معهد أميركي يقول أن نشطاء حقوق الإنسان في المغرب يواجهون تضييقا وأحكاما بالسجن “عقب حملة واسعة ضد الصحافة المستقلة”.. الحكومة المغربية تؤكد على نجاعة مقارباتها المجال الحقوقي وتعد توصيات لملائمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية ومساءلة الحكومة
الرباط – نبيل بكاني:
قال مركز مالكوم كير كارنيغي للشرق الأوسط، أن نشطاء حقوق الإنسان في المغرب يواجهون تضييقا وأحكاما بالسجن “عقب حملة واسعة ضد الصحافة المستقلة”، لافتا الى أن السلطات المغربية اعتقلت في آذار/ مارس الماضي المدونة والمدافعة عن حقوق الإنسان سعيدة العلمي، بسبب منشوراتها المنتقدة للقصر والأجهزة الأمنية على مواقع التواصل الاجتماعي، على حد تعبيره.
واتهمت النيابة العامة المدونة التي كانت تتمحور أغلب تدويناتها في الدفاع عن الصحفيين المعتقلين بتهم ثقيلة تتعلق بـ “إهانة هيئة نظمها القانون” و”إهانة موظفين عموميين بمناسبة قيامهم بمهامهم بأقوال مست بالاحترام الواجب لسلطتهم”، و”تحقير مقررات قضائية”، و”بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة لأشخاص قصد التشهير بهم”. وقد قضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بسجن العلمي عامين نافذين.
وبعد أيّام قليلة من اعتقال العلمي، استجوَب أمن مدينة الحسيمة (أقصى شمال المغرب) المدوّن والناشط السابق في حراك الريف، ربيع الأبلق بشأن مقطع فيديو نشره على حسابه بموقعيّ فيسبوك ويوتيوب ينتقد فيه كلّ من الملك محمّد السادس ورئيس الحكومة عزيز أخنوش.
واتهم ممثل النيابة العامة الأبلق الذي مثل أمام المحكمة في 11 نيسان/ أبريل في حالة سراح، بـ”الإخلال علنًا بواجب التوقير والاحترام لشخص الملك”، وقد أدين الأبلق بأربع سنوات حبسًا نافذًا.
وقال عبد اللطيف الحماموشي، باحث في العلوم السياسية وعضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن التضييق على النشطاء والمدونين جاء بعد حملة واسعة شنّتها السلطات المغربية ضد الصحافة المستقلة، مضبفة أن هذه الأخيرة “لم تعد وفق تعبير إريك غولدستين، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش سوى ذكرى بعيدة”.
وتابع المتحدث، أنه بعد اعتقال توفيق بوعشرين، مدير ومؤسس جريدة “أخبار اليوم” المتوقفة عن الصدور، والحكم عليه بالسجن 15 عاما بتهمة “الاتجار بالبشر”، توالت الاعتقالات وسط الصحفيين، مضيفا أن ذاك تم بعدة تهم ذات طبيعة جنسية وأخلاقية.
وأشار المتحدث الى اعتقال الصحفية هاجر الريسوني بتهمة “ممارسة الجنس خارج إطار الزواج والاجهاض”، وكذلك سليمان الريسوني بتهمة “محاولة هتك عرض شاب مثْلي”، والاثنين معًا من نواة جريدة أخبار اليوم التي كان يصدرها بوعشرين.
وأضاف المتحدث في تقريره للمعهد المذكور، أن محامي بوعشرين الشهير محمّد زيّان (79 عامًا) حوكم بثلاث سنوات حبسًا على خلفية شكوى لوزير الداخلية، بالإضافة إلى الصحفي عمر الراضي، الملاحق هو كذلك بتهمتيّ “التجسس والاغتصاب”، والذي أدين وحكم عليه بـ 6 أعوام سجنًا في آذار/ مارس الماضي.
وجاء في المنشور الذي نشره معهد كارنيغي في موقعه الالكتروني، أن السلطات المغربية تهدف من خلال متابعة واعتقال الصحفيين المستقلين والنشطاء والمدونين المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى خلق جوّ من الخوف والرعب وسط النُخب السياسية والإعلامية وداخل مجتمع المدافعين عن حقوق الإنسان، في ظلّ ضعف المعارضة الديمقراطية التي صارت ضعيفة ومفتّتة أكثر عما كانت عليه بفعل الصراعات الأيديولوجية والاستقطابات الفكرية الضيّقة.
وأضاف المتحدث، أنه رغم “الانتقادات الواسعة الموجهة للمغرب فيما يخصّ تدهور وضعية حقوق الإنسان”، وآخرها تقرير وزارة الخارجية الأميركية الصادر في 12 نيسان/ أبريل 2022 الذي أشار إلى تنامي “الاعتقالات التعسفية وسط الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني”، وإلى انتشار ظاهرة التشهير الإعلامي التي “عرّضت الصحفيين للمضايقة والترهيب” فإنّ السلطات المغربية، تستمر في التضييق على النشطاء والصحفيين.
بخلاف ذلك، تشدد الحكومة المغربية على نجاعة المقاربات التي تبناها المغرب في مجال حقوق الانسان، حيث قال عبد اللطيف وهبي وزير العدل، إن 244 توصية وجهت للمغرب في إطار الجولات الثلاث للاستعراض الدولي الشامل لحقوق الإنسان قبل منها 199 توصية، فيمات رفض 44 توصية، 18 منها بشكل جزئي و 26 بشكل كلي، ومنها توصيات تخص إلغاء الإعدام والانضمام إلى قانون روما.
وأضاف وهبي في جلسة استجواب داخل البرلمان، أن المغرب ذهب بعيدا في مجال حقوق الإنسان وعلى مستوى الاتفاقيات والالتزامات الدولية، مشددا على أن هذه الخطوات الكبرى للمملكة خلقت ضغطا حقوقيا على المغرب لأنه “أصبح نموذجا في إفريقيا والعالم العربي”.
وأصدر، اليوم الجمعة، المجلس الوطني لحقوق الإنسان (جهة حكومية) تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2021.
ويتضمن هذا التقرير، الذي قدمت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، أبرز مضامينه خلال مؤتمر صحفي، تقييما وتحليلا موضوعيين لوضعية حقوق الإنسان خلال فترة جائحة كوفيد-19.
ويعتبر هذا التقرير من وسائل إثارة انتباه الحكومة وجميع السلطات العمومية المعنية إلى الانتهاكات التي قد تطال الحقوق والحريات، ودعوتها إلى معالجتها بما يتوافق مع التزامات المملكة الوطنية والدولية، وإلى تعزيز السياسات العمومية بما يقوي ارتكازها على المقاربة الحقوقية.
ويشمل التقرير كذلك، وفق وكالة أنباء المغرب العربي، توصيات تم إعدادها اعتبارا للالتزامات الدولية للمملكة في مجال حقوق الإنسان، وبما يستجيب للمقتضيات الدستورية التي تعد صكا للحقوق وللحريات.
كما أن مضامينه وتوصياته يمكن توظيفها من لدن البرلمان في مجالي ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، ومساءلة الحكومة.
وتتعلق هذه التوصيات المهيكلة، الموجهة إلى السلطات العمومية، بالممارسة الاتفاقية للمملكة وتفاعلها مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وبالإطار القانوني والمؤسساتي، وبالسياسات العمومية والبرامج والممارسات.