في الذكري السادسة لرحيل سي أحمد الزايدي أردنا نشر هذا المقال للتذكير بسيناريو عملية إستشهاده والظروف السياسية اللداخلية التي حدثت فيها ، والمشهد السياسي الذي كان يحضر لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية الذي تحول بعد من حزب وطني كبير إلى حزب إداري صغير تحت قيادة إدريس لشكر..
قتلوك أبي …قتلوك أبي …قتلوك أبي …هذه أولى العبارات التي خرجت من أقرب بنات سي أحمد الزايدي حين أوتي به جثة هامدة الى منزله …فعلا كانت فاجعة بكل المقاييس وصادمة للجميع , ولا أحد كان يتصور أن مغرب هياة الإنصاف والمصالحة , مغرب مدونة الأسرة الجديدة ,مغرب حقوق الإنسان والحريات العامة ,مغرب ثورة الجرائد الالكترونية المستقلة , مغرب التنمية البشرية , مغرب الدستور الجديد , مغرب محمد السادس الملقب بملك الفقراء , أن يصل فيه الصراع السياسي في الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بين تيار إنتهازي وصولي يقوده حاليا إدريس لشكر والجهات العليا التي أوصلته إلى الكتابة الأولى للحزب وتيار الشهيد أحمد الزايدي، تيار الإنفتاح والديموقراطية إلى هذه النهاية الدموية والمأساوية …
هذا التيار..تيار الإنفتاح والديموقراطية .. الذي إتخذ قرار الدخول في هياكل الإتحاد الوطني للقوات الشعبية , وكانت العملية في مراحلها الأخيرة , يتم من خلالها الإعلان عن ميلاد جديد للاتحاد الوطني للقوات الشعبية تحكمه المبادئ التي استشهد من أجلها الشهيدين المهدي بنبركة عمر بنجلون , ومات عليها آخر القيادات الأسطورة النضالية عبد الرحيم بوعبيد …
القيادات الإتحادية التي توالت على قيادة الإتحاد الاشتراكي كانت قيادات مخترقة من طرف التيار المخزني للدولة المغربية التي تخلت عن مبادئ الحزب بمجرد وصولها الى السلطة والحكم ..
هذا الحزب الذي قاد لعقود معركة الحرية ودمقرطة المؤسسات المغربية والعدالة الإجتماعية , قياداته المتوالية في السنوات الأخيرة أصبحت عبارة عن بؤر الإستبداد السياسي ولوبيات الفساد المالي والأخلاقي في مختلف أجهزة الدولة المغربية ..وهكذا أصبح حزب الوردة بعد مرور سنوات الحكم وتذوق طعم المال العام لانفرقه في برامجه ، ولا في أدبياته ، ولا في خطابات قياداته عن أي حزب من الأحزاب الإدارية التي خرجت من دواليب المؤسسة الملكية من أجل تصييق الخناق في المشهد السياسي المغربي على الأحزاب الوطنية المعروفة ..
المعلوم أن عبد الواحد الراضي هو رجل القصر الملكي في الحزب ..أي الإتحاد الاشتراكي .., ولحبيب المالكي رجل وزارة الداخلية في الحزب , , وإدريس لشكر رجل الأصالة والمعاصرة في الحزب ولاسيما صهر الجنرال عبروق ..وما أدراك ما الجنرال عبروق ….
وبما أنه أتخذ قرار من طرف الجهات العليا للدولة المغربية بتصفية الجناح في الحزب ..أي الإتحاد الاشتراكي ..الذي لم ولن يخضع لإملاءات مهندسي الأصالة والمعاصرة وهم معروفين للجميع ,الحزب الجديد للمؤسسة الملكية في العمل السياسي المغربي ..وهكذا طوال السنوات عمل المخزن على دس مناصري تيار الإنتهازية والوصولية سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو الوطني ، وهذا ما رأيناه في المؤتمر التاسع لحزب الإتحاد الاشتراكي الذي أوصل إلى الكتابة الاولى المحامي إدريس لشكر ، مؤتمر شهد عمليات تزوير كبيرة بشهادة الجميع بإدارة مباشرة من عبد الواحد الراضي ولحبيب المالكي وفتح الله لعلو وغيرهم بإشراف جهات عليا في الدولة المغربية …
عملية مخزنة الأحزاب بطريقة قديمة ولكن بحلة جديدة وبوجوه لاعلاقة لهم بالعمل السياسي ، ولم يمارسوه من قبل …عملية إنطلقت مع حزب التجمع الوطني للأحرار الذي أوصل السيد صلاح الدين مزوار إلى رئاسة الحزب ، وأزاح المنصوري الذي كان يرفض الإنصياع لأوامر مؤسس الأصالة والمعاصرة أنذاك السيد فؤاد علي الهمة , والذي عين بعد إنتخابات 2011 مستشارا أولا لجلالة الملك محمد السادس ..
إستمرت العملية مع حزب الإستقلال الذي نتخب أخيرا عمدة فاس حميد شباط والكاتب العام للإتحاد العام للشغل كمكافأة له عم عدم مساندته لمطالب شباب حركة 20 فبراير ، وهذا ما إلتزمت به عموما كل نقابات العمال المغربية ، لهذا خصص لها في الدستور الجديد نصيب من ممثليها في مجلس المستشارين …
وأول تصريح قاله السيد حميد شباط بعد فوزه بالأمانة العامة لحزب الإستقلال أنه يتمنى أن يرى في الكتابة الاولى للإتحاد الاشتراكي السيد إدريس لشكر ..يا لها من صدفة …
كان واضحا أنه إنطلقت عملية جديدة للتحكم في العمل السياسي المغربي سواء الحزبي منه أو النقابي بإيصال شخصيات معروفة بالإنتهازية السياسية والوصولية ، ولديها علاقات وطيدة مع جهات عليا بالمملكة المغربية ، كل هذا لمواجهة إنتشار حزب العدالة والتنمية ومحاصرة أنصاره في كل ربوع الوطن ، مراهنين على تآكل شعبيته في أوساط الشعب المغربي لأنه يمارس السلطة والحكم ..
في أي دولة ديموقراطية يسودها سلطة الحق والقانون ، وحدث فيها ما حدث لزعيم سياسي من حجم زعيم تيار الانفتاح والديموقراطية الشهيد سي أحمد الزايدي , كان لابد للنيابة العامة المغربية والقضاء المغربيين أن يفتح تحقيق شامل مسخرا كل أجهزة الأمن للمملكة المغربية لمعرفة ما حدث ….
1 – أولا ، يتم تشريح الجثة لمعرفة أسباب الموت ..و هل فعلا مات غرق كما حرصت جل أجهزة وسائل الإعلام الرسمية العمومية منها والخاصة سواء المرئية أو المسموعة أوالمكتوبة على اظهاره للشعب المغربي .
وأنه كان قضاء وقدر …وأن الأمطار الغزيرة التي عرفتها المنطقة والبنية التحتية لجماعة الشراط كانتا سببا رئيسيا في الفاجعة , وأن مصالح الوقاية المدنية للجهة حسب الشاهد العيان لم تتدخل لعدم حدوث الفاجعة .
وأن مضخات المياه التي تعمل على إفراغ النفق سرقت من طرف مجهولين ليلة قبل الحادث …
وأن الشهيد أحمد الزايدي سلك المدخل رغم علمه بإرتفاع نسبة المياه …
2 – ثانيا تعين لجنة تقنية لفحص السيارة ذات الدفع الرباعي ..هل الفرامل كما هي ؟ ..هل زيت الفرامل لم تمس ؟ ..وكل هذا يتم في وضح النهار.؟ …ولماذا هذه العجلة في دفن الشهيد أحمد الزايدي …؟
نحن نعلم أن هذا المقال وأن هذه التساؤلات ستجلب علينا المصاعب والمشاكل , وربما سيوضع إسمنا على اللائحة السوداء لدى الجهات الأمنية والإستخباراتية التي خططت ونفذت عملية الإ غتيال …وسيفتح لنا ملف كبير يدخلنا في آخر المطاف السجن ..أو يتم تصفيتنا في حادثة سير عادية أو سكتة قلبية مفاجئة أو مهاجمتنا من طرف مهتوه أوفاقد العقل إذا تابعنا التحقيق …
نحن نقول ما يجول في خاطر أعضاء تيار الإنفتاح والديموقراطية ولكن لايستطيعون قوله لأسباب عديدة ..
لكن يعتقده كل المناضلون الإ تحاديون الصادقين المقيمن داخل أرض الوطن أو خارجه بالداخل ، وكل وجميع أطياف الشعب المغربي…
وما يتهامسون به أفراد أسرة الشهيد احمد الزايدي التي تعتقد جزما أنه قتل وتمت تصفيته …
ونقول ما قاله الشهيد المهدي بنبركة حين زاره في معتقله الجنرال المجرم أوفقير بباريس قبل تصفيته مخاطبا إياه كيف تجد نفسك الآ ن ؟؟ …فأجابه الشهيد المهدي بنبركة بكل طمانينة وربطة جاش ..أنا سأموت مرفوع الرأس , أما أنت فستموت وأنت تقبل الأيادي والأرجل ..
وفعلا تحقق ما تنبأ به الشهيد المهدي بنبركة حيث أن المجرم أوفقير في محاولة الإنقلاب الصخيرات الفاشلة سنة 1973 دخل على المرحوم الملك الحسن الثاني في القصر الملكي يستعطفه ويبرئ ذمته من أنه من متزعمي الإنقلاب ، وإنحنى يقبل أيادي وأرجل الملك الحسن الثاني ، وفي تلك اللحظات وجهت له رصاصات قاتلة صوبها إليه أحد أفراد العائلة الملكية المعروفين أنذاك … المرحوم الجنرال مولاي الحفيط العلوي
نرجو من رفاق الشهيد أحمد الزايدي عبد العالي دومو و أحمد رضا الشامي وكل أعضاء تيار الإنفتاح والديموقراطية أن يتابعوا المشروع الذي دفع حياته ثمنا له ….
وأن الموت واحدة والأسباب متعددة ، وأن لاتخيفهم هذه الجريمة النكراء التي لن يهدأ لنا بال أو نفس ولا خاطر حتى نكشف مدبريها . وأننا لن نسمح أن يعود المغرب إلى سنوات الجمر والرصاص …ولهذه نتوجه لكل الحقوقيين المغاربة وعلى رأسهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان التحقيق في القضية بكل شفافية ونزاهة !!!!
وفي الأخير نقول وبصوت عال هنيئا لك أيها الزعيم الإتحادي الإستثنائي سي أحمد الزايدي بالشهادة ….
………….يتبع ……………..
فرحان ادريس ……….
13/11/ 2014 …