في اليوم الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للمرأة، لا يزال هنالك مَن يرفع بيمناه رايات الإنتصار للمرأة المغربية، لكنه باليسرى يعمل على إنتهاك كرامتها، وهنالك مَن سعى إلى إستعمالي كأداة لقتل الصحافة المستقلة.
في مثل هذا اليوم من عام 2018، زُجَّ ب 14 امرأة مغربية في “مجزرة” حقوقية لم يسبق لها مثيل. إختار النظام المغربي أن يسوّق انتصاره للنساء بأن جعل من موعد الثامن من آذار/ مارس تاريخاً لعقد أولى جلسات محاكمة الصحافي توفيق بوعشرين وملاحقته بقضايا ظاهرها إنتصارٌ للمرأة ومناهضةٌ للاستغلال الجنسي، لكن باطنها يحمل إغتصاباً رمزياً لها. إستغلّ النظام ضعف وهشاشة النساء اللواتي إستعملهن خلال هذه القضية، للضغط عليهن ودفعهن إلى الإعتراف بتعرضهن للإستغلال الجنسي من طرف صحافي معروف بإنتقاده للسلطوية.
أغلب هؤلاء النساء اللواتي سعى النظام إلى استعمالهنّ رفضن المثول أمام القضاء، وأخريات قررن مغادرة الوطن، خوفاً من أن يواجهن نفس مصيري.
قصتي وقصص العديد من المغربيات اللواتي إستهدفهُنّ النظام السلطوي وشهّر بهن، فقط لأنهن رفضن المشاركة في قمعه لأحرار وحرات الوطن، عّرته وكشفت ازدواجية خطابه الذي يسوقه للغرب، والقائم على سردية “إحترام حقوق المرأة”.
نظام يلاحق ويسجن المعارضين والمنتقدين لسياساته، بتهم أخلاقية وجنسية، مرتدياً جلباب “حامي حقوق النساء”، لكن هو نفسه، أخضع الصحافية هاجر الريسوني لفحص طبي قسري عنيف (بمثابة إغتصاب) في إطار سعيه إلى إضفاء الشرعية على ملاحقتها بتهمة “الإجهاض”.
إستهداف هاجر كان سياسياً بالأساس، فبالإضافة إلى انتمائها لعائلة معروفة بإنتقاداتها لسياسات الدولة، كانت تغطيتها لحراك الريف من وسط ميدان الحراك سبباً لإدراج اسمها ضمن لائحة المغضوب عليهم.
هاجر لم تكن آخر ضحايا النظام المغربي.
ضابطة الشرطة وهيبة خرشيش التي رفضت الإذعان لتحرشات رئيسها في العمل، قررت المجاهرة بما تعرّضت له داخل مقر الضابطة القضائية، فأنتُقم منها بتصويرها عارية هي وإبنتها القاصر داخل غرفتها في فندق “الداوليز”، ونُشر الفيديو على موقع معروف بقربه من البوليس السياسي، أمام أنظار الهيئات الدستورية المعنية بحقوق الإنسان.
واهمٌ مَن يعتقد أن السلطات المغربية تدافع عن حقوق المرأة، فالمرأة بالنسبة إليها فقط سلاح فتاك لإعدام المعارضة. وإستعمال النساء لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين بذريعة حماية حقوقهن هو الطريقة التي تراها السلطات المغربية أنسب لها من أجل الإنتقام من الأصوات الحرة، مستغلّةً بذلك طبيعة المجتمع المغربي التقليدية، وعدم إعترافه بالعلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج.
ومن جهة أخرى، تستغل السلطة الحركة النسوية للنيل من الضحية الأصلية (المتهم) وتجريده من التضامن الدولي.
الاثنين 8 مارس 2021 …