محلل سياسي مغربي . المشاركة في الحكومة باتت وسيلة للاستفادة من الريع

Advertisement

الرباط  : على الرغم من كونه أكبر أحزاب المعارضة في المغرب، كان غريباً غياب حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، خلال لقاء قدمت خلاله المعارضة البرلمانية المغربية ممثلة في الفريقين النيابيين لحزبي «الحركة الشعبية» و«التقدم والاشتراكية» إلى جانب المجموعة النيابية لـ «حزب العدالة والتنمية»، حصيلة عملها برسم الدورة الأولى من السنة التشريعية 2022-2023، في مجالات التشريع والمراقبة وتقييم السياسات العمومية والدبلوماسية البرلمانية.
وكان من اللافت غياب عبد الرحيم شهيد، رئيس «الفريق الاشتراكي»، عن اللقاء الذي حضره كل من إدريس السنتيسي رئيس «الفريق الحركي»، ورشيد الحموني رئيس «فريق التقدم والاشتراكية»، وعبد الله بوانو رئيس المجموعة النيابية لـ «حزب العدالة والتنمية»، الأمر الذي جر الكثير من الانتقادات على الحزب.
شقران أمام، الرئيس السابق لـ «الفريق الاشتراكي» في مجلس النواب، استغرب غياب الفريق نفسه، باعتباره الحزب القائد للمعارضة، لأسباب واهية بدعوى إساءة الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» للكاتب الأول لـ «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية».
وأفاد أمام، أن الخطوة تُطرح بشأنها الكثير من الأسئلة، خاصة بالرجوع إلى بلاغ المجلس الوطني الأخير للاتحاد، وما تضمنه من مواقف تُفيد التحول من المعارضة إلى المساندة النقدية أو المعارضة الناصحة أو أي وصف آخر تؤكده حقيقة كون الخطاب انتقل من الحديث عن «التغول قبل بداية الحكومة لعملها إلى الصمت حد التماهي في واقع تتأكد فيه يوماً بعد آخر ضرورة توفر المغرب على معارضة قوية مسؤولة قادرة على خلق البديل» وفق تعبيره.
وتابع السياسي المغربي عبر تدوينة على صفحته الرسمية بـ «فيسبوك» قائلاً: «كمناضل اتحادي، ورئيس سابق للفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أعتبر بأنه من الواجب على فريق حزبنا النيابي تحمل مسؤولياته الدستورية وممارسة أدواره في المعارضة كممثل للمواطنات والمواطنين، والاشتغال بروح الاتحاد وقوة حضوره وأدواره التاريخية بعيداً عن منطق الانتظارية والتردد في الجهر بما يجب الجهر به، مع العمل على التنسيق مع باقي مكونات المعارضة بما يخدم مصالح الوطن والمواطن».
وختم المتحدث كلامه بالقول: «اليوم لا يكمن الخوف على الوطن في معارضة الحكومة، ولكن في أن تكون هناك حكومة دون معارضة مسؤولة، وأن يتسيد الفراغ الموقف لتتسع الهوة شيئاً فشيئاً، وتنعدم ثقة المواطن في مؤسسات بلاده».
وسبق للخلاف بين إدريس لشكر، الكاتب الأول لـ»الاتحاد الاشتراكي»، وعبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية»، أن طفا إلى السطح خلال لقاء زعماء أحزاب المعارضة برئيس الحكومة عزيز أخنوش، حيث حضر جامع المعتصم عوض بن كيران، بسبب حدة الخلافات التي نشبت بين الطرفين على خلفية تبادل التراشقات والملاسنات بينهما. وهو ما أكده عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي، قائلاً: «كان الحزب واضحاً في هذه السنة من الولاية التشريعية في أخذ مسافة عن مكونات المعارضة بسبب تكرار ما يتعرض له حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» من ذكر في غير محله وطعن في كاتبه الأول من قبل الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» في عدد من التصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي، «نبهنا الإخوان في «العدالة والتنمية» لهذه المسألة، ومع ذلك تكرر الأمر بشكل مقصود، وهو ما حتم علينا انسجاماً مع مواقفنا، عدم التنسيق مع باقي المكونات في المعارضة».
ونفى شهيد متحدثاً لوسائل إعلامية محلية، أن يكون الحزب أخذ له مكاناً بين المعارضة والأغلبية، مؤكداً أن «الاتحاد الاشتراكي» وفيٌّ لموقفه متمثلاً في المعارضة البناءة لكل القرارات التي تمس الشعب المغربي في قدرته الشرائية وعيشه الكريم، وأفاد: «ليس مفروضاً علينا الاشتغال تحت يافطة المعارضة البرلمانية». وسائل إعلامية محلية عزت هشاشة التنسيق بين أحزاب المعارضة بالمغرب، وغياب «الاتحاد الاشتراكي» عن اللقاء البرلماني، إلى رغبة هذا الأخير في المشاركة في الحكومة حال حدوث تعديل حكومي قادم، حيث أشارت جريدة «الأسبوع الصحفي» إلى أن «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبَّر عن رغبته رسمياً في تطعيم الحكومة الحالية في التعديل الحكومي المقبل، لافتة إلى أن «الاتحاد الاشتراكي حُذف من تشكيلة الحكومة الحالية في آخر لحظة قبل تعيينها».
من وجهة نظر رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية في جامعة «ابن طفيل» في القنيطرة، شكَّلت المعارضة مدرسة لتأهيل النخب الاجتماعية والسياسية وتدريبِها على تَمثًّل مفهوم المصالح الوطنية، والتعاطي مع تعدد الاتجاهات الاجتماعية، والتمرّس على إدارة الشأن العام، مما جعل المُشرّع الدستوري في دستور 2011 يُعزِّزُ حقوق المعارضة بهدف تقوية الخيار الديمقراطي الذي بات معطلاً بفعل طموح قيادات سياسية.
وأبرز المحلل السياسي المغربي ، أن «المشاركة في الحكومة باتت وسيلة للاستفادة من الريع الحكومي، ورفض دخول الاتحاد الاشتراكي للحكومة جعله يتحول من مواجهة التغوُّل إلى ممارسة التسول السياسي لكون الدخول للحكومة غاية عوض أن تكون وسيلة عبر الاتجاه إلى تعطيل المعارضة».
«والحال أن هذا الوضع عطَّل قيام المعارضة بتفعيل أدواتها الدستورية ودعائمها، كضرورة ملحة، كونها تُتيح بلوغ غايات حيوية في تعزيز قوة وتوازن المؤسسات حيث تعد بمثابة الجناح الآخر أو عنصر الاتزان المؤسساتي في مواجهة الحكومة»، وفق تعبير الأستاذ الجامعي، لافتاً إلى أن «معارضة التسول رغبة في تحقيق نوازع ذاتية، وقفت مانعاً دون أن تكون المعارضة المؤسساتية عامل استقرار وحيوية للمؤسسات في مُواجهة الصدمات داخلياً وخارجياً، وعطباً يشكل خطراً على سلامة الممارسة الديمقراطية».

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.