معارض جزائري يهاجم سفير المغرب في الأمم المتحدة بسبب تصريحاته حول “استقلال القبائل”…

Advertisement

شنّ المعارض الجزائري كريم طابو هجوما لاذعا على سفير المغرب وممثلها الدائم بالأمم المتحدة عمر هلال، بعد تصريحاته الأخيرة التي كرّر فيها الحديث عن “استقلال منطقة القبائل” في الجزائر. واعتبر أن ما قاله السفير “يمس بذاكرة مليون ونصف من الشهداء الذين ضحوا من أجل استقلال الجزائر الموحدة وغير القابلة للتجزئة”.

وصف طابو في رسالته المنشورة على صفحته بفيسبوك، خطاب السفير هلال خلال اجتماع لجنة 24 للأمم المتحدة، المنعقد بتاريخ 13 حزيران/جوان في نيويورك، بأنه “بغيض” ويعبر حسبه عن جهله بتاريخ منطقة القبائل التي “لعبت دورا رئيسيا في استقلال الجزائر ودفعت في ذلك ثمنا باهظا”.

وتساءل طابو الذي ينحدر من ولاية تيزي وزو بمنطقة القبائل الكبرى: “ألهذه الدرجة، عمر هلال جاهل بالتاريخ؟ هل من المفيد تذكيره بأن التضامن بين شعوب شمال إفريقيا يتجاوز الانقسامات السياسية والإيديولوجية المؤقتة والعابرة؟ إنه أكثر من مجرد رابط ثقافي، إنه ذو عمق تاريخي لا يمكن الجدال فيه أو إنكاره”.

وذكّر في سياق ذلك، بمؤتمر طنجة المغاربي، المنعقد بتاريخ 27 نيسان/أفريل 1958 بالمغرب، والذي جمع ممثلي حزب الاستقلال (المغرب) وجبهة التحرير (الجزائر) والحزب الدستوري الجديد (تونس)، الذين انتهوا للعمل على تحقيق وحدة شمال إفريقيا واستقلال الجزائر وتصفية (مخلفات وموروث الاستعمار) في شمال إفريقيا”.

واستغرب منسق الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي (قيد التأسيس)، في خضم الحقائق التاريخية التي سردها، دعوة ممثل المغرب “لإنهاء استعمار القبائل” والذين هم على حسب قوله “تحت احتلال جزائري منذ أن أصبحت الجزائر دولة عام 1962″، وبأن منطقة القبائل أصبحت “سجنا مفتوحا”.

وعقّب على ذلك بالقول: “أكثر من مجرد هستيريا سياسوية، هذا الانزلاق الخطير، المنغمس في الهذيان والوهم، بالكاد يخفي الهوس بإسقاط أزماته الخاصة على الآخرين”. وذهب إلى القول إنه مادامت هذه الأنظمة الدكتاتورية قائمة، وفق طابو، فإن “منطقة المغرب الكبير، وهي واحدة من المناطق النادرة في العالم التي لم تحقق اندماجها وتكاملها- ستبقى سجن مفتوح وسكانها البالغ عددهم 100 مليون نسمة محكوم عليهم باليأس”. وتابع يقول: “سواء في الجزائر أو في المغرب وتونس، ومن ورائهم كل شمال إفريقيا، الشباب انتفض أولا من أجل إنهاء حكم الاستبداد، على أمل رسم مسارات ديمقراطية جديدة من أجل حياة أفضل وكريمة”.

وخاطب طابو السفير هلال الذي بات يكرر في كل مرة حديث عن منطقة القبائل: “لا السيد الممثل.. إن الأزمة المغاربية ليست أزمة مناطق، ولا أزمة جغرافيا، إنها أزمة ذات طبيعة سياسية، والنظام الذي تمثله هو أحد أجزاء هذه الأزمة. سأبقى مقتنعا أن الحل من أجل أفضل اندماج وتكامل مغاربي، قائم على الحريات والديمقراطية والعيش المشترك السلمي، يكمن في رحيلكم ورحيل من يشبهكم. وكل شيء أخر في أحسن الأحوال هو عبارة عن هذيان، وفي أسوء الأحوال هو عبارة عن تلاعب سياسوي”.

وانتهى السياسي المعارض والسجين السياسي السابق، والمتابع في عدة قضايا أمام العدالة، إلى أن النظامين الجزائري والمغربي هما في الأصل على “وفاق متناقض”، في “إرادتهم المشتركة لفرض إملاءاتهم على شعبيهما، باستخدام أساليب مروعة ووحشية”. وهما بهذه الطريقة يثيران حسبه داخليا شبح العدو الخارجي، من خلال تأجيج وتصعيد التوترات بشكل دوري، لزيادة حدة الصراعات ولخلق أعذار وحجج تبرر وضع سياسات أمنية تضمن بقاءهما.

وتحولت اجتماعات الأمم المتحدة الأخيرة إلى ساحة مبارزة بين سفيري الجزائر والمغرب، بعد توجه الدبلوماسية المغربية حديثا إلى تبني قضية موازية تواجه بها الجزائر الداعمة لمسألة تقرير المصير في الصحراء الغربية. وتتهم الجزائر رسميا المغرب بدعم حركة انفصال منطقة القبائل التي تتخذ من باريس مقرا لها، والتي تم تصنيفها مؤخرا كحركة إرهابية من قبل السلطات الجزائرية.

وتعد المرة الثالثة التي يتحدث فيها الدبلوماسي المغربي عن هذا الموضوع، بعد الحادثة الأولى التي سلم فيها مذكرة تدعم تقرير مصير منطقة القبائل، وكان من نتائجها قطع العلاقات بين البلدين في أغسطس/أب 2021. كما تحدث في أيار/مايو الماضي بنفس اللهجة واستدعى ذلك ردا جزائريا على مرتين عبر السفير الجزائري نذير عرباوي ممثل الجزائر الدائم في الأمم المتحدة وأيضا السفير عمار بلاني المبعوث الجزائري الخاص في قضية الصحراء الغربية الذي وصف هذه التصريحات بأنها “غير مسؤولة ومثيرة للسخرية وتهدف حسبه الى المساس بالوحدة الوطنية للشعب الجزائري”، واصفا عمر هلال بأنه شخص “متعنت”. وذهب السفير بلاني في مقابل ذلك إلى الحديث عن “حق أبناء منطقة الريف في المغرب لتقرير مصيرهم”.

وكان الوزير الأول المغربي السابق سعد الدين عثماني قد ذكر في تعقيبه على كلام السفير حول منطقة القبائل لأول مرة، بأن هذا الموقف كان “حجاجيا” ولا يعبر عن الموقف الرسمي المغربي، لكن الجزائر رفضت تلك التبريرات وطالبت بتوضيح رسمي.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.