“كلمات” … إلى المغاربة و التاريخ …مثل الأردن .. المغرب يدخل منطقة الخطر .. المؤشرات كثيرة و التحرك واجب ..”

Advertisement

بقلم د. أحمد ويحمان ..

قلنا ” .. والتحرك واجب ..” و ليس ” .. والحذر واجب ” لأن مثال الأردن ينبغي أن يمثل أمام الجميع و عامل الوقت حاسم .
ولكن ما علاقتنا بالمحاولة الإنقلابية بالأردن ؟ وماهي المؤشرات الدالة على ذلك ؟ و لماذا عامل الوقت حاسم ؟

أ- “الصهيونية وفلسفة : .. وإلا.. نبدأ بالمسلمات ..

الأردن دولة مطبعة مع الكيان الصهيوني من سنوات .. وقيادتها على علاقة بالكيان الصهيوني سنوات وسنوات حتى قبل الإعلان الرسمي عن التطبيع وتوثيقه في إتفاقيات .. غير أن كل ذلك من مستوى خدمة النظام للكيان ضدا على إرادة الشعب الأردني لا يكفي ولم يعد مقبولاً لدى قيادة الإحتلال الصهيوني ومقتضيات المشاريع الإستعمارية ومصالح شركاتها الإحتكارية العابرة للقارات . فالمرحلة، وفق الأجندة الصهيونية و الإستعمارية تقتضي أسرلة وصهينة المنطقة بالكامل، ولا مجال لأي إعتراض .. وإلا ..
هذا هو عنوان المرحلة في السنوات الأخيرة مع نتانياهو وترامب وصهره كوشنير وأدواتهم بالمنطقة . وحتى بعد ذهاب الأخيرين إلى مزبلة التاريخ، فإن نتنياهو، حتى وهو يترنح ومهدد بالإلتحاق بهما، فإنه مايزال مع أدواته في الخليج بالخصوص “يواصل المسير” على ذات النهج “حتى النصر”
للاستراتيجية الصهيونية و إنجاز “صفقة القرن” !

ستنكشف الخيوط كلها بعد حين .. وستجيب الأيام القادمة عن علاقة المحاولة الإنقلابية بتحفظ القيادة الأردنية من صفقة القرن، وكذا عن دور مختلف الدوائر ببعض العواصم في الجزيرة والخليج وعلاقة المشتبه فيهم بهذه الدوائر، وكذا بإرتباط كل ذلك بتلأبيب .. سينكشف كل ذلك وينكشف معنى إلغاء نتانياهو لزيارته الإمارات التي طبل لها طويلاً لإعتراض الأردن مروره بأجوائها أياما قليلة قبل حصول ما حصل وعرقلة زيارة ولي العهد الأردني حسين بن عبد الله للقدس بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج .
سينكشف كل ذلك بعد أيام .. وفي الإنتظار ليرجع بنا مرجعنا إلى خرفاننا هنا .

فالمعلوم أن دولتنا، مثل الأردن، أعلنت، رسميا، إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني ووقعت معه إتفاقية بهذا الصدد، وعبرت عن إستعدادها تطوير علاقات التعاون البينية على أكثر من مستوى .. غير أن كل ذلك لا يكفي الكيان .
فلم يتم مرور أسبوع على التطبيع الرسمي حتى بدأ الابتزاز – كما هي فلسفة الصهيونية دائماً – يمر للسرعة الموالية ..
جاء نتانياهو في البداية ( وبنية الإمعان في إهانة شركائه ) توجه بكلمة للمطبعين، وفي خلفيته خريطة المغرب مبتورة من الصحراء؛ الصحراء التي لم يجد المطبعون غيرها ورقة توت للمحاولة البائسة لستر عورتهم .. حتى هذه الورقة أصرت قيادة الكيان على إسقاطها عنهم .
وبعد نتانياهو، وفي الوقت الذي جاء الإرهابي بن شباط أمام الملك ليشخص دورا مسرحيا ويرطن بالعامية المغربية : الله يبارك في عمر شيدي ! في هذا الوقت تأتي القناة ال 12 الصهيونية وتخصص برنامجا مطولا على شاشتها لم تترك صغيرة ولا كبيرة في الملك إلا وأثارتها و لم توفر حتى حياته الشخصية . جاء برنامج القناة 12 لتنضاف ل ” إنجاز” قناة *”إسرائيل 24″* في برنامجها أوريون وصاحبها الصحفي سيريل عمار (صديق مستشار الملك اندري أزولاي..!!) الذي إستضافه ناصر بوريطة بعد إتفاق 22 دجنبر المشؤوم..و هو الصحفي الصهيوني الذي يروج من على منصة قناته تلك الأطروحة أن الملك الراحل، والد الملك الحالي (الحسن الثاني ) هو جاسوس إسرائيلي (!!)، وهي الصفة التي يضيف عليها المؤرخ الصهيوني د.إيغال بنون ( وهو تيتي نيني هنا بالمغرب، يتم الإحتفاء به من أكثر من جهة رسمية و ” مدنية” بأكثر من مدينة و في أكثر من مناسبة ) صفة أخرى عنه وهي؛ المتاجرة بالبشر ..( بيع اليهود المغاربة) !!
كان “التطببع.. وإلا ..” ونحن اليوم بإزاء *الصهينة الكاملة .. وإلا” .
كان “التطبيع وإلا ” فالملكية في المغرب عميلة للصهيونية ومتاجرة بالبشر .. وأصبحنا بعد التطبيع في أجندة الصهاينة الكاملة للدولة والمجتمع .. و إلا !
هذا هو وجه الشبه بين الأردن والمغرب حتى حصول ما حصل بالأمس في عمان . ولأن القاعدة تؤكد الحقيقة العلمية القاضية بأن *” نفس الأسباب تعطي نفس النتائج “*، فإن العقل يقتضي، إذا بقي هناك من بقية عقل في هذا البلد، أن يتحسس الجميع رأسه . و أكاد أقول بأن الأمر لا يختلف شيئا هنا وهناك .
“ب – مؤشرات دالة”

لقد سبق ما حصل بالأمس في عمان حملة على النظام وعلى رأس النظام، ملك الأردن . وتم التركيز على زوجة الملك على الخصوص . ثم تم التركيز على بعض “الرموز الوطنية” لإبتذالها، وإبتذال إرتباطها بأية رموز فلسطينية .. قصة ولي العهد الأمير حسين و إحيائه لذكرى الإسراء والمعراج بمسرى الرسول (ص)، علما أن الأردن، و الأسرة الهاشمية هي التي تعود لها مسؤولية الإشراف على الأوقاف الإسلامية والمسجد الأقصى . ومما يركز عليه المتابعون لما جرى ويجري بالأردن يربطون بين المتهمين ودوائر محددة بالإمارات و السعودية وتلأبيب .
ومن يتبع الخيط الناظم هناك، يجد أنه هو نفسه فيما يجري اليوم هنا . فالإستهدافات هي هي والداوائر هي هي ..
فمن إستهداف الكوفية الفلسطينية بباب البرلمان وإشتراط الدخول على كاتب السطور بإزالتها، رغم دعوته كباحث لندوة بمجلس النواب .. من إستهداف الكوفية الفلسطينية من طرف توجه داخل قوات الأمن ، إلى إستهدافها ثانية على كتف المناضل أسيدون من طرف نفس التوجه بنفس الجهاز في وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني بشارع محمد الخامس بالرباط، إلى إستهدافها ثالثة بباب مطار الدار البيضاء الدولي بمنع قائدة سياسية محترمة من الدخول إلا بعد إزالتها، إلى إستهداف علم فلسطين بشارع محمد الخامس بعاصمة البلاد الأسبوع الماضي، في ذكرى يوم الأرض .. المعنى واحد و الهدف واحد و النية القصدية واحدة .. ولا غبار عليها؛ إنها رسالة تقول للمغاربة : ” ردوا بالكم ! ” .. فالأمر ليس مجرد التطبيع الذي ترفضونه وحسب، إنه إستحقاق والتزام، أكثر من ذلك، بالتمكين للكيان الصهيوني بالمغرب، وليس هذا وحسب .. إنه، أكثر من كل ذلك، التزام بمطاردة الوجود والرموز الفلسطينية .
نعم .. وهو كذلك إستهداف حتى لمن تسمونهم الرموز الوطنية، إذا تجرؤوا أن يتشبثوا، كالأردنيين أو غيرهم، بالرموز الفلسطينية كالإستمرار في الإيمان بضرورة إحياء رمزية يوم الأرض و بالجرأة على حمل العلم الفلسطيني !
هذا هو فحوى رسالة التوجه المتغول داخل جهاز الأمن و الذي أصبح المقدس الوحيد عنده، قبل أي شيء هو ” الكيان الصهيوني” يوالي من يواليه و ينبري لقمع من لا يواليه او تسول له نفسه في دعم أعدائه الفلسطينيين أو الحديث عن القضية الفلسطينية وحمل رموزها من أعلام أو كوفيات ..
نعم حتى لو كان عبد الرحمن بنعمرو ! عبد الرحمن بنعمرو الذي، بتاريخه و برصيده النضالي وصدقه يفرض الإحترام على الجميع و يجمع عليه الإسلامي و الوطني قبل اليساري والقومي !

“ج – واقعة وشهادة كمؤشرين آخرين ”

يركز بعض المتتبعين والبراء في مقاربتهم لما يجري بالأردن على دور بعض حكام الإمارات وبعض أدواتهم التي يؤطرها ويوجهها الموساد بوجوه بعض عملائهم الذين جندوهم من الفلسطينيين . وهنا أذكر بواقعة كنت موضوعها و بشهادة لأحد الصحفيين المشهورين .

“1- دعوى يونيفير فيطو !!”

الواقعة كانت خلال قضية أرفود المعلومة حيث تم الإعتداء على مناهضي التطبيع يوم 26 أكتوبر 2019 بالمهرجان الدولي للتمور و حكم علينا فيها بشهر سجنا نافذا ..
في الليلة الثانية لي بزنزانة المركز القضائي للدرك الملكي بمدينة أرفود، فوجئت بالمسؤول عن المركز يوقظني من النوم في ساعة متقدمة من الليل . كنت ليلتها قد عدت، جد متعب، من مدينة الرشيدية ( حوالي 200 كلم ذهابا وإيابا ) بعد يومين وليلة من الجرجرة بين مكاتب رجال الدرك الملكي في التحقيق وبين مستشفى أرفود و مستشفى الرشيدية حيث أعيد جبر كسر يدي الذي تلقيت فيه إسعافات أولية بمدينة أرفود .
– خير إن شاء الله ؟ سألت مسؤول المركز القضائي للدرك الملكي ؟
– هو ملف جديد و قضية أخرى ضدك .
– ممن ؟
– تفضل معنا وستعرف !
– اليوم يوم أحد عطلة يعني .. والوقت ليل .. و ماهي هذه القضية التي بهذه العجلة التي لا يمكن ان تنتظر للغد .. الليل و يوم عطلة ..
– هذه التعليمات ! وكل ما تسميه جرجرة ” تجرجرناها معك نحن ايضاً ” .. إنها التعليمات و ” ما عندنا ما نديروا ليك” .. نحن أيضا محرومين من النوم مثلك .
إنتقلنا لمكتب المسؤول و إلى جانبه معاونيه : س. ج .. س . ج ثم يتوقف التحقيق للتشاور بسبب الإجابات الخطيرة للمستجوب ثم يتم إستئناف التحقيق ثم يتوقف لنفس الأسباب لأن ” هاد الشي كبير علينا ” على حد تعبير المسؤول عن التحقيق .. ثم يتم وقف التحقيق و إغلاق الملف وصرف النظر عنه تماما . لأن ذلك ” اكبر من تتحمله أوراق الملف !

هي قصة و أية قصة ..

أما عقدة القصة هي عند إكتشافنا أن الجهة التي رفعت بنا الدعوى الإستعجالية الثانية بالليل يوم عطلة هي شركة *يونيفير فيطو* التي تسوق تجهيزات وسلع الشركة التابعة لجيش الحرب الصهيوني؛ نيطافيم ! أط. أما هذه الشركة (*يونيفير فيطو* ) فهي مرعية إماراتيا ووثقنا في المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، بعد خروجنا من السجن، لتدشين فروعها بالمغرب من طرف نائب سفير الإمارات بالرباط .. لأن السفير وقتها غادر المغرب .

2- ” مهمة مبعوث “هسبريس” في أبو ظبي ..”

في نفس سياق واقعة أرفود، يمكن إدراج الشهادة الخطيرة لأهم صحفي بجريدة هسبريس الإلكترونية السيد نور الدين لشهب .
فهذا الصحفي يدلي بشهادة غاية في الخطورة يفسر فيها دواعي استقالته من هياة تحرير هذه الجريدة .
( الشهادة متوفرة باليوتوب) .
فبحسب السيد لشهب، فقد كلفته إدارة “هسبريس ” بمهمة بالإمارات ليلتقي شخصيات هامة هناك .. وسيكون ذهوله كبيرا عندما وجد نفسه هناك، ليس إزاء مفكرين او أدباء او إعلاميين لمناقشة التعاون فيما يمكن أن يسهم في الرفع من أداء الجريدة و تطويرها، و إنما إزاء : ” فلسطينيين إسرائيليين” كما قدموا له أنفسهم إزاء مهام محددة لم تخطر له على بال أبداً ؛ سحق المتضامنين مع فلسطين و المناهضين للتطبيع مع “إسرائيل” !
وإذا اردنا ترجمة المهمة التي كلفت به “هسبريس ” مبعوثها إلى الإمارات هي السفر إلى أبوظبي و الإرتباط ب “الفلسطينيين الإسرائيليين” أو بالتعبير الدقيق ب” الموساد” من مكتبه هناك وبحث الأهداف المطلوبة والوسائل اللازمة والإستراتيجية و التاكتيك الواجب اعتمادهما لكسب معركة سحق مناصري فلسطين ومناهضي التطبيع .
الأمر واضح في عرض الموساد من أبو ظبي على لشهب .. المال ” ماتخممش” و الأهداف
” les cibles ” أوضح، ومحددة الأسماء :
صحيح أن لشهب لم يكشف في شهادته إلا عن إسمين؛ أحمد ويحمان وإسم آخر، لو إعتمدنا لغة مسؤول المركز القضائي للدرك الملكي لقلنا؛ ” كبير علينا” الحديث عنه هنا .. لكن السيد لشهب، باسم في ذلك، أعطى كل المعطيات الخطيرة للنيابة العامة عندما قدم شكاياته لديها .

في ختام هذه الكلمات نقول ..

صحيح أنهم ليسوا كثيرين من يدركون أن بلادنا دخلت منطقة الخطر بكل ما يحمله التعبير من معنى . ومع ذلك فإن عموم المغاربة يشعرون بأن أمور البلاد على غير ما يرام و لا تبشر الأيام القادمة بأي خير .
يلتقي هنا الإدراك العالم و الشعور العام؛ أو ما يسميه علماء الاجتماع ب ” الحس المشترك ” فالحدس والإحساس العام، يعيش القلق والتوجس مما هو آت .
وإذا كانت الوضعية السياسية على حافة الإفلاس، و الوضع الإقتصادي، بقراءة في كل المؤشرات، ينم عن كساد لا يبعث على الطمأنينة أبدا، والوضع الاجتماعي من الإحتقان بحيث ينذر بالإنفجار في أي حين، والإختراق الثقافي بلغ مستويات غير مسبوقة .. إذا كان الوضع العام في المدة الأخيرة مؤطر بهذه السمات المنذرة بالكارثة، فإن ما شهدته الساحة الوطنية في الأسابيع و الأيام القليلة الماضية يؤكد، للأسف الشديد، أننا – بدل التوجه لما من شأنه أن يحشد أوسع ما يمكن من القوى الوطنية و الفئات الشعبية لمحاولة التدارك – نتوجه، رأسا، إلى الهاوية ..
لقد أصبح من حق المغاربة أن يضعوا أيدبهم على قلوبهم ويقلقوا، بكل جدية على أمنهم واستقرار بلدهم .. لا بل على مصير ومآل هذا الوطن .
لم ولن نكون أبداً من المهولين . لكن المسؤولية تقتضي، وفي المقابل، ألا نكون من المهونين كذلك، فليس من المسؤولية في شيء أن نرى بلادنا تنحدر بكل هذه السرعة نحو الكوارث ونبقى متفرجين .
“آخر الكلام”
إن بعض ما تم تسجيله من مؤشرات نوعية تنم عن الإختلال الكلي للحد الأدنى من التوازن الذي ضمن استمرار الوضع العام في المسير الأعرج الذي ضمن الحركة، على عرجها، كيفما كان الحال، كما تنم على إحكام السيطرة على القرار من قبل توجهات متطرفة في الدولة التي تجر البلاد للقبضة الأمنية و التبعية المطلقة للدوائر الغربية الإستعمارية، وعلى رأسها الويلات المتحدة الأمريكية و *الانصياع الكلي* لأجندة الصهينة بعد الإعلان الرسمي عن التطبيع مع نظام الإحتلال في تلأبيب وتوقيع إتفاقية العار مع قيادييه من الإرهابيين .
لقد سبق وكشفنا تجاوز كل الخطوط الحمراء في معسكرات التدريب على القتل بإشراف ضباط جيش الحرب الصهيوني و بعقيدة التلمود واستقطاب الشباب للعقيدة اليهودية الصهيونية وتدريبهم على السلاح، ونبهنا لخطورة ضرب معنويات الجيش ودعوته، بخلفية إثنية فتنوية، إلى التمرد فضلا عن خلفية الشروع في قرصنة الدولة عن طريق تيار التأمزغ المتصهين الذي يتلقى تدريبات بالكيان ويتم تمرير الأجندة من خلال تمريرها اليوم عبر بعض البنيات الحزبية المرتبطة، كلاسيكيا، بالأجهزة !!
في خلاصة الخلاصات نقول للجميع ولكل من يعنيهم الأمر ..
إن التاريخ الراهن يؤكد أن التطبيع مع العدو الصهيوني، ليس، ولايمكن أن يكون أبدا تأمينا سياسيا للكراسي، بل بالعكس، فحيثما حل حلت معه اهتزازات الكراسي، وربما حيوات أصحاب هذه الكراسي كما في حالتي الشاه و السادات … ..
لن نقول الحذر الحذر .. وإنما الأردن الأردن .. الحركة الحركة .. قبل فوات الأوان ..
“ولله الأمر من قبل و من بعد !”

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.