الرباط : عقب اجتماعات للجنة الخاصة بإصلاح أنظمة التقاعد (المعاش)، حضرها ممثلون عن الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والنقابات، عبَّرت خلالها هذه الأخيرة عن رفضها لمقترحات تضمنتها دراسة من بينها «رفع سن التقاعد إلى 65 سنة، بما في ذلك في القطاع الخاص، ورفع نسبة المساهمات واعتماد سقف موحد للنظام الأساسي يساوي مرتين الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص، أكدت مصادر مطلعة أن مشروع قانون إصلاح أنظمة المعاشات صار جاهزاً.
وأبرزت صحيفة «الأخبار» أنه من المنتظر أن تتم المصادقة على مشروع القانون الجديد من طرف المجلس الحكومي، شهر أيار/مايو المقبل، على أن يحال المشروع على مجلسي البرلمان للمصادقة عليه قبل اختتام السنة التشريعية الحالية، على أن يدخل حيز التنفيذ بداية السنة المقبلة.
وأكدت المصادر أن الإصلاح الاستعجالي لأنظمة التقاعد أصبح يفرض نفسه على الحكومة، بعدما فشلت الإصلاحات التي أطلقتها الحكومات السابقة في الحفاظ على التوازنات المالية لصناديق التقاعد التي أصبحت مهددة بالإفلاس مع حلول سنة 2028.
وتعهد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أمام البرلمان بالشروع في تنزيل إصلاح أنظمة التقاعد خلال السنة الجارية، حيث شرعت لجنة إصلاح أنظمة التقاعد في عقد اجتماعات من أجل التوصل إلى السيناريوهات المقترحة لتجاوز أزمة صناديق التقاعد، لبلورة مشروع قانون سيحال على المؤسسة البرلمانية للمصادقة عليه، وخلصت إلى ضرورة ضمان ديمومة المنظومة على المدى الطويل والحد من تأثير الإصلاح على ميزانية الدولة، وتعبيد الطريق للمرور نحو نظام أساسي موحد. كما تراهن وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، على طي ملف التقاعد قبل أيلول/سبتمبر المقبل، مؤكدة على أنه لا توجد حلول سهلة للإصلاح الذي تعتبر أنه لا يهم فقط سن التقاعد والمساهمات، بل يشمل حوْكمة صناديق التقاعد.
وذكرت خلال جلسة سابقة في مجلس المستشارين أن اجتماعين عقدا مع النقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب حول إصلاح نظام التقاعد، حيث تم مدّهم بخلاصات الدراسة التي أنجزت قبل أربعة أعوام حول تشخيص وضعية أنظمة التقاعد.
وشددت المسؤولة الحكومية المغربية على أنه لا توجد حلول سهلة لإصلاح أنظمة التقاعد، حيث تؤكد على ضرورة بذل جهود من قبل الدولة والنشيطين والمتقاعدين والأجيال المقبلة بهدف الوصول إلى الإصلاح.
وعبَّرت الوزيرة عن أسفها لأن منظومة التقاعد التي ستكون موضوع إصلاح لا تهمّ سوى 42 في المئة من المغاربة، وأشارت إلى 58 في المئة من المغاربة غير مشمولين بأنظمة التقاعد، مؤكدة أن ذلك سيأتي ضمن الإصلاح الشمولي للتغطية الاجتماعية في الثلاثة أعوام المقبلة.
تعليقاً على الموضوع، قال عبد الإله دحمان، الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم التابعة لنقابة الاتحاد الوطني للشغل في المغرب، إن منهجية التسريبات التي اعتمدت في قضية بالغة الأهمية كإصلاح أنظمة التقاعد غير سليمة على اعتبار أن مثل هذه القضايا لا بد أن يكون فيها نقاش عمومي يرتبط أساساً بطاولة الحوار الاجتماعي، وأن يتم التغلب على كل القضايا الخلافية المرتبطة بالمسودة أو الأرضية التي تشكل منطلق الإصلاح، بعد ذلك يمكن أن يأخذ مشروع القانون بكل الإجراءات التي تعتزم الحكومة تمريرها طريقه نحو المسار التشريعي.
«أما وأن تحسم الحكومة لوحدها بمنطق الهيمنة على القرار وبعد ذلك تضعه على مسار التشريع ثم تنتظر ردود الفعل فهي منهجية غير سليمة، ولا بد من قلب منهجية التعاطي مع الأمر قبل التداول في مضمونه»، يقول المسؤول النقابي متحدثاً لـ «الشروق نيوز 24».
ويرى أنه من اللازم إعادة القضية إلى طاولة الحوار الاجتماعي والنقاش العمومي قبل الحسم فيها تشريعياً، وتابع: «ثم أن تكون كل التوجهات والاختيارات بعيداً على أن تحمل الشغيلة المغربية ضريبة وتكلفة الإصلاح لأننا لا زلنا لم نخرج من قساوة الإجراءات المقياسية السابقة».
وشدد عبد الإله دحمان على أن أي توجُّه لإصلاح أنظمة المعاشات اليوم يجب أن تتحمل فيها الدولة مسؤوليتها بشكل كبير، خصوصاً و»أننا نتحدث عن ضعف المخرجات والأرضية الهشة للحوار الاجتماعي والأزمة الاجتماعية وما يعتمل من إشكالات داخل الوظيفة العمومية والترقيات وانحسار تجميدها في بعض القطاعات».
وأبرز المتحدث أن إقدام الحكومة على اتخاذ القرار لوحدها في إصلاح أنظمة التقاعد قد يخلق نوعاً من الاحتقان والتوتر ولن يؤدي إلى إيجاد أرضية توافقية صلبة تسهل عملية الإصلاح، بعيداً أن يكون الموظف من يتحمل عبء هذا الإصلاح، وخلُص إلى أنه «على الحكومة أن تكون جريئة وإن أرادت إصلاح أنظمة المعاشات بشكل جذري عليها أن تتحمل التكلفة لوحدها بعيداً على إثقال كاهل الموظفين والعمال».
Advertisement
Advertisement