قضاة المغرب غاضبون من وزارة العدل بسبب «خرق استقلال السلطة القضائية»

Advertisement

الرباط : لاحت في الأفق بوادر توتر جديد بين القضاة المغاربة ووزارة العدل، على خلفية مراسلات وجهتها هذه الأخيرة لمسؤولين قضائيين بشكل مباشر، دون المرور عبر المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وكان البيان الذي عممه نادي قضاة المغرب على صفحته في فيسبوك واطلعت عليه «الشروق نيوز 24»، مؤشراً على هذا التوتر، كما عبّر عن الغضب الذي اعترى الهيئة المهنية بسبب ما اعتبر «خرقاً لاستقلال السلطة القضائية».
فتيل الأزمة الجديدة اشتعل عقب مراسلات لوزارة العدل وجهتها بشكل مباشر لعدد من المسؤولين القضائيين، وتتضمن قرارات تعيين قضاة من أجل الإشراف على الحراسة في اختبار الانتقاء الأولي لمباراة الملحقين القضائيين.
وأشّر بيان نادي القضاة على أن القرارات التي تضمنتها المراسلات المذكورة صادرة عن وزير العدل، ووجهت بشكل مباشر للقضاة دون المرور عبر المجلس الأعلى، مما يعتبر خرقاً لاستقلال السلطة القضائية.
البيان عدّد أوجه خرق استقلالية السلطة القضائية في مراسلات وزارة العدل للقضاة، ومنها كونها صادرة عن سلطة حكومية تجاه قضاة يمثلون السلطة القضائية، وفق التحديد المنصوص عليه في المادة 2 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية. وعزز نادي القضاء بيانه بكل ما يلزم من فصول دستورية تؤكد إقدام وزارة العدل على «خرق استقلالية السلطة القضائية»، ومنها مخاطبة القضاة مباشرة دون المرور عبر المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مستشهداً بالفصل 107 من الدستور.
خرق آخر ذكره النادي، يتمثل في أن تلك المراسلات والقرارات تنطوي على أوامر واضحة تحث القضاة على تنفيذ ما جاءت به من مقتضيات تعيينهم للقيام بالمهام المذكورة أعلاه، وهو ما يتعارض مع الفصل 109 من الدستور الذي يمنع إصدار أي تعليمات للقضاة.
فصول أخرى أوردها بيان نادي قضاة المغرب وسردها بالأرقام، وكلها تفضي إلى ما سلف ذكره بخصوص خرق استقلالية السلطة القضائية، ومنها أن وزارة العدل من خلال المراسلات المذكورة، تقرر تعيين قضاة للقيام بالمهام نفسها دون علمهم أو استشارتهم، معتمدة في ذلك على سياسة الأمر الواقع، مع أن «الدستور يضمن لهم الحق في التعبير عما يرغبون فيه أو لا يرغبون، ولا يمكن قسرهم على إتيان فعل ما خارج عن مهامهم الأصلية الواجبة عليهم».
كما أنها خرقت بشكل واضح وصريح المادة الأولى من المرسوم رقم 400-22-2 المؤرخ في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2022 المتعلق بتحديد اختصاصات وزارة العدل، ذلك أن هذه المادة تحصر الاختصاصات العامة لوزارة العدل في تنفيذ سياسة الحكومة في مجال العدالة بما لا يتنافى مع استقلال السلطة القضائية، وما دام أن القضاة مستقلون عنها فقد وقعت في هذا التنافي ولا شك.
وختم النادي بيانه الغاضب بالتعبير عن استغرابه من هذا السلوك الذي وصفه بـ «الإداري» تجاه ممثلين للسلطة القضائية، كما قال: «إننا نُذَكر وزير العدل بأن الدستور المغربي قطع مع تبعية القضاء لوزارة العدل منذ حوالي اثنتي عشرة سنة، ونصّ على أن القضاء مستقل عن السلطة التنفيذية كما التشريعية، وصدر قانونان تنظيميان يكملان ويعززان هذه الاستقلالية منذ حوالي سبع سنوات، ولا يجوز له، بل يمنع عليه، دستورياً وقانونياً وأخلاقياً، أن يوجه أوامر للقضاة كيف ما كانت، ولا أن يخاطبهم مباشرة، لأن اختصاص وزارته في علاقته بهم ينحصر فقط في توفير الموارد المالية واللوجيستيكية والبنايات بما يضمن حسن سير عمل المحاكم وتدبير منظومة العدالة».

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.