في ظل التوتر مع فرنسا بسبب المواقف الأوروبية الأخيرة.. المغرب يتهم “أطرافا غربية” بالتدخل في الشأن الحقوقي الداخلي للدول والسعي لفرض “الوصاية” ويدعو الى بناء “نظام دولي لحقوق الإنسان أكثر توازنا بعيدا عن الازدواجية”
الرباط – نبيل بكاني:
على ضوء المواقف الأخيرة للاتحاد الأوروبي تجاه المملكة، اتهم المغرب، بعض الأطراف الأجنبية، لم يسميها، بالتدخل في الشأن الحقوقي الداخلي لعدد من الدول، والسعي الى فرض “الوصاية” عليها.
ودعا الى بناء “نظام دولي لحقوق الإنسان أكثر توازنا” وإثارة نقاش أكثر فعالية حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بينما تتعمق التفاوتات الاجتماعية العالمية وانعدام الأمن الاقتصادي العالمي.
وقال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إن بلاده تدعو إلى تجديد دبلوماسية حقوق الإنسان، على اعتبار أن السنوات القليلة المقبلة ستكون حاسمة.
وانتقد بوريطة، اليوم الجمعة، في كلمة مسجلة خلال افتتاح فعاليات منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بتعاون مع المركز الدولي للنهوض بحقوق الإنسان-اليونسكو، “من نصبوا أنفسهم كمقيمين لحقوق الإنسان في قارتنا، يرتكن إلى مواقف تضع جانبا الحوار والتعاون كأساس لحماية وإعمال حقوق الإنسان، ليتبنى، للأسف، مواقف قائمة على ازدواجية المعايير والتسييس، والتي تضعف أسس حقوق الإنسان عوض خدمة قضاياها”.
وشدد بوريطة على أنه “لا مجال إطلاقا لممارسة الوصاية على قضايا حقوق الإنسان، ولا شرعية تلقائية لإملاءات تقييمية خارجية”، داعيا الى التمكين الجاد التدريجي والفردي والجماعي لكونية حقوق الإنسان.
ودعا الوزير أن فرصة، بل وضرورة، اعتماد اتفاقية فيينا جديدة لحقوق الإنسان من أجل تطوير وتحديث وتعميق النظام الدولي لحقوق الإنسان قد تبرز، على وجه السرعة، ضمن الأجندة الدولية.
كما دعا الى التفكير في كيفية رفع التحديات لإضفاء لمسة إفريقية على هذه المرحلة الجديدة وتعزيز المبادئ الكونية لحقوق الإنسان.
وفي رسالة موجهة بشكل غير مباشر الى فرنسا التي يتهمها المغرب بتحريك ملفات حقوق الانسان سواء داخل البرلمان الأوروبي أو على مستوى هيئات اتحادية أخرى، أو بتسخير وسائل الاعلام الفرنسية “لشن حملة ممنهجة ضده”، قال المسؤول الدبلوماسي المغربي، أن “أعظم الدروس، حول حقوق الإنسان أو في أي موضوع آخر، لا يتم استخلاصها من أولئك الذين يعتقدون أنهم بإمكانهم تلقينها، بل هي ثمرة لأفعال أولئك الذين يطبقونها”.
ويعقد منتدى الرباط تمهيدا للمنتدى العالمي الثالث لحقوق الإنسان الذي ستحتضنه العاصمة الأرجنتينية، بوينوس آيريس، شهر أذار (مارس) القادم، والذي يشكل مناسبة لمناقشة أهم التطورات والتحديات الحقوقية الناشئة ذات الصلة بقضايا “التغير المناخي”، و”العدالة الانتقالية والذاكرة” و”الهجرة والتنقل البشري”.
بدورها، وجهت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (هيئة رسمية)، آمنة بوعياش، انتقادات شديدة إلى الدول الغربية، لاسيما الديمقراطية منها، متهمة إياها بأنه، ولا دولة “غربية” واحدة، منها صادقت على الاتفاقية الدولية لحماية المهاجرين وأسرهم، مضيفة، أن ذلك، “في الوقت الذي تخضع فيه بلداننا طواعية للاستعراض والتقييم الشامل”.
وفي سياق انتقادها لما وصفتها بـ”الازدواجية التي تتعاطى بها بعض الدول الديمقراطية مع ملف حقوق الإنسان”، استحضرت بوعياش تداعيات الاستعمار الغربي على دول “العالم الثالث”، مشددة على أن “رغم المسافة الجغرافية واختلاف اللغات والثقافات فتاريخنا مشترك وواحد، فنحن نشترك في كوننا مستعمرات سابقة، مع كل التداعيات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لهذه الفترات الأليمة، التي نعرفها جميعا”.