أقل ما يُوصف به الوضع الحالي من طرف المواطنين المتضررين من ارتفاع أسعار تذاكر النقل تزامنا مع عيد الأضحى، هو أنه يختزل “فوضى” في قطاع النقل، يستفيد منها بطرق غير مشروعة أصحاب شركات الحافلات، مقابل إضافة عبء آخر على ظهر المواطن المكتوي من غلاء الأسعار، في وقت تغيب فيه وزارة النقل واللوجستيك، التي يقوده الوزير محمد عبد الجليل، عن المشهد دون أن أي تدخل لضبط العملية.
وتشهد أسعار تذاكر النقل، خاصة من المدن الكبرى، ارتفاعا مهولا وغير مبرر من طرف حافلات النقل، إذ تتضاغف أسعارها في بعض الحالات، ما يضع المواطنين بين سندان قضاء هذه الشعيرة الدينية بعيدا عن الأهل والأحباب، ومطرقة الأسعار الملتهبة للتذاكر، والتي ترفع ميزانية السفر في حال تعلق الأمر بأسر متعددة الأفراد.
مشهد مُكرر..
طارق بختي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلكين، أوضح في تصريح لجريدة “الشروق نيوز 24” أن هذا المشكل “ليس بجديد ولكن يتكرر في جميع الأعياد ومع كل مناسبة تعرف إقبالا للمغاربة على السفر، رغم التنبيهات والتحذيرات للمسؤولين”، داعيا إلى ضرورة “أن يتم استباق عهذه المناسبات بتدابير استباقية”، مشيرا إلى النقص الكبير في المراقبة سواء على الطرقات وداخل المحطات.
وأشار المتحدث إلى أن مناسبة عيد الأضحى بالخصوص يشهد تنقلا كبيرا للمواطنين في اتجاه المدن الصغيرة والقرى لقضاء هذه الشعيرة رفقة العائلة، مضيفا أن المناسبة هذه السنة تتزامن مع انتهاء الموسم الدراسي وانطلاق العطلة الصيفية، إضافة إلى التحاق الجالية المغربية بأرض الوطن، زيادة على أصحاب المهن الحرة الذين يبرمجون عطلهم السنوية في هذا الموعد.
هذه المعطيات، وفق بختي، كانت متوقعة وتؤكد أن الطلب يفوق العرض، مضيفا أنه “لا يمكن لأصحاب شركات حافلات تبرير الزيادات بوجود الضغط”، مشددا على أن وزارة النقل تضع تسعيرة محددة للسفر بين المدن وفق المسافة الكيلومترية، منتقدا من يستغل هذه المناسبة لرفع ثمن التذاكر التي تصل إلى “أثمنة مضاعفة أحيانا”.
مسؤولية مشتركة..
وأورد أن استغلال حاجة المواطنين للسفر خلال هذه المناسبة برفع أثمنة التذاكر يساءل وزارة النقل واللوجستيك، مؤكدا أن مراقبتها لا ينبغي أن تقتصر على ما هو تقني وما يتعلق بالأوراق ووضعية السائقين، يل ينبغي كذلك الاهتمام بالمواطن المغربي وصون كرامته وحمايته من غلاء الأسعار.
وبالمقابل، انتقد بختي مساهمة بعض المواطنين في ترسيخ هذه الممارسات، بإقبالهم على حجز تذاكر السفر في آخر اللحظات بغض النظر عن ثمنها المرتفع، معتبرا ذلك تشجيعا لهذه الممارسات.
ومن جهة أخرى ألقى بختي اللوم على المهنيين وشركات النقل التي ينبغي أن توفر أسطولا كافيا لهذه المناسبات عبر شراءها أو كراءها، مشددا أنه ينبغي على هذه أن تحافظ على استقرار الأثمنة خاصة وأنهم يتوصلون بدعم المحروقات من طرف الدولة، منتقدا كذلك الشركات التي تُخرج إلى الخدمة حافلات لم تعد صالحة للاستخدام مع ولا تتوفر على التأمين، وكذلك الحافلات التي تتجاوز الحمولة القانونية المسموح بها.
نظام الكتروني لحجز التذاكر
وقال بختي إن أثمنة التذاكر يجب أن تكون محددة سلفا وألا يقع التلاعب بها، مقترحا أن يتم بيع التذاكر عبر مواقع مخصصة لهذ الغرض، بدل ترك شركات الحافلات تتحكم في الثمن كما تريد، ولتتم مراقبة العملية من طرف الوزارة بدل استفادة السوق السوداء، مضيفة أن هذه الطريقة ينبغي أن تلزم بها الوزارة جميع الشركات وأن تكون الأثمنة محددة، على أن تقوم باستخلاصها الوزارة وتقوم بأداء المستحقات للشركات مع الاستفادة من هامش الضرائب القانوني.
هذا وحذر بختي من مآسي حوادث السير خلال هذه المناسبة، خاصة مع عمل السائقين لساعات طويلة دون نوم أو راحة، إضافة إلى الاستعانة بمساعدي السائقين الذين إما لا يتوفرون على رخص السياقة أو تنقصهم الخبرة، ما يضع حياة المواطنين في خطر، لا سيما مع النقص في المراقبة على الطرقات.
كما أشار طارق بختي إلى وجود استنزاف للقدرات المالية للمواطنين المغاربة المتضررين من موجة غلاء الأسعار، وغلاء أثمنة أضاحي العيد، مشيرا إلى أن سفر أسرة صغيرة يتطلب ميزانية مهمة ذهابا وإيابا، مؤكدا أن القطاع الوزاري الوصي ينبغي عليه تشديد المراقبة.