ماذا تحقق بعد خمسة وستون سنة من الإستقلال ؟؟ هل تحققت الدولة الحديثة المغربية بمعايير ديموقراطية ؟؟

Advertisement

فرحان إدريس..

في كل يوم 18 نونبر من كل سنة يحتفل الشعب المغربي بعيد الإستقلال ، أي خروح المملكة المغربية ملكا وشعبا من الحماية العسكرية الفرنسية التي دامت ما يقارب أكثر من أربعة عقود كانت المقاومة العسكرية في بعض المناطق المغربية وليس جلها ، النخب المغربية كانت تنقسم إلى ثلاثة أقسام في موقفها من الإستعمار الفرنسي ..
الطائفة الأولى كانت مع المقاومة السلمية للإستعمار ، القسم الثاني كان يتعامل مع المستعمر الفرنسي بشكل مباشر، ويتواطئ معه ضد زعماء الحركة الوطنية والمقاومين ، الثالث كان يتفرج كأنه في حلبة المسرح ينتظر مكن سسيحسم الصراع العسكري ..
مع الأسف ، الشعب المغربي لا يعرف بالتفاصيل الملاحم العسكرية والبطولية التي سطرها المقاومة الوطنيون الشرفاء ضد الإستعمار الفرنسي في بعض الجهات والمدن والقرى والجبال المغربية ..
لهذا تطرح أسئلة عديدة حول الإنجازات بالمملكة ، و ماذا تحقق على الصعيد المحلي والجهوي والوطني بعد خمسة وستون سنة من الإستقلال ؟؟ هل كانت هناك تنمية بشرية وإقتصادية شاملة بكل ربوع المملكة ؟؟ هل أصبحت الإدارة المغربية العمومية وطنية مائة في المائة ؟ هل سمح للقطاع الخاص الوطني بالإستثمار في كل القطاعات والمجالات ؟؟
أول ملاحظة يمكن رؤيتها بالعين المجردة ، أن الجهات والمدن والقرى والجبال التي شهدت معارك شرسة وبطولات ملحمية ضد المعمر الفرنسي حرمت من التنمية البشرية والإقتصادية بشكل كامل بحيث بقيت كما تركها الإستعما رالفرنسي ، والأمثلة عديدة لا تعد ولاتحصى ..
ثانيا ، سمح في هذه المناطق بإنتشار الدعارة بين الأسر والعائلات بشكل مقصود من أجل ضمان لقمة العيش أمام أعين الدرك الملكي كأنه عقاب لهم على مقاوتهم العسكرية للإستعمار الفرنسي ..
ثالثا ، بقيت خطوط السكك الحدية كما تركها الفرنسيون في حدود مراكش جنوبا وإلى غاية مدينة وجدة التي لا يخطيها التيارالكهربائي الذي يوجد يتوقف في مدينة فاس رغم توالي حكومات متعددة منذ عهد الإستقلال ..
رابعا ، النظام الملكي بقيادة الملك المرحوم الحسن الثاني بدا منشغلا طوال حكمه في الحرب مع زعماء الحركة الوطنية من أجل السيطرة على القرار السياسي والإقتصادي ، ولهذا عمد إلى خلق أحزاب إدارية عديدة للتحكم في المشهد السياسي ..
خامسا ، منذ الإستقلال الدولة المغربية حافظت على المنظومة الفرنسية في مختلف الإدارات العمومية السياسية منها والأمنية والإستخباراتية والقضائية ..
على المستوى الإقتصادي ، الأسر والعائلات التي كانت لديها علاقة مع الإستعمارالفرنسي حظيت دون غيرها بإحتكار القطاعات الكبرى سواء في الإتصالات أو النقل أو المراصلات السلكية واللاسلكية بتوافق بطبيعة الحال مع المؤسسة الملكية التي سيطرت بشكل كامل على المجال الفلاحي والصناعي والتجاري ..
لدرجة ، أنه لا يمكن أن تجد العائلات الوطنية التي عرفت بمقاوتها الشرسة للمعمر الفرنسي في القطاعات الإقتصادية الكبرى سواء المالية والبنكية منها أو الصناعية ..
لهذا ، يمكن الجزم أن عهد المغفور له الملك الحسن الثاني عرف بنجاحه الكبير في تنظيم الأجهزة الأمنية والإستخباراتية وسيطرته المطلقة على القوات المسلحة الملكية ..
أما على صعيد البنية التحتية التربوية والتعليمية والصحية فقد بقيت كما كانت في عهد الإستعمار الفرنسي سواء على محليا أو جهويا أو وطنيا ..
لكن المشكل الكبير التي كانت تعاني منه الدولة المغربية الحديثة منذ الإستقلال ولازالت لحد الآن سواء إبان الملك الراحل الحسن الثاني أو في عهد الملك محمد السادس هو الفساد المستشري والمهيكل في كل مؤسسات المملكة السياسية منها أوالسيادية أو الإقتصادية أو الإعلامية أو الإجتماعية ..
هناك ظاهرة متكررة ميزت الحكومات المغربية المتعاقبة على الحكم طوال ستة العقود الماضية هو الإقتراض من الخارج الذي بلغ الملايير من الدولارات منذ عهد الإستقلال لغاية كتابة هذه السطور سواء من صندوق النقد والبنك الدوليين أو من الدول الأوروبية والأمريكية الذي لم ترى آثاره على مستوى البنية التحتية للدولة المغربية ..
ومن الدلائل الحية عن فشل النظام السياسي الحاكم بالمغرب في بناء دولة حديثة على جميع الأصعدة والمستويات ، هو أنه منذ أن يغادرالمرء أي محطة قطاررئيسية بإحدى المدن المغربية الكبرى لبضع كيلومترات خارج المدينة ، إلا و يكتشف حقيقة صادمة لا غبار عليها هو كثرة البناء العشوائي وأحياء الصفيح المنتشرة في كل مكان ومدن هامشية تمتد أكثر فأكثر ، التي لا تتوفر على مجاري الواد الحار ولا على الماء الصالح للشرب ، لكن تنتشر فيها الأمية والدعارة وتجارة المخدرات بكل أنواعها ..
ظاهرة أخرى ، لا يمكن أن ننساها هو توجه الطبقات الفقيرة منذ بداية الستينات للهجرة إتجاه الدول الأوروبية والأمريكية على السواء ، فرنسا وبلجيكا وألمانيا ومؤخرا إيطاليا وإسبانيا ، والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وإلى دول الخليج العربي من أجل تحسين وضعيتهم المادية وضمان مستقبل أفضل لأبناءهم ..
هذه الشريحة يطلق عليها حاليا مغاربة العالم أو الجالية المغربية بالخارج وصلت مع مرور السنين والزمن ما يقارب ستة ملايين نسمة ، لدرجة أنها أصبحت تعتبر المصدر الأول للمملكة المغربية في جلب العملة الصعبة والقطاع الأول الإقتصادي بالمغرب ..
لكن في بداية الألفية لم تعد الهجرة مقتصرة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة فقط ، بل توسعت لتشمل طبقة الأغنياء ورجال الأعمال والسياسيين الذين أصبحوا يرسلون زوجاتهم للدول الأووبية والأمريكية من أجل أن يلدن في مستشفيات عمومية أو مصحات خاصة من أجل أن يحصلوا أبناءهم على جنسيات هذه الدول ، كأنهم لا يثقون في مستقبل هذا البلد المغرب ..
صحيح ، أنه في عهد الملك محمد السادس عرفت البلاد هيأة الإنصاف والمصالحة ومدونة جديدة في الأسرة و ودشنت أوراش إقتصادية كبرى لاسيما في الجهات التي كانت مغضوب عليها من طرق الملك الراحل الحسن الثاني ، وحدثت ثورة معلوماتية بكل المقاييس بظهورالصحافة الإلكترونية ،لكن مع هذه القفزة الإقتصادية الشاملة برزت للوجود ظاهرة التشرميل ومافيات للعقار بمختلف المدن والقرى المغربية ، وتضاعفت زراعة المخدرات لعشر أضعاف عما كانت عليه في العهد الملكي السابق ، وظهرت في السوق أنواع جديدة من الحبوب المهلوسة ..
في عهد الحسن الثاني رحمة الله عليه كانت المواجهة السياسية حامية الوطيس مع زعماء الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية الذين كانوا يطالبون القصر الملكي بتقاسم السلطة والحكم وبدمقرطة مؤسسات الدولة المغربية وبالعدالة الإجتماعية ، إنتهت المعركة بموت الملك الحسن الثاني وبتشكيل أول حكومة التناوب بقيادة إتحادية سرعان ما تخلص منها مهندسو ا العهد الملكي الجديد ، بعدما تم القضاء على رموز الحزب الوطنية و تفكيكه بشكل نهائي ، وتسليم قيادته للوجه المخزني الجديد لمشرط الحناك إدريس لشكر..
نفس السيناريو الدراماتيكي يتكررالآن مع حزب العدالة والتنمية بعدما تم إفشال عبد الإلاه بنكيران من تشكيل حكومة ثانية برئاسته سنة 2016 ، بعدما كان قد حقق إنتصارات متتالية في جولات إنتخابية على مرشحي المخزن سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي أو الوطني ..
الإطاحة به كأمين عام لحزب المصباح للمرة الثالثة على التوالي من طرف رفاقه المقربين منه في الحزب ، بعدما أوصلهم لرئاسة الحكومة كانت البداية ، وتعيين الدكتور سعد الدين العثماني كانت الخطوة الثانية ، وبالتالي التحكم في تشكيل حكومة تعتبرإنقلابا كاملا على الإرادة الشعبية التي أفرزتها الإنتخابات البرلمانية لسنة 2016 ..
الخطوة الثالثة ، هو ما تخطط له وزارة الداخلية بقيادة عبد الواحد لفتيت بتنسيق تام مع ما تبقى من الأحزاب الوطنية الإستقلال والإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ، والإدارية المعروفة ، التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والإتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة هو إعتماد القاسم الإنتخابي في الإنتخابات البرلمانية المقبلة لسنة 2021 من أجل منع حزب العدالة والتنمية من تصدر المشهد السياسي للمرة الثالثة على التوالي وبالتالي إبعاده بشكل نهائي عن رئاسة الحكومة ..
بلغة أوضح , يعني وضع سياسة رسمية من طرف الدولة المغربية لتوير الإنتخابات البرلمانية المقبلة لصالح رجل الأعمال والمليادير عزيز أخنوش رئيس التجمع الوطني للأحرار من أجل تعيينه رئيسا للحكومة المقبلة ..
لكن يبقى السؤال المطروح , هل ستسمح الإدارة الديموقراطية الجديدة بالبيت الأبيض بزعامة الرئيس المنتخب جو بايدن بهذا السيناريو الإنقلابي على الإرادة الشعبية المغربية ؟؟

يتبع…

للذكر المقال أرسلناه إلى : الديوان الملكي…

……………………الكتابة الخاصة لسي ياسين المنصوري ..
…………………….رئاسة الحكومة
……………………الأمانة العامة للحكومة
……………………رئاسة البرلمان المغربي
……………………رئاسة مجلس المستشارين
……………………رؤساء الفرق البرلمانية
…………………….وزارة الشؤون الخارجية والتعاون
…………………….وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية
……………………..وزارة الجالية والهجرة
……………………..المجلس العلمي الأعلى بالرباط
……………………..وزارة المالية
…………………….مجلس الجالية
…………………….مؤسسة الحسن الثاني لمغاربة الخارج
…………………….الأمانة العامة للأحزاب السياسية المغربية
…………………….للسفارات المغربية بالخارج ..

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.