كيف فضح التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير لأعضاء البنية السرية الحاكمة الفعلية للمغرب ، الإعتقال الإحتياطي ، المحاكمات الصورية ، غياب قرينة البراءة ، التعذيب والموت في مخافر الشرطة ، عدم إستقلالية القضاء ؟؟
لا أحد كان يتصور أن يكون التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول حقول الإنسان وحرية الرأي والتعبيربالمغرب بهذه الحدة ، لا من حيث اللغة و المصطلحات التي جاءت فيه ، ولا من حيث تبنيه كل ما ورد في التقارير الدورية للمنظمات الحقوقية الدولية ، تقرير ما يمكن القول عنه أنه أسود على جميع الأصعدة والمستويات..
إعتراف ضمني من أكبر قوة دولية تحكم العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بوجود إنتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وإستهداف غير مسبوق ومقصود لكل الصحفيين بسبب آرائهم السياسية النقدية للسلطة الحاكمة في المغرب والنشطاء الحقوقيين المعتقلين نتيجة فضحهم لهذه التجاوزات الخطيرة..
تقرير رسمي صادر من وزارة خارجية للدولة الأكبر في العالم التي تعتبر حليف دبلوماسي وسياسي وعسكري للمملكة المغربية..
وليس صادر من دولة معادية للمغرب أو من منظمات حقوقية غربية ، كأمنستي أنترناسيونال أو هيومان راتش أو مراسلين بلاحدود…
التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية يعترف بلغة واضحة ، بأن كل المحاكمات التي خضع لها كل الصحفيين والنشطاء الحقوقيين كانت صورية في جميع مراحلها، لم تحترم فيها قرينة البراءة سواء على مستوى التحقيقات الأمنية أو القضائية ، وأن هناك مبالغة في ممارسة الإعتقال الإحتياطي من طرف مختلف المحاكم المغربية في حق المتهمين الذين لم يصدر في حقهم أحكام قضائية نافذة ،والذي وصل خلال هذه السنوات الأخيرة لما يقارب لنسبة 42 %
تطرق التقرير السنوي لقضايا كذلك للتعذيب التي خضع له ولازال كل الصحفيون والنشطاء الحقوقيون من طرف موظفي المندوبية العامة للسجون…
بدورها مخافر الشرطة بمختلف المدن المغربية تعرضت للتقريع بسبب حالات التعذيب والموت التي شهدتها في السنوات الأخيرة…
ولأول مرة الدولة العظمى في العالم ، الولايات المتحدة الأمريكية ، تعترف عن طريق وزارة الخارحية بهذه الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان بالمغرب التي ووقعت ولازالت تحدث لحد الآن تحت إشراف أعضاء البنية السرية المشكلة من حكومة الظل الموجودة في الديوان الملكي ..
و تتهم بشكل رسمي المغرب بنهج سياسة القبضة الحديدية الكاملة إتجاه النشطاء الحقوقيين والمدونين والصحفيين المعروفين بخطهم التحريري المنتقد للنظام السياسي الحاكم في المغرب الحالي…
لدرجة ، أنه يمكن الجزم بأن التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية تبنى بشكل كامل كل ما جاء في تقارير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان برئاسة عزيز غالي والمنظمات الحقوقية الدولية ..
ما يعني، أن البنية السرية الحاكمة الفعلية في المغرب تمت تعريتها بشكل كامل من طرف أحد حلفائها الرئيسيين الكبار الذي كان وراء دفعها لتوقيع إتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني مقابل إعترافها بمغربية الصحراء من طرف الرئيس الأمريكي الجمهوري السابق دونالد ترامب..
ووعدها بفتح قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة والقيام بإستثمارات ضخمة بكل مدن الأقاليم الجنوبية الصحراوية…
لكن بعد سنتين من الرئاسة الديموقراطية للبيت الأبيض لم ينفذ أي شيء من هذه الوعود…
بل التقرير السنوي الأخير لوزارة الخارجية الأمريكية جاءت فيه على سبيل المثال ، التشبت بالحل الأممي لقضية الصحراء المغربية، ولاوجود للإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ، وعبارات ،الصحراء الغربية، وجبهة البوليساريو، حركة تحرير، وليس منظمة تتعامل مع الحركات الإرهابية الموجودة بالساحل الإفريقي…
مجمل القول ، أن هذا التقرير الأسود لوزارة الخارجية الأمريكية أدان بشكل مطلق مؤسسات الدولة المغربية الأمنية والقضائية في مجال حقوق الإنسان وحرية الصحافة ، وإستعملت في هذا الصدد لغة واضحة قاسية غير مسبوقة..
وخلص هذا التقرير، بأن المملكة تنهج سياسة الرأي الواحد في كل ما يضمن الحكم المطلق للبلاد ، في السياسة والإعلام والصحافة والنشر ، وأنها دولة إنتهكت كل المبادئ العالمية لحقوق الإنسان، وأن القضاء بها غير مستقل ومسيس، وأن الأجهزة الأمنية للشرطة القضائية إرتكبت ولازالت كل أنواع التعذيب من أجل الحصول على الإعترافات من قبل المعتقلين…
وان كل الصحفيين الذين حكم عليهم بسنوات سجن نافذة فبركت لهم ملفات جنائية بسبب كتاباتهم النقدية للسلطة..
وان محاكماتهم عرفت إنتهاكات خطيرة بالجملة ، وتجاوزات قانونية في كل مراحلها، وكانت بالفعل معظمها صورية…
الغريب ، أن ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارحية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ذهب في زيارة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية للقاء وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بليكن بعد مرور أسبوع عن صدور التقرير السنوي للوزارة عن حقوق الإنسان بالمغرب..
ما يطرح تساؤلات عديدة حول الهدف الحقيقي من هذه الزيارة ؟؟ أليس كان المفروض أن تكون هذه الزيارة الرسمية قبل صدور هذا التقرير الأسود الذي أدان بشكل كامل المغرب في مجال حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير ؟؟
أم أن هذه الزيارة جاءت من أجل منع تفعيل ماجاء في التقرير على أرض الواقع ؟؟
ولماذا لم تعلق وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج على هذا التقرير لحد الآن؟؟
ولماذا هذا الصمت المطبق من طرف المؤسسات العمومية الأمنية والقضائية التي إتهمها التقريرالسنوي بإرتكاب إنتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ؟؟
ولماذا لم يعقد مجلسي النواب والمستشارين جلسة إستثنائية للرد كما فعلا بعد صدور قرار البرلمان الأوروبي على تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان بالمملكة ؟؟
ولماذا المجلس الأعلى للقضاء ورئاسة النيابة العامة بالرباط لم يصدرا أي بيان إعلامي في هذا الموضوع ؟؟ ولم يرفعا صوتهما كما فعلا بعد صدور قرار البرلمان الأوروبي متهمين وزارة الخارجية الأمريكية بإنتهاك السيادة المغربية والتدخل في إستقلالية القضاء ؟؟
هل تجرأت هذه المؤسسات التشريعية ، البرلمان ، والمستشارين والأجهزة والأمنية والقضائية على إنتقاذ ماجاء في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية ؟؟
بطبيعة الحال ، كل مؤسسات الدولة المغربية التشريعية منها والأمنية والقضائية لا تملك الجرأة الأدبية والفكرية والسياسية لنفي ماجاء في التقرير السنوي لوزارة سيادية كبرى للولايات المتحدة الأمريكية.
ولهذا السؤال الأساسي المطروح ، هو كيف ستتصرف البنية السرية الحاكمة الفعلية في المغرب بعد هذا التقرير ؟؟ هل ستتجاهل هذا التقريع الأمريكي الغير المسبوق حول حقوق الإنسان وحرية الراي والتعبير بالمغرب ؟؟ أم ستعول على علاقتها الحميمة مع دولة الإحتلال الإسرائيلي لتجاوز الآثار الكارثية للتقرير الأمريكي؟؟
للعلم ، أن الكيان الصهيوني بنفسه يوجد في مأزق سياسي دولي حرج منذ تشكيل حكومة نتنياهو اليمينية العنصرية التي تعرف علاقتها بالبيت الأبيض تدهورا خطيرا غير مسبوق على الصعيد السياسي والدبلوماسي.
التقرير الأمريكي لوزارة الخارجية حول حقوق الإنسان بالمغرب ركز على هذه النقط الأساسية :
-وجود معتقلين وسجناء سياسيين..
-إستقلالية القضاء تعاني من مشاكل خطيرة…
-تدخل تعسفي او غير قانوني في الحياة الشخصية…
-قيود صارمة على حرية الرأيى والتعبير ..
-توقيفات أو متابعات غير مبررة للصحفيين
-التشهير و متابعات جنائية او التهديد بها للحد من حرية التعبير..
-تدخل كبير في حرية التجمع و تأسيس الجمعيات…
-فساد حكومي خطير…
-غياب التحقيق و المساءلة عن العنف القائم على النوع
-إفتقار التحقيقات في الإنتهاكات التي إرتكبتها الشرطة أو قوات الامن أو في مراكز الإحتجاز الى الشفافية، كما أنها واجهت في كثير من الأحيان تأخيرات طويلة و عقبات اجرائية ساهمة في الافلات من العقاب.
https://www.state.gov/reports/2022-country-reports-on-human-rights-practices/morocco
يتبع …
نورالدين الزياني / لاهاي / هولاندا /