ملاك العرابي ..
يبدو أن التركيبة الإجتماعية للأسرة المغربية مسيجة بعناصر بيئية جعلت منها مؤسسة تفتقر إلى المناعة الحمائية ضد كل أشكال المؤثرات الخارجية التي تؤثر سلبا على هذه المؤسسة والتي تحولت بفعل التغيرات الحضارية من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية ، وهذا عامل بدت تجلياته واضحة في المعيش اليومي للاسرة من مسكن وملبس وما إلى ذلك من المظاهر المدنية للأسرة الجديدة.
وفي المقابل فإن هذا التحول الجدري للأسرة المغربية أنجب ثقافة جديدة في التعاطي مع الشكل الإجتماعي لها حيث أصبحت محكومة بالعنصر المادي بين الرجل والمرأة للحفاظ على أركانها
من الإنهيار خارج سلة من القيم التي كان للجد والجدة وكبار الإخوة المسؤولية الكبرى في إرساء ثوابت الأسرة على أسس ثقافية ذات أبعاد إجتماعية.
إن التحرر من قيود الأسرة الممتدة جعل نظيرتَها في الأسرة النووية عرضة لهزات ثقافية إجتماعية نفسية كما هو الحال في مواقع التواصل الإجتماعي ومقرات العمل وأماكن النقل العمومي وما إلى ذلك من الأماكن التي تضم تجمعات إفتراضية أو واقعية..
اذ يتم نسج علاقات تختلف باختلاف الطبقة الإجتماعية والعمرية والنفسية والثقافية وإن الهزات التي أسلفنا ذكرَها سابقا تندرج في هذا السياق حيث رجال ونساء ينسلخون عن مؤسسة الزواج.
وينخرطون في علاقات مجهولة المصير ولكل منا أن يتصور الأمر إنطلاقا من موقعه وإنطلاقا من الزوايا التي يرغب معالجة الأمر من خلالها، علما أن مؤسسة الزواج نفسها قد تقوم على أركان هشة بعيدا على ما هو إنساني كزواج المصلحة من أجل غاية ما ، ولإستجلاء الأمر سنرصد عينات لنساء ورجال دخلوا مؤسستي الزواج والأسرة من البوابة الضيقة ، لكن نتائجها النفسية والعاطفية لم تكن متوقعة لسبب بسيط أنها لم تكن من أركان هاتين المؤسستين ، تقول السيدة أنها تشكو زوجها الذي طلبها بإعداد الطعام وهي في حالة من الألم بسبب المغاص الناجم عن مخاض الولادة وتقول السيدة ; أن زوجها إهتم بأغراضه الشخصية في وقت كنت فيه بحاجة إلى مساندته.
وهناك أمثلة كثيرة لا يسعف الوقت لذكرها والإتيان عليها ، لكن هذين المثلين يشكلان حجر الزاوية في صناعة الشرخ في مؤسسة الأسرة ، دون إغفال الصراعات الأسرية الناجمة المترتبة عن الغيرة
المفرطة ، كنتيجة للإحتكاك بين الرجل والمرأة في المواقع الإفتراضية والواقعية كما أوردناها سلفا.
وبناء على ما سبق فإن التشبث بالمُثُل والقيم العليا هو جزء أساسي في بناء مؤسسة الزواج والأسرة في إحترام كامل لخصوصيتنا الإجتماعية والثقافية، حفاظا على هذه المؤسسة التي نعتبرها ركنا أساسيا من أركان المجتمع الذي لا يمكن أن يستقيم إلا بتقوية مؤسسة الزواج في إطار من الثوابت الأخلاقية والدينية وكذلك القيم الكونية التي نتقاسمها مع مجتمعات أخرى.