وصفت صحيفة «الغارديان» البريطانية أول عملية زرع قلب خنزير معدل وراثياً داخل جسم إنسان بأنها «علامة بارزة» في علم الطب، ولكنها ذكرت أن العملية أثارت مخاوف كبيرة تتعلق بالسلامة والأخلاق.
وكان جراحون في المركز الطبي بجامعة ميريلاند الأميركية قد أجروا، مساء الجمعة، عملية زرع قلب خنزير داخل جسم ديفيد بنيت (57 عاماً)، والذي كان يعاني من قصور في القلب ودخل المستشفى منذ أكثر شهر.
وكان الأطباء يرون أن بنيت يواجه موتاً شبه مؤكد وغير مؤهل لإجراء عملية زرع قلب بشري بسبب صعوبة حالته الصحية، وكملاذ أخير، سعى الفريق الطبي للحصول على إذن طارئ من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لزرع قلب خنزير معدل وراثياً، وتم الحصول على الموافقة.
وقالت الصحيفة إن العملية كانت كان إجراءً استثنائياً واستغرقت 8 ساعات، وتمت الاستعانة بقلب من خنزير معدل وراثياً لتجنب رفض الجسم البشري له، وأوضحت أن من بين التغييرات الجينية التي تم إجراؤها على القلب إزالة جزيء السكر من الأنسجة مما يؤدي إلى رفض الجسم البشري له.
وقال الأطباء، أول من أمس (الاثنين)، إن بنيت كان مستيقظاً ويتنفس بمفرده، لكن من السابق لأوانه اعتبار العملية ناجحة، حيث ينتظر الأطباء ليروا كيف ستكون الحالة الصحية لبنيت في الأيام المقبلة.
وأوضحت «الغارديان» أن استخدام أعضاء الحيوانات لإنقاذ حياة البشر له تاريخ طويل ومثير للجدل، حيث يرى المدافعون عن هذا النهج أنها طريقة لخفض قوائم انتظار المرضى المصابين بأمراض شديدة، بينما يرى نشطاء حقوق الحيوان أنه أمر خطير وبغيض من الناحية الأخلاقية.
واستعرضت الصحيفة البريطانية عدداً من حالات نقل أعضاء حيوانية لبشر، مثل أطباء أميركيون زرعوا، في ستينات القرن الماضي، كلى قرود الشمبانزي في أجسام أكثر من 12 مريضاً، ولكنهم ماتوا جميعاً في غضون أسابيع باستثناء واحد منهم.
وكذلك في ثمانينات القرن الماضي، تمت زراعة قلب قرد بابون لطفلة في كاليفورنيا لكنها توفيت بعد ثلاثة أسابيع.
ولفتت «الغارديان» إلى أن الخطر الرئيسي يتمثل في الرفض المناعي والذي قد يحدث حتى مع الأعضاء البشرية، حيث يحتاج المتلقون إلى تثبيط مناعي مستمر لمنع أجسامهم من مهاجمة عمليات الزرع.
وقالت إن قلب الخنزير الذي استُخدم في العملية تم تعديله وراثياً ليكون أقل عُرضة للرفض المناعي، ولكن من غير الواضح إلى أي مدى سيتحمله الجسم لأن العضو يأتي من نوع آخر، وسيحتاج الجسم إلى كبت مناعي أقوى من المعتاد.
وأشارت إلى أنه تم التركيز على الخنازير لأنها على الرغم من أن أجهزة المناعة لديها مختلفة عن البشر، فإن أعضاءها متشابهة جداً.
وقالت إن العلماء في التسعينات توقفوا عن الاستعانة بأعضاء الخنازير عندما وجدوا أن هناك فيروسات كامنة في الحمض النووي يمكن أن تصيب الخلايا البشرية، وهو ما أثار القلق بشأن صحة المرضى.
وتابعت أنه تم إجراء أبحاث للتغلب على تلك المشكلة، من خلال تعديل الحمض النووي للخنازير لإزالة الجزيئات التي تؤدي إلى رفض المناعة، وأجرى العلماء تعديلات دقيقة تزيل العشرات من الفيروسات من أنسجة الخنازير على أمل أن تكون الأعضاء أكثر أماناً عندما يتم زرعها.
وأكدت الصحيفة أن الكثير من شركات التكنولوجيا الحيوية تجري بحذر تجارب للتحقق مما إذا كانت الأعضاء آمنة وفعالة، أولاً داخل أجسام الحيوانات الأخرى ثم في البشر، وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من فشل أعضائهم، يظل الأمل قائماً في الوقت الحالي على سخاء المتبرعين من البشر.
متابعة..