عبد الرحيم ولد دادة / كلميم ..
شاهدت الساحة السياسية الوادنونية يوما محزنا وصل إلى حد النخاع، ويتعلق الأمر بوفاة الرجل السياسي المعروف في جهة كلميم واد نون ببلفقيه، أحداث هذا الحادث المفجع والمؤلم كما وصفه ساكنة المنطقة سنسردها من البداية إلى النهاية، فأولا كان الرجل دخل ميدان السياسة سنة 2003، حيث إنخرط في حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، أي أبجديات السياسة تتلمذها في يد هذا الحزب، أي يتبنى المرجعية اليسارية، فمنذ ذلك الحين، إستطاع أن يبني قاعدة جماهرية ضخمة تعطيه مقاعد مهمة في مجالس الجهة ومجالس العمالات والأقاليم وكذا الجماعات الترابية، دون أن ننسى البرلمان، فإذا نظرنا من منظور السياسة وحصد أصوات الناخبين نتفق على أن الرجل ناجح سياسيا، لأن من الصعب جدا حصد أصوات مهمة في جميع أقاليم جهة گلميم واد نون، وخاصة في ظل المنافسة القوية التي تكون بين الأحزاب من أجل الظفر بأكبر عدد ممكن من أصوات الناخبين، لكن في إستحقاقات 8 شتنبر حدث تحول ملحوظ في منهجية بلفقيه، لاسيما إنتقاله من حزب الإتحاد الإشتراكي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، هذا الإنتقال بالضبط مقواد كل ما جرى، فهل بلفقيه فعلا إقتنع التخلي من حزب ترعرع فيه سياسيا بدون قيد أو شرط، أم أن الأمر فيه كواليسه شيء يمكن الوصول إلى حقيقته بصمودنا في النبش في هذه الأحداث ؟؟ . جل ما توصلنا إليه أن الراحل أعطيت له وعود من طرف الأمين العام لحزب الجرار عبد اللطيف وهبي مفادها أن كل القضايا الموجودة في المحاكم ضد بلفقيه مصيرها التكدس في رفوف المحكمة وكأنها لم تكن، خاصة وأن طبيعة الملفات ليست بالأمر الهين، صدق الراحل مضمون الكذبة ووافق على العرض، وقبل إنتخابات الغرف المهنية بأيام قليلة أعلن بلفقيه إستقالته من جميع هياكل حزب الورد، لم تمر سوى يوم واحد وأعلن أيضا إنضمامه لحزب الجرار وذلك بعد أن يلتقي مع وهبي الأمين العام لحزب الجرار في مراكش، فحسب بلفقيه كل شيء على ما يرام، أي سوى وضعيته مع الحزب الجديد وسوى قضية القضايا التي تروج في قاعات المحاكم، بمعنى آخر تهم الموجهة لبلفقيه قبرت نهائيا، وهذا ليس بكلام بعض المراسلين الذين يبحثون عن الشهرة فحسب، بل كلام أحد قيادات حزب الإتحاد الاشتراكي لشگر، حيث قال بالحرف في مقابلة مع السلطة الرابعة بأن إغراء بلفقيه من قبيل تجميد ملفاته في دهاليز القضاء هو من أدى إلى إستقالته في حزبه، وهل هذا الكلام يعتبر كلاما عاديا سيما أتى من مصدر موثوق ؟ أليس هذا الكلام الذي أتى من أحد قيادات حزب الوردة يفقد المصداقية في مؤسسة القضاء المغربي ؟ هل هذا الكلام فعلا يجعلنا نثق ثقة عمياء في إستقلالية السلطة القضائية كما في الدستور المغربي وأمام ايدي امير المؤمنين ومن دولة ذات مرجعية إسلامية ؟ بمجرد طي هذه الصفحة من لدن النيابة العامة ولم تقل على الأقل فتح تحقيق في هذا الموضوع أي في فحوى هذا الكلام فما زال المغرب يصول ويجول في دهاليز الإنحطاط قضائيا ويجب إعادة النظر في هذه المؤسسة.
خلاصة الكلام، قضية الإنتخابات في المغرب قضية الكراسيي، قضية قضاء الحوائج الخاصة، لنتمم الكلام في قضية وهبي ونزع التزكية من المرحوم بلفقيه..
مرت الإنتخابات التشريعية والمحلية والجهوية 8 شتبر وبدأت المجالس في تشكيل الفريق، تفاجئ الجميع بخروج السيد وهبي بقرار مفاده سحب تزكية الترشيح لمجلس جهة گلميم واد نون من بلفقيه، وهذا القرار لم يأت حتى مرت فترة وضع الترشيحات بساعات قليلة، مما يدل على أن هذا التصرف مدروس جدا، والهدف منه إقصاء بلفقيه من الترشح لهذه الجهة، لأن لو خرج السيد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة بهذا القرار ساعات قبل إقفال فترة الترشيح لأخذ التزكية من حزب آخر، لكن رغم كل هذا فعبد الوهاب بلفقيه ذكي جدا، حيث قام بالإتصال مع البرلماني السابق محمد أبودرار إبن بلدته بوطلب منه الترشح لرئاسة الجهة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن بلفقيه شعر بشيء غير مفهوم من طرف وهبي، والنتيجة على ذلك لو سحب وهبي التزكية من بلفقيه فسيدعم هو إبن بلدته، بمعنى آخر شعور بلفقيه تجاه وهبي في محله، وبلفقيه وضع ابن بلدته احتياطا، فإذا غاب هذا كان ذاك وهذا صراحة تخطيط منطقي ونابع من عقل ذكي، وبالضبط هذا التخطيط هو الذي وقع، فرغم إقصاء بلفقيه من الترشح لرئاسة الجهة، فأبودرار في مقدمة المترشحين وبفريق قوي جدا وبأعضاء كثر مقابل الخصم، هنا مربط الفرس، هنا إنكب الفراعنة على القلم والورقة لتسطير معادلة مع الحل ليكون خارجها إقصاء بلفقيه وأبودرار معا لتكون الساحة لمباركة بوعيدة لوحدها، هنا برز للفراعنة على أن القضاء على بلفقيه يؤدي تماما إلى إقصاء فريقه، أي موت الزعيم يساوي تشتت الرعية وهذا ما وقع بالضبط، حيث تم إغتيال المرحوم أثناء خروجه من منزله متجها نحو مدينة گلميم، إلى حدود الآن تم التعتيم على هذه القضية، أي إلى حد الآن لا أحد يعرف ملابسات الواقعة، حتى بلاغ الوكيل العام لگلميم لم يشف الغليل، حيث قال بأن المرحوم لا تستبعد إمكانية الإنتحار ببندقية الصيد، لكن أثناء التمعن في هذا الكلام نجده فارغا، فكيف يمكن الإنتحار ببندقية طولها متر ونصف أن تنتحر بها بثلاث طلقات على مستوى البطن مع العلم أن زناد البندقية يكون في يدها الخشبي، وطول يد الفقيه أقل من ذلك، وحتى علماء هذا المجال، يقولون بأن المنتحر دائما يريد أن ينتحر بصفة نهائية وبأقل دقائق ممكنة، وغالبا فالمنتحر يقوم بالإنتحار على مستوى الرأس وليس البطن.