منذ السبت السابع من أكتوبر يتعرض قطاع غزة الفلسطيني لمحرقة صهيونية شرسة وأمام الصمت العربي والإسلامي والدولي، وهذا الأخير الذي يكيل بمكيالين تجاه قضايا الحروب والنزاعات في العالم .
فمنذ ذلك التاريخ تعرض سكان القطاع المحاصر لأعنف قصف عشوائي للمنازل نتج عنه تشريد الأهالي والتهجير القسري للسكان، بل والمجاعة ومنع الماء وقطع الكهرباء مما ينذر بكارثة إنسانية في القطاع ، وحكام الدول العربية الذين لطالما رفعوا شعارها الرنان أن القضية الفلسطينية هي قضيتهم الأولى ، وكعادتهم اكتفتوا بعبارات التنديد والإستنكار..
وفي المقابل يستقبل الكيان الصهيوني أحدث الأسلحة الفتاكة من الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الأكبر والأبدي للكيان الغاشم ومن قبل كافة الدول الغربية والتي عبرت عن تضامنها مع الكيان أثناء تعرضه للهجمات البطولية لكتائب القسام..
كما قام بعض زعماء ومسؤولي هذه الدول بزيارة تضامن إلى الكيان المحتل معتبرين أن ماتقوم به إسرائيل للفلسطينيين من قتل وتهجير وسفك دماء هو، دفاع عن النفس بينما ما تقوم به حركة حماس هو عمل إرهابي يستوجب التنديد.
وأن من الدول الغربية من منعت خروج مظاهرات منددة بجرائم الإحتلال الإسرائيلي وفي مقدمتها فرنسا ، والتي منعت أيضا بث قناة الأقصى التابعة لحركة حماس من على القمر الصناعي أوتيل سات ، ومن هذه الدول من تبنت طرد داعمي حركة المقاومة الإسلامية حماس من على أراضيها كما هو الحال في ألمانيا ، بل وطالبت ملوك ورؤساء الدول العربية الإسلامية بإدانة حركة حماس التي تقاوم الإحتلال الإسرائيلي ، وتدافع عن حق الشعب الفلسطيني في الحرية والإستقلال .
والتهجم على حركة حماس ليس من الدول الغربية وحسب، فبسبب موقفها التابث اتجاه العدو الصهيوني والذي تعتبره أنه لا أحقية له على أرض فلسطين ، وأن حدود دولة فلسطين التاريخية من حدود سوريا و لبنان شمالا إلى خليج العقبة جنوبا ومن الأردن والبحر الميت شرقا إلى البحر المتوسط ومصر غربا، فهذا الموقف لم تستسغه الولايات المتحدة الأمريكية ، وقامت بشيطنة بعض الدول العربية ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة التي إتخذت موقفا منحازا إلى أمريكا ودولة الإختلال الإسرائيلي بإعتبار الحركة الفلسطينية الإسلامية حركة إرهابية .
إسرائيل التي لا يردعها القانون الدولي ، ولا المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، وقوانين الحروب المتعلقة بمنع إستخدام الأسلحة الكيماوية وكافة الأسلحة المحظورة دوليا، ومنع قصف المستشفيات وأماكن إيواء النازحين، فإنها قصفت المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد بدعوى أنها تعتبر تحصنا لرجال المقاومة الفلسطينية ، وإستخدمت مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة والمحظورة دوليا وأمام أنظار العالم الذي ظل يقف وقوف المتفرج في كل مايجري داخل الأراضي الفلسطينية ، وبشهادة منظمة هيومن رايتس ووتش فان إسرائيل إستخدمت قنابل الفوسفور الأبيض في قصفها قطاع غزة وعلى الحدود مع لبنان ، كما أن إسرائيل تجعل من الشعب الفلسطيني في كل حرب فئران تجارب لأسلحتها النووية والكيماوية المحظورة دوليا .
موقف الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية مما يتعرض له الشعب الفلسطيني لم يكن مفاجئا، فالولايات المتحدة الأمريكية زادت من دعمها لإسرائيل بإرسال سفن محملة بالأسلحة والذخائر وإعتبرت أن ما تقوم به إسرائيل في حق الشعب الفلسيطيني الأعزل هو حق الدفاع عن النفس، وان ماقامت به حركة حماس وما تقوم به هو عمل إرهابي ويجب إدانته دوليا، أما الدول العربية فلا يتقنون إلا التهديد والوعيد ولا يشكلون تحالفا إلا للهجوم على بعضهم البعض إما تحت قبة مايسمى جامعة الذل العربية أو الهجوم المباشر كما حصل في اليمن وسوريا .
فقبل عشر سنوات خلت وأثناء سيطرة الحوثيين الشيعة على الحكم في اليمن، تشكل ما عرف آنذاك بتحالف عربي لدعم الشرعية في اليمن والإطاحة بحكم الحوثيين بقيادة المملكة العربية السعودية، وتواجهت في هذه الحرب أكبر قوى إقليمية وعقدية في الخليج، المملكة العربية السعودية السنية وحلفائها من جهة والجمهورية الإسلامية الإيرانية الشيعية وباقي حلفائها من حزب الله اللبناني والحشد الشيعي في العراق والتي تعد القوى الداعمة للحوثيين من جهة ثانية..
وكان إنضمام بعض الدول الى التحالف العربي و التي لاتربطها حدود ولا جوار ولاحتى عداوة مع الحوثيين ، بل وبعيدة جغرافيا كل البعد عنهم، كما هو الحال بالنسبة للمغرب الذي حشر انفه وتدخل بشكل فوري بعد إعلان السعودية عن التحالف، ولقي هذا الأخير استحسانا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية شرطيا لها في مواجهة إيران من جهة ومن اجل شيطنة دول العالم الإسلامي وجعله يواجه بعضه بعضا حتى يفني أحدهم الآخر، واستعملت في تلك الحروب شتى أنواع الأسلحة الفتاكة والتي كانت هدية من الولايات المتحدة الأمريكية لدول التحالف العربي لاستخدامها في فناء بعضهم البعض .
لكن وفي مقابل ذلك وفي كل عدوان إسرائيلي على الفلسطينيين تلتزم هذه الدول الصمت حيال مايجري ولا تقدم أي دعم كيفما كان للفصائل الفلسطينية لمواجهة العدو الصهيوني كما هو الحال نفسه الآن، وتبقى هذه الفصائل تواجه العدوان بمفردها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، أما كان من الأولى عوض التحالف لقتل الأبرياء في اليمن وسوريا ؟؟ ، التحالف من أجل مواجهة العدو الأكبر لجميع الدول الإسلامية ؟؟ ، ووضع اليد في يد المقاومة الفلسطينية الباسلة التي تبقى تواجه العدو الإسرائيلي ، بل وكافة الدول الغربية الداعمة لإسرائيل لوحدها ؟؟ ، والتي في كل مرة تفاجئ هذه المقاومة العالم بأسلحة جديدة ومحلية الصنع وأكثر تطورا من سابقتها ..
مما يعني أن العزيمة ورباطة الجأش التي تمتلكها هي ما تنقص حكام الدول العربية والإسلامية ، كما أن العدو الصهيوني الذي لطالما أرعب هذه الدول وهؤلاء الحكام كونه لايقهر ولايغلب إستطاعت المقاومة الفلسطينية أن تكشف عورته.
ولو أنها تتوفر على جزء يسير من الأسلحة التي يتوفر عليها العدو لإستطاعت سحقه بمفردها ، لأن ليس الأسلحة المتطورة هي ما تنقص لكي نحارب بها العدو، وإنما العزيمة والشجاعة التي تكتسبها المقاومة الفلسطينية وبهما إستطاعت كسب رهان المعركة في بداية الأمر.
بقلم موظف شرطة / الرباط /