إنفجر جدل عقيم وسط المعارضين في الخارج قبل الداخل بسبب “مذكرة الإعتقال” في قبرص ضد مجرمين مغاربة في مناصب الأمن والمخابرات بزعامة الحموشي وأتباعه الضالين الفاسقين في اليوتوب والمحاماة الذين يروجون لأنباء ساقطة. وإستغل بعض المناضلين منهم الصادق ومنهم المحتال هذه الحادثة للتشفي وليمعّنوا في فرض نمط من النضال يختزل كل المآسي والشرور التي يعاني منها الشعب المغربي المقهور في رهط آثم لا يتعدى أصابع اليد الواحدة ويتناسوا المتسترين بالظلام الذين أتوا على الأخضر واليابس في المغرب.
لا يفقه بعض المناضلين الجدد في الخارج الطبيعة الحقيقية للنضال المغربي وسيرورته التاريخية.
إنه نضال أفقي وعمودي تنخرط فيه مختلف الشرائح والطبقات على قدر المستطاع. وغاب عن بال البعض أن نضال المغاربة ضد الفساد كان غداة الإستقلال ويتوارثه في إلتزام مع الأمة الخلف الصادق عن السلف المشمول برحمة الله. وفي طريق النضال المحفوف بالمخاطر، إستشهد أخيار، وعانى الصالحون من التعذيب والسجون ويتعايشون مع أعطابهم، وإنحرف آخرون وتاجروا بمبادئهم وأصبحوا جلادين في صف النظام الفاسق وصاروا على ملته. وفي طريق النضال، يوجد من آمن بالدفاع عن مكاسب الشعب منذ نعومة أظافره ولا ينتظر لا شكرا ولا جزاء، ويحضر من تعرض لحادث ويناضل من أجل التعويض ويعتقد أنه يمتلك مكتب الضبط للمصادقة على منح شهادات النضال والإفتاء في من هو صالح ومن هو طالح ومن تجوز فيه صفة المناضل.
نقف بأسف شديد على ممارسات مقيتة، يسجل بعض المناضلين المكالمات الهاتفية في رعونة لا تقل خسة عن المخبرين الرخيصين. متى كان المناضلون الصادقون يسجلون المكالمات الهاتفية ؟ لا يصدر هذا التصرف العفن إلا عن أفّاق محتال ملعون من الخالق الجبار. نقف بأسف شديد على تصيد البعض لأخطاء الآخرين للظهور بمظهر المناضل المغوار الوحيد في ساحة الحرب.
وحيث تناضل جماعة في اليوتوب، وهو عمل محمود وإن كان البعض قد حوله إلى مصدر مدر للربح الوافر من أجل العيش الرغيد، سعت جماعة صادقة مع نضالات الشعب في صمت لكي يدين البرلمان الأوروبي النظام الفاسق فيما إرتكبه من جرائم ومعاصي وخروقات في حقوق الإنسان. ووفق الله هذه الجماعة المكونة من أخيار تكاثفت جهودهم في مسعاها ،وحصل المطلوب والمنشود وهو إدانة نظام البطش والقهر بعد إنتظار 25 سنة، وبعد أن تخلت عنه حاميته السابقة فرنسا مثلما يتخلى العشيق عن عشيقته.
وحيث يقتصر البعض على اليوتوب لبلوغ منفعتين الذاتية بالربح والجماعية بفضح الظالمين، تعمل فئة أخرى على فضح عملاء الإستخبارات المغربية المعروفين والمندسين منهم في أوروبا وبعضهم تحت يافطة النضال. وتسعى فئة الصالحين في صمت إلى ترصد أملاك المسؤولين الفاسدين في الخارج والمسجلة في أسماء أبنائهم وعشيقاتهم وسماسرتهم، وستكون مفاجآت كبيرة في هذا الملف يبتهج لها الشعب المقهور وبدايتها إختلاس السفيرة “للاهم جمانة” لأموال الشعب. يينما بعتقد البعض في مسؤولية ” شوف خيخي ” وأخواتها مثل ” برلمان كم ” في ممارسة صحافة الزندقة الاعلامية، يفضح طرف آخر المايسترو الحقيقي في فريق الإغتيال الاعلامي وهو كريم بوزيدة الذي تصدر عنه أوامر الهجوم على المناضلين في الداخل والخارج. وحيث سعى طرف لجعل ملف “إسكوبار الصحراء” محصورا على الناصيري والبعيوي، يشير آخرون بالأدلة إلى إلياس العماري والمستشار الملكي فؤاد علي الحمة أحد مدراء معامل إنتاج الشر والقهر في مملكة محمد السادس.
وحيث تناضل جماعة في اليوتوب فقط، وتختزل مشاكل المغرب في شخص أو شخصين وتدرك أن قبل الحموشي كان العنيكري وبعد الحموشي قد يأتي مجرم آخر، تؤمن أخرى أنه يجب فضح الفاسدين في المغرب من المقدم والشرطي والموظف في البلديات إلى الملك ومحيطه وفي قطاعات أخرى لوضع حد لوراثة الإجرام من سلف مجرم الى خلف أكثر إجرام منه ليختفي أمثال العنيكري والحموشي وحامي الدين.
لقد أضحت آفة الفساد في المغرب مشكلة بنيوية، وهو ما يستوجب تظافر عمل الجميع لهدم كافة حلقات هذا الفساد الغاشم في مغرب لا مجال فيه لمجرمين أمثال الحمة وبوزيدة والحموشي وحامي الدين.
إن الأبطال الحقيقيين في النضال هم الذين يتعقبون ممتلكات المسؤولين الفاسدين في الخارج، وهم الموظفون الذين يغامرون ويقامرون بحياتهم ، ويسربون ملفات الفساد لفضح الفاسدين من سطو على الممتلكات والتستر على القتل كحالة التهامي بناني رحمة الله عليه والضابط العسكري مراد الصغير والإتجار في المخدرات الصلبة. إن الأبطال الحقيقيين هم من عاهدوا الله والشعب على فضح كل من سرق أموال مستشفى لأنه مثل قاتل الناس، وكل من إختلس ميزانية مدرسة لأنه سرق مستقبل الكثير من الشباب، وكل من زجّ ببريء في السجن ترضية لفاسق في منصب سلطة كما يقع مع الصحفيين وأبناء الريف الكريم.
بفضل إستماتة بعض المناضلين، صدرت مذكرة إعتقال فرنسية في حق المجرم الحموشي صانع الأفلام الإباحية ونتمنى أن تصبح مذكرة إعتقال دولية. لنثابر من أجل إصدار مذكرات أخرى في حق من سرقوا ممتلكات المغرب وهرّبوها إلى الخارج. في حق من نشروا الكوكايين والهروين والبوفا في صفوف الشعب المغربي كحالة الفاسد حامي الدين ورئيس العصابة الحمة. وفي حق من نهبوا البلاد وحصلوا في صمت على جنسية دول أخرى سيحتمون بها يوم الحساب والعقاب.
لا نتصيد أخطاء بعضنا البعض لتسجيل إصابات، نحن نعتمد النصيحة والمشورة. ليناضل كل واحد منا على قدر المستطاع في الدفاع عن الشعب. ونختم بقول الجبار الرحيم في الآية 286 من سورة البقرة ” لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”.
التوقيع: أصحاب الحق..
أي نظام دكتاتوري كيفما كان، يخاف من وعي المواطنين و ذكائهم. لهذا فهو يستخدم كل ما لديه من إمكانيات و أدوات لكي يسجنهم داخل الجهل و التخلف و الميوعة مع جرعات زائدة من النفاق و الخنوع و الترهيب كي تكون السيطرة كاملة على القطيع. نعم القطيع لأن الحكام لا ينظرون للمواطنين كشعب و لكن كقطيع و في أحسن الأحوال كعبيد سلاسلهم في عقولهم و ليس في أعناقهم و أرجلهم.
في نهاية الأمر النضال الحقيقي يجب أن يكون من أولوياته تحطيم الجهل و التخلف و الخوف و الذل، و إن نجح الأمر سيسقط النظام الدكتاتوري من تلقاء نفسه لأنه سيكون في مواجهة مواطنين واعين أذكياء لا تنطلي عليهم أي حيل خبيثة لتنويمه و تدجينه. مواطنين قادرين على اتخاذ قرار موحد بدون خذلان أو تراجع، لأن في الإتحاد قوة. لكن طالما هناك انقسام تشرذم و أنانية، فلا شيء ينجح اللهم إن تم اللجوء للجراحات الكبرى التي يمكن أن تكون لها مضاعفات قد تصل للهلاك.
و يبقى النضال في صمت، بعيدا عن أية أنانية أو مصالح و حسابات شخصية، خير نضال لأنه يرمي إحقاق الحق و محاربة الباطل و الدعوة للمعروف و النهي عن المنكر. نضال من أجل الكرامة و الحرية المسؤولة، لا يراد من وراءه لا جزاء و لا شكورا، و يبقى هذا المناضل شأنه شأن الجندي المجهول الذي مات في ساحة الشرف.