بعد عامين من غياب “عملية مرحبا” فرضَتهُ ظروف جائحة “كورونا” خلال العامين المنصرمين، بالإضافة إلى العلاقات الدبلوماسية المتوترة بين الرباط ومدريد، تعود المملكتان المغربية والإسبانية إلى تنظيم أكبر عملية عبور في العالم بين القارتين الأوروبية والأفريقية المزمع انطلاقها بعد أيام قليلة وتستمر إلى غاية 15 أيلول/ سبتمبر المقبل.
وتشهد الموانئ والمطارات الإسبانية والمغربية استعدادات ضخمة لإنجاح عملية عبور أكثر من ثلاثة ملايين من أبناء الجالية المغربية تنخرط فيها مختلف المؤسسات والهيئات على رأسها مؤسسة “محمد الخامس للتضامن” ومؤسسة “الحسن الثاني للمغاربة المقيمين في الخارج”، وتتضافر فيها جهود جميع الفاعلين لتحقيق الانسيابية المطلوبة. وأكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أن الوزارة انخرطت، إلى جانب باقي السلطات والفاعلين الحكوميين والمتدخلين الآخرين، في العمل على تنسيق الجهود وتحضير الشروط الملائمة لإنجاح عملية “مرحبا 2022”.
وأبرز، في جوابه على أسئلة بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان المغربي)، أن تأطير العملية يتم بشكل مكثف على مدار الأسبوع، ذهاباً وإياباً، بمتوسط 35 ألف شخص و4500 مركبة يومياً، ويصل هذا العدد إلى 66 ألف شخص أسبوعياً في فترة الذروة، ما يتطلب تدخل العديد من الفاعلين. ورجح أن تعرف عملية العبور “مرحبا 2022″، تزايُداً ملحوظاً في أعداد الوافدين بالمقارنة مع السنتين الماضيتين. وتحدث عن الإجراءات التي تعمل عليها الوزارة مع باقي الفاعلين على مستوى “تجويد الخدمات القنصلية لمواكبة عملية مرحبا 2022″، من خلال افتتاح وكالات قنصلية متنقلة في موانئ العبور من بداية العملية إلى نهايتها، وضمان “الانسيابية في حركية التنقل”، و”تعزيز البنيات التحتية واللوجستية والخدمات”، بالإضافة إلى “السلامة والأمن”، و”التواصل والمواكبة الإدارية خلال فترة الإقامة في المغرب”.
البرلمانية السابقة من “مغاربة العالم”، لطيفة الحمود، ثمَّنت الإجراءات المُتخذة، على رأسها رصد 32 باخرة لتأمين رحلات العبور، فضلاً عن إلغاء التَّذاكر المفتوحة باعتباره إجراءً احترازياً من شأنه أن يضبط عدد الوافدين على باحات الانتظار بالموانئ، إلى جانب المطارات التي خصصت بدورها شبابيك لمغاربة العالم تساعد على تسهيل إجراءات ختم الجوازات في مدة معقولة.
وفي نظر الحمود، متحدثة لـ “القدس العربي”، فرغم كل الجهود المبذولة من طرف الحكومة في هذا الصدد، إلا أن قطاع مغاربة العالم يعرف العديد من الثَّغرات ونقاط الضعف. وأضافت قائلة إن العديد من الإشكالات تظل عالقة وبدون حلول ناجعة، من بينها معضلة نقل ودفن الجثامين في البلد الأصلي، وإشكالية المقابر الإسلامية في بلدان الإقامة. إلى جانب “قضية مافيا العقار التي تُذهب النوم من عيون المهاجرين بحيث صار العديد منهم يتخوّف من استثمار أمواله في عقار بلده”، وفق تعبير المتحدثة.
وتظل الخدمات الإدارية المقدمة لمغاربة العالم في المراكز القنصلية من أهم القضايا التي تحظى باهتمامهم المطلق، توضح البرلمانية السابقة المستقرة في بروكسيل. متابعة أنه بالرغم من التَّوصيات التي جاءت في تقرير المهمة الاستطلاعية التي قام بها البرلمان لبعض القنصليات في الخارج، إلا أنّ تفاعل الحكومة معها ظل محدوداً.
وأبرزت لطيفة الحمود، أنه مما يثير غضب مغاربة العالم، استمرار حرمانهم من حقوقهم الدستورية وهضم حق مواطنتهم الكاملة في المشاركة السياسية تمثيلاً وتصويتاً انطلاقاً من بلدان الإقامة كما جاء في الفصل 17 من دستور المملكة، في الوقت الذي يساهمون في التنمية الاقتصادية لبلدهم. ولعل نسبة تحويلاتهم المالية إبان الجائحة والتي حققت مستويات قياسية لخيرُ دليل على تشبثهم بالانتماء للوطن ووقوفهم الكامل معه في لحظات الشّدّة.
في غضون ذلك، كشفت شركة “إيبيريا المغرب”، تخصيص ست سفن بثلاثة خطوط بحرية تربط بين المغرب وإسبانيا لنقل الركاب، و27 رحلة بحرية يومية، وذلك في سياق استئناف حركة النقل البحري بين البلدين.
وأوضحت شركة إيبيريا المغرب، في بلاغ صادر عنها، أن الرحلات اليومية تنطلق من مدينة طنجة، وطنجة المتوسط، وطريفة، وسبتة، والجزيرة الخضراء لربط ضفتي المضيق، وذلك بسعة إجمالية يومية تزيد عن 18000 راكب و4600 مركبة.
وقالت الشركة الرائدة في مجال النقل البحري بمضيق جبل طارق، إنها أعدت إجراءات كبرى للاستعداد لعملية “مرحبا 2022″، تشمل توفير أسطول مُتجدد، وعبّارة سريعة جديدة، ورأسمال بشرياً معززاً، ونظاماً جديداً لشراء التذاكر وفقاً لتعليمات سلطات الموانئ المغربية.
ولفتت الشركة إلى أنه بعد 760 يوماً من التوقف الناجم عن تداعيات وباء كوفيد 19، استأنفت نقل الركاب بين ضفتي المضيق منذ 12 نيسان/ أبريل 2022، وأنها أول شركة للنقل البحري ربطت بين إسبانيا والمغرب 24 ساعة مباشرة بعد إعادة فتح الحدود البحرية.
Advertisement
Advertisement