ماذا يحمل بايدن في حقيبته للفلسطينيين؟.. تشاؤوم وغضب من أهداف جولة الرئيس الأمريكي وتحذير من “العسل المسموم” وتشكيل تحالف ضد المقاومة.. “وثيقة القدس” الغامضة تتصدر المشهد وتجاهل عباس.. زيارة عنوانها إسرائيل أولاً والتطبيع والاقتصاد ثانيًا.. أين وعود بايدن؟ وماهي المرحلة الجديدة لما بعد الزيارة؟

Advertisement

غزة – نادر الصفدي:

عند سؤالك لأي فلسطيني “مُتابع للسياسة وتطوراتها” عن أهداف زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة، ستكون إجابته بشكل سريع “إسرائيل”، وعند إعادة السؤال بصيغة أخرى بأن بايدن سيلتقي بالرئيس محمود عباس في رام الله، ما توقعاتك من هذا اللقاء؟ فستكون إجابته أيضًا “لمصلحة إسرائيل”.

الإجابة في الشارع الفلسطيني عند زيارة أي مسؤول أمريكي بارز للمنطقة واضحة ومباشرة، فدروس الماضي قد علمتهم كثيرًا بأن مصالح “إسرائيل المدللة” هي الهدف الأول والأخير لأي تحرك أمريكي، والقضية الفلسطينية مجرد تحصيل حاصل، لا وزن لها في حقيبة مسئولي واشنطن.

ورغم أن الجانب الإسرائيلي يُركز كثيرًا على زيارة بايدن للمنطقة، ونتائجها السياسية والأمنية والاقتصادية “الهامة جدًا” بالنسبة لدولة الاحتلال، إلا أن الطرف الفلسطيني لا يُبدي أي اهتمامًا لهذه الزيارة، ويتابعها كأي زيارة مسؤول رفيع المستوى، دون تعليق أي آمال أو طموحات، “فالمكتوب باين من عنوانه”.

لكن، بعض الأصوات الفلسطينية لا تريد أن تمر هذه الزيارة “المشئومة” مرور الكرام، فدعت لتنظيم مسيرات شعبية حاشدة في مدن الضفة الغربية المحتلة، ضد زيارة بادين، وإيصال رسالة غضب واحتجاج من نهج أمريكا في التعامل مع إسرائيل وإغماض عيونها عن جرائمها، ومحاولة فتح الطريق لها للوصول إلى العواصم العربية عبر عربة التطبيع.

فيما حذرت أصوات أخرى من الأهداف الخفية للزيارة والمتمثلة بتشكيل “تحالف عربي-إسرائيلي” هدفه الرئيسي القضاء على كل شيء يقاوم المحتل الإسرائيلي، ويؤسس لمرحلة جديدة قد تكون فيها دولة الاحتلال “الصديق المخلص” للكثير من الدول العربية والإسلامية، التي طالما كافحت وقالت “لا” للتطبيع.

فوفقًا للكثير من المسئولين والمراقبين، فإن ما بعد زيارة بايدن للمنطقة وجولته في الدول العربية والإسلامية التي تشبه “العسل المسموم”، لن تكون كما قبلها، فالجميع يُرجح بأن القدم الإسرائيلية قد تدخل مناطق وعواصم كان في السابق يهدد بأن تقطع وتعلق على أبوابها.

ووسط ملفات شائكة وأزمات عاصفة، يحطّ الرئيس الأمريكي جو بايدن رحاله في المنطقة، فيما تبدو القضية الفلسطينية وآمال السلطة تتبدد في إمكانية تحقيق اختراق خلالها، أمامّ زخم الملفات على طاولة الرئيس الأمريكي، فيما يترقب الجميع في إسرائيل وصول بايدن، في زيارة تاريخية ذات دلالات شتى.

ومن المقرر أن يصل بايدن، في تمام الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر الأربعاء إلى مطار بن غوريون، وسيكون رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في استقباله.

وتعتبر هذه الزيارة العاشرة لبايدن إلى إسرائيل، لكنها الأولى له كرئيس.

ويختتم بايدن زيارته للمنطقة بلقاء في السعودية يجمع قادة مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب رؤوساء مصر والأردن والعراق.

الجدير بالذكر أنّ زيارة بايدن – الرئيس السادس والأربعين لواشنطن- هي الأولى له في المنطقة منذ انتخابه رئيسا للولايات المتحدة في شهر يناير عام 2020، أي بعد عام وسبعة أشهر تقريبا من توليه الرئاسة.

  • تشاؤم فلسطيني

وفي هذا الصدد يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د. واصل أبو يوسف، إنه “لا أمل يبنى على زيارة بايدن للمنطقة، فهي تأتي لتوفير المزيد من الدعم للاحتلال”، مضيفًا “الزيارة محاولة لجعل دولة الاحتلال جزء من المنطقة في إطار هيمنة واشنطن ومصالحها وشراكتها الاستراتيجية معه”.

وأكدّ أبو يوسف أنّ كل ما تحدث به بايدن في حملته من وعود تجاه القضية الفلسطينية لم تنفذ، بل نفذّ عكسها.

وأوضح أن ما سيجري على المستوى الفلسطيني، “هو عقد لقاء أقل من ساعة مع الرئيس عباس، ما يشير إلى أنّ مركزية الزيارة تأتي للاحتلال”، مبينًا أن الهدف الرئيسي محاولة ترتيبات المنطقة لموقف عربي تكون دولة الاحتلال جزء من إطار مصالحه الاستراتيجية.

بدوره قال مستشار وزارة الخارجية الفلسطينية د. أحمد الديك، إن جوهر زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة، له أهداف اقتصادية محضّة ومرتبطة بالأساس بمصالح واشنطن في المنطقة، تحديدا على ضوء نتائج الأزمة الروسية الأوكرانية.

وأوضح أنّ الزيارة لها أيضا أبعاد سياسية وأمنية، تتعلق بالصراع الفلسطيني (الإسرائيلي) والأوضاع في المنطقة، مضيفا: “بذلنا قصارى جهدنا لتبقى القضية في صلب الاهتمامات وبرنامج عمل الزيارة”.

وعدّ الديك تخصيص بايدن لقاء مع القيادة الفلسطينية في بيت لحم، “إعادة اعتبار للقضية الفلسطينية بعد محاولة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تهميشها، وإزاحتها عن سلم الاهتمامات”.

ورأى أن الزيارة تأكيد بأن “القيادة الفلسطينية شريك مهم وحقيقي للإدارة الأمريكية”.

وأكدّ الديك أن الزيارة “فرصة”، “لتعزيز العلاقات الثنائية واستعادة الأفق السياسي، وترجمة تعهدات واشنطن خاصة بوقف التصعيد (الإسرائيلي)، وفتح القنصلية واستئناف الدعم، ورفع المنظمة عن قائمة الإرهاب”، وتابع: “ستكون لهذه الزيارة نتائج، إن لم تكن مباشرة، فستكون بعدها”.

 وفي غضون ذلك، استبعد الديك رغبة واشنطن في تشكيل حلف ناتو شرق أوسطي جديد: “واشنطن معنية بمصالحها، ونحن أكدنا أن المبادرة العربية هي التي تمثل الحل الأساسي لأي ترتيبات”.

كما أكَّد المكتب السياسي للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، أنّ “زيارة بايدن للمنطقة تأتي كجزء من الهجمةِ المسعورةِ والمتصاعدةِ ضدَّ وجودِنا على أرضِ فلسطينَ ومستقبلِ أمّتِنا العربيّة؛ معلنةً عن هدفِ تشكيلِ تحالفٍ معادٍ لشعوبِ المنطقةِ وقوى المقاومة فيها، ولحقوقِ الشعبِ الفلسطينيّ، وهو ما يُوجبُ مقابلةَ هذهِ الزيارةِ بكلِّ معاني الرفضِ الشعبيّ والرسميّ، والتعبيرِ عن الاحتجاجِ برفعِ الصوتِ عاليًا في وجهِ العدوِّ وداعميه وحليفِهِ الإمبرياليّ”.

وشدّد المكتب السياسي، في نداءٍ له وجّهه لأبناء شعبنا ولجميع الأحرار في منطقتنا العربيّة، على أنّ “الإدارةَ الأمريكيّةَ لا تتورّعُ عن إظهارِ أهدافِها من خلالِ سياساتِها العدوانيّةِ التي تمارسُها ضدَّ شعبِنا، وكذلك من خلالِ برنامجِ هذهِ الزيارةِ المعلن، التي تشملُ زيارةً لقواعدِ العدوانِ الصهيونيّ على شعبِنا الفلسطينيّ وبلدانِنا العربيّة، وسيتخلّلُها تأكيدٌ على دعمٍ ماليٍّ وتسليحيٍّ جديدٍ لمنظومةِ حربِ الكيانِ الصهيونيّ ضدَّ وجودِنا، وما زالت دماءُ الشهيدةِ شيرين أبو عاقلة بيّنةً على يدِ السفّاحين الصهاينةِ الذين نفّذوا الاغتيالَ وشركائهم من مجرمي الإمبرياليّةِ الأمريكيّة، الذين غطّوا الجريمةَ وعرقلوا التحقيق، بما يُشّكلُ انكشافًا إضافيًّا للشراكةِ الكاملةِ والعلنيّةِ مع العدوِّ الصهيونيّ في جرائمِهِ المتواصلةِ بحقِّ الأمّةِ وشعوبِها”.

 

  • وثيقة غامضة

هذا ومن المقرر أن يوقع الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته لإسرائيل مع رئيس وزراء الأخيرة يائير لابيد بيانًا مشتركًا يعرف باسم “إعلان القدس” وفق إعلام عبري.

وذكرت قناة “كان” العبرية الرسمية، أن هذا البيان “هو وثيقة من أربع صفحات سيتم توقيعها من قبل لابيد وبايدن” الذي يبدأ زيارة إلى إسرائيل يوم الأربعاء، ونقلت القناة، عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، لم تسمه، أن الحديث “يدور عن بيان تاريخي يعبر عن الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل وازدهارها والعلاقات بين البلدين”.

وتشمل النقاط الرئيسة في “إعلان القدس”، بحسب القناة، “رسالة موحدة ضد إيران وبرنامجها النووي وأنشطتها الإقليمية والالتزام بعدم السماح لها بامتلاك أسلحة نووية، وكذلك السماح لإسرائيل بالدفاع عن نفسها بنفسها”.

ووفق القناة سيشمل البيان “إشارة إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، دون مزيد من التفاصيل.

كما سيشمل “الإشارة إلى تعزيز التطبيع وتوسيع دول السلام”.

وأضافت القناة، أن الوثيقة “ستؤكد على أهمية الولايات المتحدة كمرساة للاستقرار في المنطقة، وستوسع البرامج المشتركة بين الدول في مجالات التكنولوجيا”.

ونقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير آخر، لم تسمه، أن “هناك خطوات بين إسرائيل والسعودية في مرحلة الموافقة النهائية، وقد يتم إعلانها خلال زيارة بايدن”.

وتشمل هذه الخطوات “الطيران والرحلات الجوية (التي تقل الحجاج من فلسطيني 48) من إسرائيل إلى مكة والترويج للتعاون والشراكات مع المملكة، وإصدار تصريح طيران مدني إسرائيلي فوق الأجواء السعودية”.

كما تشمل، بحسب القناة، “تعزيز التعاون بين إسرائيل ودول الخليج، بما في ذلك السعودية – في مجالات الدفاع الجوي والدفاع البحري والتعاون في مجالات الدفاع مثل التعامل مع الحرائق والكوارث وحالات الطوارئ وكذلك في مجالات التكنولوجيا”.

وقادت اتفاقيات أبراهام دولاً عربية (الإمارات والبحرين) إلى الاعتراف بإسرائيل لأول مرة منذ أن اعترفت بها مصر عام 1979 والأردن عام 1994.

وفي وقتٍ سابق، رجّحت صحيفة “إسرائيل اليوم” أن يعلن بايدن خلال زيارته المنطقة عن إطلاق منتدى أمني إقليمي بمشاركة إسرائيل والولايات المتحدة، ويضمّ السعودية، البحرين، الإمارات، السودان، مصر والأردن.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.