ما رأي السلطات المغربية الرسمية وبرلمان وأحزاب ونقابات المخزن في ظاهرة لجوء الأطفال المغاربة إلى إسبانيا ؟؟
هجرة الأطفال المغاربة تسميها الكاتبة الإسبانية مرسيديس خمينيس ب “الهجرة الذاتية” أو هجرة أطفال في عمر الزهور يهجرون أحضان أسرهم في سن مبكرة لينطلقوا من مناطق مختلفة من المغرب : في رحلة نحو المجهول بعضهم من أصول حضرية وقروية والعديد منهم ينحدرون من البوادي المغربية ومن مناطق الشمال كما من الجنوب.
حيث أرقام نسب البطالة والفقر والهدر المدرسي جد مرتفعة..
يفضل الأطفال الحراكة للهجرة على متن القوارب إلا أن أسر أغلبهم لا تتوفر على المال الكافي لدفع مصاريف تكلفة الرحلة الباهظة، لذلك يلجأ الأطفال للحراكة لركوب مغامرة مايسمونه “الريسكي”(التسلل إلى ظهر البواخر أو الإختباء تحت محركات وهياكل الحافلات والشاحنات أو الإختباء بفوركونيطاط المسافرين .) .
ومن بين أهم المدن التي يتخذ منها الأطفال الحراكا وجهة أولية لمغامرتهم هي ،مدن سبتة وامليلية حيث تنشط فيها مافيات من النساء والرجال متخصصة في إدخال القاصرين إلى المدينتين والتخلي عنهم..
إنطلاقا من يناير 2003 بدأت وثيرة هجرة القاصرين في إرتفاع وفي تدفق إلى الشواطئ الأندلسية : في عملية نوعية شكل فيها يوم 24 شتنبر 2003 حدثا متميزا حسب السلطات الإسبانية إذ وصل قارب إلى مدينة طريفة الإسبانية على مثنه 21 قاصرا أصغرهم يبلغ من العمر13سنة
.أول مرة يصل فيها أطفال ومراهقون على مثن قارب تلاه في الشهر الموالي أكتوبر2003 وصول قاربين على التوالي على مثنهما 16 قاصرا والثاني 29 قاصرا بما مجموعه 49 قاصرا.
على الفور وكرد فعل أصدرت السلطات الإسبانية منشور(3ـ20031) بتاريخ 23 أكتوبر2003 يخول من خلاله إمكانية ترحيل القاصرين بلا رفقة إلى بلدهم الأصلي خلال 24 ساعة الذين يبلغون من العمر 16 سنة إلا أن تنفيذ مضمون هذا المنشور إصطدم ويصطدم بعراقيل وعقبات تحول دون إرجاع القاصرين الغير المرفقين نحو بلدهم الأصلي .
في سنة 2004 توالت الأرقام في إرتفاع مهول إذ أوقف الحرس المدني الإسباني119 قاصرا وإرتفع الرقم سنة 2005 إلى 318 قاصرا والذين يؤدون بين 1000 و1500 أورو ثمن نقلهم لمثلث الخطر طريفة ـ ألمرية ـ سيفيا (المصدر وثائق وزارة الداخلية الإسبانية) ..
أما كيف ولماذا إستفحلت وإستمرت ظاهرة تدفق الأطفال القاصرين المغاربة نحو الجارة الشمالية إسبانيا فمرد ذلك حسب رأي الخبراء وعلماء الإجتماع إلى الفهم التقليدي لبعض العائلات المغربية للهجرة بلا رفقة إذ تعتبرها هجرة إجتماعية يحتل فيها القاصرمكانة متميزة داخل هرم العائلة .
فلأول مرة يشكل القاصرون بالنسبة للعوائل المغربية إستراتيجية عائلية ومشروع ” إستثمار” وذلك في أفق حصول القاصر على الإقامة الشرعية وتليه مجموعة من الخطوات الإجرائية : إرسال وإعانة العائلة بمدخول شهري مالي وضمان مستقبله ومستقبل إخوته وأخواته..
هذا الطفل المغربي الصغير يتحول فجأة بفعل إنسداد الآفاق ببلده جراء السياسات اللا شعبية التي عصفت بقدرة الأسر الشرائية ، وأدت إلى ضيق ذات يدها لدرجة إن إضطرتها ضرورة الهروب من ضائقة الفقر لتجعل من فلذات أكبادها الصغار قاصرا ومسؤولا في ذات الوقت ، ينطلق بايعاز و برضا العائلة في رحلة نحو المجهول محفوفة بكل المخاطر يطول فيها العذاب من أول خطوة يخطوها من باب بيت والديه إلى أن تصل أقدامه ” الفردوس ” بسبتة أو مليلية ، حيث أكبر الملاجئ الإسبانية تنتظره مثل مركز سان أنطونيو ومركز فويرتي دي لا بوريسما بمليلية الذي لاتتوفر فيه شروط السلامة ، وأغلب الأطفال المغاربة يفضلون هجران هذا الملجأ السيئ السمعة وإستبداله بحياة الشارع ..حيث إمكانية التسلل أو ركوب مغامرة الريسكي متاحة بنسبة أعلى .
لذلك تجد هؤلاء الأطفال يتنقلون بشكل جماعي بين الشوارع الرئيسية وبجنبات أسيجة الموانئ ، مهاجرون صغار تحولوا إلى أطفال شوارع يضطرون لإمتهان السرقة والتسول والأكل من القمامة. والتعايش أحيانا مع عصابات من الأطفال المنحرفين يتعاطون المخدرات الرخيصة والكحول فيما يعيشون حلم الحرية بالفردوس الأروبي الذي ينتهي بأجساد الكثيرين منهم أشلاء ممزقة تحت عجلات شاحنات النقل الدولي ، أو ينتهي بهم المطاف بين مخالب إحدى عصابات دعارة الأطفال أو مسخرين في أنشطة ترويج المخدرات..
وأحيانا يتم توظيف البعض،منهم في عمليات القتل بالمقابل المادي ، أما الأطفال القاصرون الذين يفلحون في الوصول إلى الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط ، فأحوالهم لاتكون بأحسن من أحوال أقرانهم المودعون بمركز الإيواء بسبتة او امليلية….
فسمعة هذه الشريحة من المهاجرين الصغار تضررت بشكل كبير جراء سوء سلوكيات البعض من القاصرين المغاربة الذين واجهتهم صعوبات كثيرة في الإندماج بالمجتمع الإسباني بعد أن حولتهم حياة الشارع إلى منحرفين ولصوص مدمنين على السرقة بالنشل وعلى إرتكاب جراىم الإغتصاب الجماعي…وهذه السلوكات المشينة هي من تتخذ منها تيارات اليمين العنصري المعادية المهاجر المغربي بشكل خاص مادة إعلامية دسمة وحصان طروادة لتلويث سمعة القاصر المغربي وتقديمه للمجتمع الإسباني على أنه الخطر الكبير الذي يقوض أمنه ويهدد سلامته الجسدية بعقر داره ، كما يقوض أركان قيم السلم و التعايش الحضاري وحسن الجوار التي هي مكاسب وطنية تحققت بفعل نضالات الآباء والأجداد…..
الحسين فاتش بلنسيا اسبانيا…..