علي أنوزلا والإرهاب: من سيُصدِّق؟؟؟

Advertisement

حسن طارق …..

لأن الإرهاب خطرٌ كبير وحقيقي يتهدد بلادنا، وليس مجرد حجة صغيرة وسياسية يمكن أن تحُد من مناخ الحرية ومن جرأة الصحافة، ما كان يجب أن يتابع علي أنوزلا بقانون الإرهاب.

لأن مناهضة خطابات الكراهية والحقد والعنصرية كأساس حيوي داخل المعركة الشاملة ضد الإرهاب، واجب مدني ومهمة مُواطنة ومسؤولية رسمية، ما كان يجب أن «يُتَفَّهَ» مفهوم الإشادة بالإرهاب والتحريض عليه، وأن يُقحم عنوة وبشكل غير مقنع في حيثيات محاكمة أثارت حفيظة كل مكونات المشهد الحقوقي المتخوفة من عودة منطق المحاكمات السياسية، حيث تختزل العدالة في كونها ليس أكثر من أداة لتصفية الحسابات السياسية.
لأن تهديدات تنظيم القاعدة بالغرب الإسلامي جدية ولا تبعث على المزاح، ما كان لهذه المتابعة أن تتم، حتى لا يُضطر الحقل السياسي والحقوقي والإعلامي لتحويل الاتجاه من مناقشة شريط التنظيم الإرهابي ضماناً لتعبئة مجتمعية واسعة تضمن سبل التحصين الذاتي من كل أمراض التطرف الديني والعنف السياسي، إلى مناقشة مُحاكمة صحافي بشكل يمس بشكل خطير بالحرية وبالحق في المحاكمة العادلة.
لأن الاستعمال السياسوي لمُبرر الإرهاب من شأنه أن يضعف ثقة المجتمع في مصداقية الدولة -ثقة لا غنى لها عنها في المعركة ضد الإرهاب- ما كان لهذه المتابعة أن تتم. غداً قد تكون التهديدات كبيرة والأخطار أقرب، تم قد يحدث أن تجد الدولة نفسها معزولة في حرب غير تقليدية ضد عدو غير مرئي، لا تُخاض دون دعم وتَفَهُم المواطنين وتعبئة المجتمعات.
لذلك فإذا كان من باب «السماء فوقنا» أن الواقفين وراء هذه المتابعة لا يُعيرون اهتماما للدستور الجديد، ولا لحقوق الإنسان ولحرية الصحافة ولاستقلالية القضاء، فإن المؤسف أنهم بإقحام تُهَمٍ من قانون الإرهاب لا يبدو أنهم يُقدرون فعلياً حجم الخطر الإرهابي، ويغامرون بمصداقية الدولة كمؤتمنة مؤسساتية على تحصين الوطن من هذا الخطر.
تخوفي الكبير هنا هو أن تفضي هذه المحاكمة إلى عكس ما أرادت الانطلاق منه؛ أرادت أن تبدو كتعبير عن الحسم والجزم والصرامة مع كل خطاب يريد الإشادة أو تمجيد الأفعال الإرهابية، لكن شُبهة المحاكمة السياسية التي تطارد هذه المتابعة كظلٍ عنيدٍ، وإرهاصات المحاكمة غير العادلة التي أسهبت هيئات حقوق الإنسان في سردها، وعدم تناسب التكييف الجنائي/الإرهابي للمتابعة مع واقعة نشر الرابط الإلكتروني لمدونة الصحافي الإسباني، وسياق المحاكمة في علاقة بطبيعة الخط التحريري لموقع «لكم»، وبالمواقف السياسية للصحافي المتابع… كلها قرائن من شأنها أن تسهم بالضبط في نوع من «تتفيه» المعركة ضد الإرهاب، و«تمييع» الجريمة الإرهابية في المخيال الجماعي للمغاربة، وهو ما من شأنه أن يُبْطل تدريجياً رد الفعل المجتمعي التلقائي، ويعطل منسوب التجاوب الشعبي السريع والناجع في مواجهة الظاهرة الإرهابية، مع وإلى جانب الدولة بأمنها وشرطتها وقضائها وأجهزتها.
إذا كان لا بد للدولة -في ظل «سوء الفهم» الطويل مع الصحافة- من اختبار لهيبتها، بين الفينة والأخرى، فلتبحث، رجاءً، النيابة العامة عن لائحة اتهامات أخرى، بعيداً عن قضايا الإرهاب، حتى لا يكون الضرر مضاعفاً والإساءة مزدوجة: للحرية وللمعركة ضد الإرهاب.
أطلقوا سراح الصحافي علي أنوزلا ؟؟

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.