في زمن كورونا المغرب الإستثناء في ترك العالقين من مغاربة العالم داخل أرض الوطن ، وفي التخلي عن ما يقارب 22.000 من المواطنين المغاربة خارج الحدود ، وفي الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان ، وفي الإعتقالات العشوائية ، وفي محاولة سن قانون تكميم الأفواه 20.22 !!
فرحان إدريس..
منذ إعلان عن تفشي كورونا بعديد من المدن القرى المغربية وإتخاذ إجراء إغلاق الأجواء والحدود المغربية الجوية منها والبحرية والبرية ، ووسائل الإعلام المغربية العمومية منها والخاصة المكتوبة والمرئية والمسموعة والإلكترونية تتحدث عن الإستثناء المغربي في مواجهة هذا الوباء القاتل !!
وأن الصحافة الدولية لاسيما الفرنسية منها تتطرق بإسخاب للإجراءات المتخذة من طرف الحكومة المغربية ،وتثني بشكل غير مسبوق عن حكمة الملك محمد السادس والخطوات الإستباقية التي إتخذها دون الحكومات الاوروبية والأمريكية والغربية عموما ,,
ما جعلني أطرح تساءلات عديدة حول أين يتجلى هذا الإستثناء المغربي ؟؟ وما هي مظاهره سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي ؟؟
أولا ، المملكة المغربية الدولة الوحيدة في العالم بعد دولة بوروندي التي تخلت عن ما يقارب 22.000 من مواطنيها بالخارج يواجهون الموت كل يوم إذا أصيبوا بكورونا فيروس لا قدر الله ,,
أغلبيتهم يبيتون في الشوارع والأزقة لأن السفارات والقنصليات المغربية لم تتكلف إلا بحوالي 3844 شخصاً، بالإضافة إلى توفير العلاج للمرضى منهم وعددهم 147، وشراء الأدوية لـ56 شخصاً.
للعلم , أن العدد الإجمالي للمغاربة الذين وجدوا أنفسهم خارج الحدود المغربية في عز أزمة إنتشار كورونا , الموجودين بمختلف دول العالم هو يتراوح تقريبا ما بين 50.000 إلى 70.000 نسمة من ضمنهم بطبيعة الحال الطلبة المغاربة الذين يدرسون في الجامعات الأوروبية والأمريكية ..
ثانيا ، السلطات المغربية مارست الإعتقال التعسفي في حق أكثر من 20.000 من من مغاربة العالم الحاصلين على الجنسية الأوروبية والمغربية , ومنعتهم من العبور للضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط دون وجه حق , رغم دول الإستقبال أبدت رغبتها في تنظيم رحلات جوية مباشرة لنقلهم وعلى نفقاتها الخاصة ..
ثالثا ، السلطات الأمنية المغربية المختلفة وعلى الخصوص ما يعرف بالقياد وأفراد القوات المساعدة مارسوا وإرتكبوا منذ إعلان الطوارئ والحجر الصحي بالمغرب يوم 20 مارس 2020 لحد الآن إنتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وإعتقالات بالجملة في حق المواطنين المنتهكين لقانون حظر التجوال ، الذين يخرجون مضطرين للحصول على أجرتهم اليومية لأنهم باعة متجولين في الأول والنهاية ..
ومواقع التواصل الإجتماعي المختلفة يوميا ، الفيسبوك والويوتب والواتساب ، مليئة بصور وأشرطة الفيديو التي توثق لهذه الإنتهاكات وللإعتقالات الغير المبررة للمواطنين , ذنبهم الوحيد أنهم خرجوا للبحث عن قوت يومهم ، لدرجة أن هيأة الأمم صنفت المملكة المغربية مع دول عربية أخرى التي تستغل جائحة كورونا لنهج سياسة تصفية الحسابات السياسية مع المعارضين وشن إعتقالات عشوائية دون مبرر قانوني ..
رابعا ، لوكان المغرب يطبق ثقاقة ومبادئ حقوق الإنسان كان الأولى به أن يفرض غرامات مالية على مخالفي حالة الطوارئ والحجر الصحي منذ شهر مارس الذين إضطروا للخروج لأنهم لا يجدون ما يطعمون به أفراد أسرهم وأبنائهم لأنهم لا يتوفرون على بطاقة الرميد ..
خامسا ، السلطات المغربية لا قدرة لها تنظيم رحلات جوية مباشرة لنقل مواطنيها المتخلى عنهم بعدد من دول العالم , لأنها ليست لديها الإمكانيات الصحية اللازمة لإجراء فحوصات آنية لمعرفة هل هم مصابين بداء فيروس كورونا أم لا ؟؟ ولا تتوفر في المستشفيات العمومية لديها على المستلزمات الطبية لإخضاعهم للحجر الصحي الكامل ..
سادسا ، الجهات العليا الحاكمة الفعلية للبلاد المكونة من حكومة الظل بالديوان الملكي ولوبيات الضغط الإقتصادي ، المتحالفة مع شبكة التكنوقراط ورجالات وأعوان السلطة حاولت عن طريق وزير العدل محمد بنعبد القادر المحسبوب عن حزب الإتحاد الشتراكي للقوات الشعبية ، سن قانون تكميم الأفواه 20.22 لحماية مصالح ومنتوجات الشركات الكبرى المغربية منها والأجنبية من أي مقاطعة شعبية يروج لها مستقبلا على مواقع التواصل الإجتماعي ومنصات وشبكات البث المفتوح ..
يعني أن الجهات الحاكمة في البلاد حاولت إستغلال جائحة كورونا لتمرير قانون سلطوي وإنقلابي على دستور 2011 في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان ,,
لأنه , لايعقل أن يتجرأ سياسي صغير من حجم وزير العدل في هذا الظرف الصحي العالمي الإستثنائي أن يطرح قانون بهذا الشكل والمضمون ؟؟ دون ضوء أخضر من حكومة الظل المكونة من مستشاري الملك ..؟؟
الخلاصة ، أزمة كورونا كشفت عورة النظام السياسي الحاكم على جميع الأصعدة والمستويات , وأكدت بالأدلة والراهين فشل سياسة الخوصصة المتبعة من طرف مهندسي العهد الملكي الجديد في قطاعي الصحة والتعليم ..
وأن إستثمار الجهات العليا الحاكمة في أجهزة الأمن والإستخبارات والجيش لا تكفي لبناء دولة مؤسسات تكون قادرة على مواجهة الأزمات الكبيرة من حجم هذا التسونامي الصحي العالمي كورونا ..
منذ حكومة العدالة والتنمية الأولى برئاسة عبد الإله بنكيران ، وشوارع وأزقة مدينة الرباط شاهدة على الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان اليومية التي إرتكبت من طرف أفراد القوات المساعدة وأجهزة الأمن المكلفة المختصة بمواجهة الشغب والمظاهرات والإضرابات في حق المعلمين والأساتذة والأطباء والممرضين , الذين كانوا فقط يطالبون بحقهم في الوظيفة العمومية , وتوفير أدنى الشروط لممارسة مهامهم تضمن لهم الحياة الكريمة ..
منذ بداية العهد الملكي الجديد وهناك نهج سياسة عمومية متعمدة من طرف كل الحكومات التعاقبة لتقليص الميزانيات السنوية المخصصة لقطاعي الصحة والتعليم مع التركيز على تشجيع لوبيات مؤسسات التعليم الحرة والمصحات الخاصة ..
النتيجة !! مستشفيات عمومية مهترئة أجهزتها الطبية قديمة تعود لسنوات الجمر والرصاص ، لا تتوفر فيها أدنى الشروط الصحية التي تطالب بها منظمة الصحة العالمية ، لدرجة أنه في كل المؤسسات الصحية الإقليمية والجهوية والوطنية بالمملكة لا يعتدى غرف الإنعاش الطبي فيها 120 سرير..
أما مؤسسات التعليم العمومية فحدث ولا حرج ، بحيث تجد القسم في التعليم الأساسي أو الإعدادي أو الثانوي يحتوي على الأقل ما بين 40 إلى 43 تلميذ وتمليذة ، كيف سيستطيع المعلم أو الأستاذ تكوين أجيال في هذه الظروف ؟؟
ولا نتحدث عن الأقسام الموجودة بالجبال والقرى المغربية التي توجد فيها طاولت قديمة وشبة مكسرة ، ولا تتوفر فيها حتى لا على المراحض للتلاميذ سواء للفتيان وللفتيات ولا حتى على نوافذ للتهوية ..
فأين هو هذا الإستثناء المغربي في زمن كورونا ؟؟
يتبع…
للذكر المقال أرسلناه إلى : الديوان الملكي
……………………المديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد )
…………………….رئاسة الحكومة
…………………….الأمانة العامة للحكومة
……………………رئاسة البرلمان المغربي
……………………رئاسة مجلس المستشارين
……………………رؤساء الفرق البرلمانية
…………………….الأمانة العامة للأحزاب السياسية المغربية
…………………….وزارة الشباب والرياضة
…………………….وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي
…………………….وزارة الجالية وشؤون الهجرة
…………………….وزارة العدل والحريات العامة ..
……………………المجلس الوطني لحقوق الإنسان
…………………..مجلس الجالية المغربية بالخارج