كرونولوجيا المستشار الملكي فؤاد علي الهمة في الحكم و مهندس إضعاف الأحزاب السياسية الوطنية في العهد الملكي الجديد ، بداية من حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية وإنتهاءا بحزب العدالة والتنمية الإسلامي ، ومؤسس الحزب الإداري جديد ، الأصالة والمعاصرة !! الجزء الأول ؟
فرحان إدريس..
ما حدث في الأيام الماضية بأروقة البرلمان سواء في لجنة الداخلية والجماعات الترابية ، أو خلال جلسة التصويت على تعديل القاسم الإنتخابي بإعتماد إحتساب لائحة المسجلين في اللوائح المختلفة عوض المصوتين الحقيقيين ، هو نفس السيناريو الذي حدث مع حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية سنة 2002 ، حين تمت إزاحة القيادي الكبير عبد الرحمان اليوسفي من رئاسة الحكومة بعدما تصدر حزب الوردة المرتبة الأولى في الإنتخابات البرلمانية وتعويضه بوزير الداخلية في حكومة التناوب أنذاك التكنوقراطي إدريس جطو ..
عملية كانت من تخطيط وهندسة الرجل القوي في المحيط الملكي الجديد كاتب الدولة في الداخلية فؤاد علي الهمة ، الذي خطى الخطوة الأولى في التحكم المطلق في المشهد السياسي المغربي ، بإنهاء أول تجربة ديموقراطية توافقية في الحكم تتجلى في حكومة التناوب المشكلة بأحزاب الكتلة ، الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ، التقدم والإشتراكية ، الإستقلال ..
الفارق فقط كان في التفاصيل والجزئيات والزمن في بداية حكم الملك محمد السادس سحبت رئاسة الحكومة عنوة من حزب الشهيد المهدي بنبركة ومنحت على طبق من ذهب لبيروقراطي كان لوقت قريب رجل الأعمال الأول في عالم الجلد والأحذية ..
الكل ، يعلم أن قيادات الإتحاد الإشتراكي كان لها دور مركزي ومحوري في إنتقال العرش من الأب الملك المرحوم الحسن الثاني إلى الإبن الملك الحالي محمد السادس ، ولكن الذنب الكبير الذي إرتكبه هذا الحزب الوطني العريق هو أن قياداته المختلفة كانت تكرردائما الحديث عن هذا الدور التاريخي تلميحا أو تصريحا بما يشبه المنة على الملك الحالي ..
وفعلا حين أحدث زلزال سياسي كبير في حزب الوردة ، وبدأت عملية تفكيكه إلى تيارين الأول يريد في المشاركة في حكومة التكنوقراطي جطو يتزعمه القيادي اليازغي ، والثاني يرأسه المناضل الكبير اليوسفي الذي طالب قيادات الحزب بالرجوع إلى المعارضة من أجل الدفاع عن المنهجية الديموقراطية وإرباك مهندسي التحكم السياسي في المحيط الملكي ..
حب شهوة السلطة والمناصب الوزارية دفع تياراليازغي المتكون من القيادات التاريخية ، فتح الله لعلو وعبد الواحد الراضي والأشعري وغيرهم للمشاركة في حكومة إدريس جطو ، وهنا فعليا بدأت النهاية الدراماتيكية لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ..
وبدأ الرجل القوي الجديد في المحيط الملكي الجديد فؤاد علي الهمة بتشكل حركة سياسية جديد سميت فيما بعد بحركة كل الديموقراطيين إنضم إليها كل اليساريون الراديكاليون الذين كانوا ينتمون لمنظمة 23 مارس مارس وزعماء من اليسار الراديكالي ..
وكانت هذه الخطوة بداية لتأسيس حزب الأصالة والمعاصرة ، الحزب الإداري الجديد الذي كان هدفه الأساسي هو مواجهة الصعود الصاروخي لحزب العدالة والتنمية ، وكانت الإنتخابات البلدية لسنة 2009 المحطة التي إحتل فيها مرشحو حزب الجرار المرتبة الأولى وطنيا ..
وكان قياديو الحزب الإداري الجديد يطمحون للفوز بالإنتخابات البرلمانية المقبلة ، لكن كما يقال تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، هبوب ثورات الرياح العربي بالمنطقة العربية جعلت زعماء هذا المشروع السياسي يهربون إما لخارج أرض الوطن أو يختبأون وراء جران غرفهم المظلمة ، لاسيما أن الشعارات التي رفعت في كل مظاهرات حركة 20 فبراير فيما يقارب 49 مدينة وقرية مغربية تطالب برحيل هؤلاء عن المشهد السياسي والإقتصادي ..
وهنا إرتكب عبد الإلاه بنكيران ورفاقه في حزب المصباح الخطأ الأكبر حين وثقوا بوعود المخزن السياسي الذي في مرحلة الضعف السياسي غالير مسبوق ، وكانت أركان العرش الملكي تترنح تحت هتافات المظاهرات لشباب حركة 20 فبراير طيلة 20 اليوم ..
ورفض قياديو هذا الحزب الإسلامي بالإنجرار وراء دعم مطالب الحركة الشبابية التي كانت تصرخ بأعلى أصوات شبابها بملكية برلمانية ومحاكمة الفسادين بالمحيط الملكي ..
لوكان أتباع حزب العدالة والتنمية نزلوا للشارع ، وأيدوا المطالب السياسية التي كانت ترفع طيلة أيام المظاهرات ، لكان المغرب تغير بشكل كامل وأصبحت الملكية البرلمانية واقعا سياسيا ..
المقابل أخذه على الفور حزب المصباح حين فاز بأول إنتخابات برلمانية شبة ديموقراطية ، وشكلوا أول حكومة مغربية برئاستهم ، لكن المخزن كان ينتظر فقط تغير الوضع الدولي والإقليمي ، وحين بدأت هبوب رياح القورات المضادة إنقض على تفكيك الأغلبية الحكومية المنسجمة ، ودفع حزب الإستقلال بقيادة الأمين العام السابق حميد شباط الذي كان قد أوصله للأمانة العامة للخروج من الأغلبية الحكومية سنة 2013 ، وتم تعويضه بحزب التجمع الوطني للأحرار بقيادة صلاح الدين مزوار، الحزب الإداري الآخر الذي كان صنيعة الملك المرحوم الحسن الثاني ..
إستمرالصراع السياسي بين فؤاد علي الهمة من جهة الذي عين مباشرة مستشارملكي بالديوان الملكي وتيار عبد الإلاه بنكيران الأمين العام السابق لحزب المصباح من جهة ثانية ، الذي تكمن من هزم مرشحي المخزن في محطات متتالية بداية من سنة 2011 لغاية 2016 ، التي وضع القصر الملكي كل الإمكانيات المادية واللوجستية بين يدي الأمين العام السابق لحزب الجرار إلياس العماري لكنه فشل في المهمة التاريخية ..
بطبيعة الحال ، المحيط الملكي بقيادة المستشار الملكي فؤاد علي الهمة جربوا كل الوسائل القانونية والغير الأخلاقية والإعلامية لإضعاف شعبية حزب المصباح وإزاحته من المرتبة الأولى في المشهد السياسي المغربي منذ سنة 2011 لحد كتابة هذه االسطور ، ولهذا لم يبقى أمام مهندسو المحيط الملكي إلا ما شهدناه في البرلمان المغربي مؤخرا …
لأنه في الأيام الماضية تكررت نفس العملية التي حدثت ضد حزب الإشتراكي للقوات الشعبية في سنة 2002 حين تصدر الإنتخابات البرلمانية لكنه فقد رئاسة الحكومة ، لكن بآليات جديدة التي لم يسبق أن تجرأ القيام بها أي نظام سياسي إنتخابي في العالم أو التفكير فيها ، لأن دستور 2011 من حيث الشكل يفرض أن يكون رئيس الحكومة من الحزب المتصدر للإنتخابات ، فلهذا تم إختراع تعديل القاسم اللإنتخابي الجديد بإحتساب لائحة المسجلين في اللوائح الإنتخابية عوض المصوتين الحقيقييين ، والهدف كما هو معلوم ، قطع الطريق على البيجيدي لتولي رئاسة الحكومة للمرة الثالثة على التوالي ..
حزب العدالة والتنمية نفسه سقط في هذا الخطأ الذي لا يغتفر حين كان يتكلم قياديوه في كل مناسبة بأنهم كان لهم دور كبير في عبور النظام الملكي الحاكم بسلام وأمن وأمان ثورات رياح الربيع العربي حين رفضوا مرارا النزول للشارع لدعم مطالب حركة 20 فبراير الشبابية ..
والملكية بطبيعتها لا تحب أن يمنها عليها أي أحد ، والملك وحده المفروض أن يكون عليه إجماع شعبي في الزمان والمكان ..
تصدر حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى في الإنتخابات البرلمانية المقبلة ، وتشكيل الحكومة للمرة الثالثة على التوالي يعني على المستوى الرمزي أن هذا الحزب الإسلامي لديه مشروعية ليست فقط إنتخابية ، بل شعبية كذلك ..
هذا ربما يفسر جانبا من هذه الهستيريا لإسقاط البيجيدي، والتي فشلت في 2016 بالصناديق، ويراد لها اليوم ان تنجح بالقاسم “اللإنتخابي”. مع أن قيادات العدالة والتنمية فعلت كل ما طلب منها سواء في الحكومة الأولى بقيادة بنكيران ، أو في هذه الحكومة الحالية برئاسة العثماني الذي رضي بما رفضه بنكيران بدخول حزب الإتحاد الإشتراكي للأغبية الحكومية ، وسحب منه كل الوزارات الإقتصادية والمالية والمهمة ، وبدى كأنه رئيس وزراء منتدب لدى حكومة الظل الموجودة في الديوان الملكي ، لقد تنازل على كل شعاراته الإنتخابية ” صوتك لمحاربة الفساد ” “والإصلاح بتقديم التنازلات ”
، وأصبح الهم الأكبر للقيادة الحالية لحزب المصباح هورضى القصر الملكي على أدائها ، لقد أرغموه على توقيع إتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني ولم يصدروا صوتا ، بل خرج بنكيران في آخر الليل يدافع عن العثماني التي طالبت قواعد الحزب الشعبية بتقديم إستقالته ..
وللتذكير لا أقل ولا أكثر ، حتى لو تصدر الإنتخابات البرلمانية المقبلة ، سيكون من المسحيل أن يتحالف معه الأحزاب الإدارية والوطنية على السواء ، لأن قرارها ليس بيدها ، بل بيد وزارة الداخلية بقيادة السيد عبد الواحد لفتيت الذي رفع التعويضات المالية للأحزاب في الإنتخابات المقبلة..
وما حدث مع الأمين العام الحالي لحزب الإستقلال السيد نزار بركة ، هو أكبر دليل حي على هذا التحكم المطلق في الأحزاب السياسية الوطنية الذي كان ينوي فريقه البرلماني التصويت ضد تعديل القاسم اللإنتخابي ، لكن في آخر لحظة قبل التصويت تلقى مكالمة هاتفية من القصر الملكي يطالبه فيها بالتصوين بنعم ، فإتصل حوالي 12 ليلا برئيس الفريق البرلماني لحزب الميزان طالبا منه بأن ينضم للأحزاب ، التالية الأحرار ، الحركة الشعبية ، الإتحاد الدستوري ، التقدم والإشتراكية ، الأصالة والمعاصرة ، الإتحاد الإشتراكي للقرات الشعبية من أجل تفويت تعديل القاسم اللإنتخابي ..
ولهذا المحيط الملكي لن يغامر مرة أخرى بأن يكون بلوكاج سياسي جديد ، ولأن الملك محمد السادس لن يكلف هذه المرة شخصية ثانية من حزب المصباح كما حدث في صنة 2016 ، بل سيمر لتعيين رئيس الحزب الثاني، وسيجد محللي “البانان” جاهزين للتأويل، ومنتظرين دورهم، كشعراء المدح التكسبي على أبواب القصور، وعلى أي فالملك في البلوكاج السابق ترك الباب مفتوحا على إحتمالات كثيرة حين قال إن له خيارات دستورية أخرى.
البيجيدي أدى مهمة، “وتخلص عليها”، واللعبة إنتهت، ولا دور له في الترتيبات القادمة، ولا يمكن أن يستمر ك”اللصقة”، ولو “يبوس الخاتم” خمس مرات في اليوم بدل الوضوء.
في المغرب، حقل الرمزيات كذلك له حساباته. وهنا تغمرني قصة حدثت في الإنتخابات البرلمانية لسنة 1977 حين قررعبد الرحيم بوعبيد الترشح في أكادير، قلعة الإتحاديين حينها، فزاره البصري، وطلب منه أن يتراجع عن الأمر ويترشح في مدينته سلا، والداخلية ستضمن له المقعد دون حتى حملة إنتخابية. رفض بوعبيد العرض، فسقط في إنتخابات أكادير بتزوير فاضح.
لما إلتقاه البصري بعدها، قال له : أنت تعرف المخزن جيدا، وتعرف أن سيدنا الملك الحسن الثاني هو وحده الذي عليه إجماع من كل القبائل العربية والأمازيغية الموجودة في المغرب من اجبالة وأمازيغ التي تضم أهل الريف والشلوح في جبال الأطلس وأهل سوس وفاس والعشائر الصحراوية والقبائل التي يطلق عليهم بالعروبية ..
على كل حال ، الدول الإفريقية تذهب بخطوات ثابتة نحو الديموقراطية الحقيقية والمحيط الملكي بقيادة المستشار الملكي فؤاد علي الهمة يصر على إرجاع المغرب إلى القرون الوسطى المظلمة ..
المصادقة على تمرير تعديل القاسم اللإنتخابي في البرلمان سبقته كما هو معلوم حملة إعتقالات واسعة في صفوف النشطاء الحقوقيين والمدونين المشهورين على مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة والصحفيين المستقلين المعروفين بمقالاتهم النقدية منذ سنة 2011 لسياسة التحكم السياسي والإقتصادي الذي يمارسه المحيط الملكي ..
يتبع..
للذكر المقال أرسلناه إلى : الديوان الملكي
………………………………رئاسة الحكومة
………………………………الأمانة العامة للحكومة
………………………………وزارة الداخلية
………………………………رئاسة البرلمان المغربي
………………………………رئاسة مجلس المستشارين
………………………………رؤساء الفرق البرلمانية
………………………………وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج..
………………………………وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية
………………………………الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج
………………………………رئاسة النيابة العامة بالرباط ..
………………………………المجلس الأعلى للقضاء
………………………………مجلس الجالية
………………………………مؤسسة الحسن الثاني لمغاربة الخارج
………………………………الأمانات العامة للأحزاب السياسية المغربية
……………………………….السفارات المغربية بالخارج ..
………………………………السفارات الأمريكية الموجودة في كل من ، الرباط ، وإيطاليا ، وألمانيا
…………………….. وإسبانيا ، وفرنسا وبلجيكا وهولاندا …
………………………….. إلى المنظمة الحقوقية الدولية ..AmnestyInternational
……………………………..مراسلون بلاحدود ..”RSF ”
………………………………(هيومن رايتس ووتش) Human Rights Watch