيحا لمسار ثورة 2011”.

 

موقف الرئيس.
من جهته، قال الرئيس التونسي قيس سعيّد إن الدولة التونسية واحدة وشعبها واحد وقوانينها واحدة.

وأكد الرئيس سعيّد خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء أنه لن يُتسامح مع من يحاول إسقاط الدولة، أو توظيف مرافقها التي قال إنها يجب أن تظل عمومية ومحايدة.

وبحث سعيّد، اليوم السبت، مع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي الوضع العام في البلاد.

وقال الاتحاد في تدوينة على صفحته الرسمية بفيسبوك “انتهى منذ حين لقاء مطول جمع قيس سعيّد رئيس الجمهورية بنور الدين الطبوبي الأمين العام، وتناول الوضع العام في البلاد”، دون مزيد من التفاصيل.

وأمس الجمعة اتهم الاتحاد سعيّد “بالتفرد في إعداد الموازنة العامة الجديدة، وعدم الرغبة في إجراء تغيير حقيقي”.

وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أكدت، في بيان، أن قوات الأمن “تحلّت بأقصى درجات ضبط النفس، وتدرجت باستعمال المياه لتفريق المتظاهرين الذين تعمّدوا اقتحام الحواجز ومهاجمة عناصر الأمن” في مظاهرات الجمعة.

وأضافت أن تفريق المتظاهرين جاء “لخرقهم قرارا حكوميا بمنع جميع المظاهرات بالفضاءات المفتوحة والمغلقة في هذه الفترة للوقاية من تسارع انتشار فيروس كورونا”.

متابعة…

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.