محمد ملطوف في قراءة نقدية وتحليلية بين تعاطي الشعبين المغربي والإيطالي مع جائحة كورونا تحت شعار” الأمل المقدس “
كل يوم ننتظر الأرقام والمعطيات من وزارة الصحة المغربية عن عدد المصابين والمتعافين والموتى بمرض كوفيد 19,وكل يوم نرى تصاعدا في الأرقام وفي نفس الوقت لا مباالة
وإستهتار من المواطنين ,وكأن ما يحدث غير حقيقي ومجرد إشاعات.
الإحصائيات لا تحصي أموات من نوع آخر, من يموتون إقتصاديا و إجتماعيا ، هم أيضا من ضحايا كورونا رغم عدم إدراجهم في حصيلة المساء.
جل الشعب المغربي ظن أن الوباء رحل بإنتهاء الحجر الصحي, وتمرد على الإجراءات الإحترازية وبدأ مؤشر الإصابات في إرتفاع رغم كل التحذيرات و المجهودات الوقائية سواء
من الدولة أو من اصحاب الإختصاص.
تساءلت عن عدم تجاوب المغاربة للإحترازات الوقائية من الجائحة ,وتبادر لذهني واقع إيطاليا في شهر مارس السابق لما كانت الإصابات في إرتفاع مهول , والشعب الإيطالي غير واعي بخطورة الوضعية.
فجأة حدث شيء ما غير الشعب الإيطالي وجعله يعي حجم الجائحة ويمتتثل لنصائح الدولة ويحترم كل الإجراءات الحكومية ,وهو ما ساعد في نزول مؤشر الإصابات والوفيات.
إنها صدمة صور وشرائط فيديو الشاحنات ال35 التي نشرت في كل الجرائد القنوات الإيطالية وغزت كل مواقع التواصل الإجتماعي النختلفة التي تحمل انعاش موتى عمالة بيرغامو.
مرور الشاحنات بشوارع المدينة هي محملة بموتى كورونا في موكب رهيب في طريقها للطريق السيار في إتجاه مدن أخرى ,لأن المقابر الموجودة في مدينة بيرغامو لحرق كل هذه الجثت لا تتسع لهذا العدد الكبير من الموتى.
بكت إيطاليا موتاها ووعت بخطورة الوضعية, وبدأت الوضعية تتحسن شيء فشيء.
كانت هي الواقعة هي الصعقة التي غيرت من سلوك الإيطاليين اتجاه هذه الجائحة ووضعتهم أمام مسؤولياتهم الى جانب الإجراءات الحكومية لإحتواء الوباء, وبعد شهرين من الواقعة أعلن مستشفى بيرغامو خلوه تماما من مرضى كوفيد 19 . نحن بالمغرب بحاجة ماسة لصعقة وصدمة بواسطة صور وشرائط فيديو قوية من واقع الجائحة
لمرضى وموتى كوفيد 19 .لكي تحرك الضمائر حتى يعي الناس بخطورة الوضعية, وتتراجع الأرقام لمعدل شهر مارس وأبريل الماضيين. ويستطيع قطاع الصحة المغربي من معالجة كل
الحالات , وخاصة الحرجة منها ولا يقع الأطباء في حيرة من أمرهم ليختاروا من ينقدون ومن يموتون كما حدث بإسبانيا شهر ابريل الماضي.
كنت وال زلت أكره كل من يستعمل مخاوف الناس ليصل لمبتغاه سياسيا وإقتصاديا, لكن أبغض أكثر من يلعب بأمل ومتمنيات الناس. فاالأمل مقدس ولا يحق لأحد أن يغالط الناس بإعطائهم آمالا لن تتحقق أو بعيدة المنال. فمن يتكلم عن اللقاح عليه أن يكون حذرا ,أن يعطي الناس آمالا سريعا كروسيا ,أو قريبا كالصين وغيرها. اللقاح هوالأمل وعلى الجميع التحلي بالمسؤولية فيما يخص توقيت هذا اللقاح ، خاصة في هذه الظرفية.
محمد ملطوف ..بيرغامو ..