الرباط ـ «الشروق نيوز 24»: يبدو أنَّ الدخول السياسي والاجتماعي الجديد لن يكون هادئاً بالنسبة للحكومة المغربية التي يرأسها عزيز أخنوش، حيث إن العديد من الملفات الساخنة مازالت مطروحة على الطاولة، على رأسها الأزمة الاقتصادية وغلاء أسعار المواد الغذائية والمحروقات، الأمر الذي يمكن أن يُحدث أزمة اجتماعية خانقة، فضلاً عن تنفيذ المخطط الاجتماعي والوصول للدولة الاجتماعية.
في نظر رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري في جامعة ابن طفيل في مدينة القنيطرة، يبقى السؤال الذي يفرض نفسه، هو «هل الحكومة الحالية قادرة على الوصول للغايات المذكورة؟ وهل باستطاعتها إدارة حوار اجتماعي من أجل تحقيق السلم الاجتماعي المنشود يقوم على تنزيل الأسس الاجتماعية عبر مقاربة تشاركية تتيح إشراك كل الفاعلين بهدف بناء مجتمع فاعلين ومسؤولين؟».
وفق المحلل السياسي متحدثاً لـ «الشروق نيوز 24»، فإن تحقيق الدولة الاجتماعية مشروعاً طويل النفس ومتعدد الأبعاد يفرض بذل الجهود لتمكين الأفراد وحماية خاصة للفئات الهشة. وسجل أن جائحة «كورونا» وغلاء الأسعار سلَّطا الضوء على ضرورة تعزيز الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين، ملاحظاً أن هناك حزمة من الإصلاحات الاجتماعية وضعها الملك يفرض من الحكومة تنزيلها من خلال سجل المسك الاجتماعي بإطلاق رقم تعريفي واحد لجميع المواطنين سيسمح بتحسين رصد أوجه الضعف.
وأوضح المتحدث أنه لا مناص من بذل جهود كبيرة لتعزيز الحماية الاجتماعية في ضوء التشخيص الكامل لحالات الضعف في المجال الاجتماعي ونهج سياسة عمومية لمعالجة المسائل المنهجية المرتبطة بالعجز في هذا الميدان، وتستطيع الحكومة الاعتماد على قانون المسؤولية المجتمعية لمؤسسات الدولة لدفع الشركات نحو تعزيز استثماراتها في الحماية الاجتماعية باستخدام تدابير ملزمة وكذلك طوعية.
ويرى الأستاذ الجامعي أن الحكومة مُلزمة بحسن تنفيذ خطة إنعاش في أعقاب جائحة «كوفيد 19»، ولذلك فمن الأهمية بمكان أن تأتي المناقشات والتدابير الرامية إلى دعم الشركات بقيود تتسم بالشفافية وترتبط بالقضاء على مَواطن الضعف ومعالجة الفساد، وكذلك تنمية القدرات الفردية والفرص والإمكانات المتاحة، وتوسيع دائرة الخيارات وتقوية الطاقات، على أساس من المشاركة والحرية والفاعلية، من أجل الوصول إلى تحقيق الرفاهية لأفراد المجتمع، دون أن ترهن في ذلك قدرة الأجيال القادمة على الاستجابة لرغباتها.
رشيد لزرق أكد لـ «الشروق نيوز 24»، أن ذلك كله لا يتأتَّى إلا بتحصين السيادة الوطنية عبر توفير الأمن الغذائي والطاقي والصحي؛ مبرزاً أن حكومة أخنوش يفترض لبلوغها هذه الغاية والممثلة بالأساس بتوفيق السيادة والعمل على تدعيم المخزون الوطني وفق الرأسمال المتاح، المادي واللامادي بجميع أصنافه؛ المادية (أراض وتجهيزات) والمالية (ادخار وقروض) والطبيعية (مواد طبيعية) والبشرية (تعليم وصحة) والاجتماعية (علاقات اجتماعية)، وفق برنامج عمل بنيوي وطويل الأمد ومتعدد الجوانب؛ يشمل الجانب المادي (توفير المواد والسلع والخدمات) والجانب الثقافي (حماية الهويات والتعدد الثقافي) والجانب السياسي (تقوية السلطة ببعدها المؤسساتي) والجانب الأخلاقي (المعايير والقيم)، وكل ذلك بهدف مواكبة العملية الاقتصادية، حتى لا تؤدي إلى اختلالات اجتماعية تعوق الاستمرار في النمو وفي تحسين دولة الرفاه.
من وجهة نظر علي لطفي، الأمين العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، فإن الانتظارات عظيمة، على رأسها وضع استراتيجية وطنية شاملة ذات مصداقية لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الاستقرار والسلم الاجتماعي من خلال إنعاش الاقتصاد المغربي ومحاربة الفساد والريع ونهب الثروات الوطنية ومراجعة النظام الضريبي وتحقيق التوزيع العادل للثروات الوطنية، بالإضافة إلى الحد من فوضى الأسعار وارتفاع الأسعار المواد الغذائية الأساسية والمحروقات بإعادة النظر في قانون تحرير الأسعار والمنافسة، ناهيك عن إعادة تأميم شركة «سامير» وتعزيز الأمن الطاقي الوطني.
وقال النقابي المغربي متحدثاً لـ «الشروق نيوز 24»، إنه من المهم تحقيق السيادة الوطنية والاكتفاء الذاتي بالاستثمار في الصناعة الغذائية والدوائية والأمن المائي لاستغلال الثروات المائية البحرية، ومراجعة القوانين المتعلقة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتنزيل القانون الجديد المتعلق بالصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، وتعيين المسؤولين لتنفيذ بنود قانون الإطار للحماية الاجتماعية وفقاً للالتزامات وأجندته المقررة، مطالباً بالزيادة في الأجور بنسبة لا تقل على 20 في المائة لمواجهة ارتفاع معدل التضخم للرفع من القدرة الشرائية للطبقة العاملة والطبقات الاجتماعية الفقيرة.
ومن انتظارات نقابة «المنظمة الديمقراطية للشغل» كذلك، إعادة النظر في طريقة تدبير الحوار الاجتماعي بخلق هيئة عليا للحوار الاجتماعي والشغل ومنظومة جديدة للحوار الاجتماعي بعيداً عن المقاربة التقليدية الكلاسيكية والانتقال إلى منظومة جديدة منفتحة تضم جميع الأطراف الاجتماعية والاقتصادية والترابية، بمن فيهم جمعيات ونقابات المعطلين وذوي الإعاقة والمقاولات الصغرى والصغيرة جداً والمتوسطة بمقاربات ملائمة تشاركية وآليات ديمقراطية تشاركية واعتبار مَأْسَسة الحوار الاجتماعي مدخلاً أساسياً لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، يختم علي لطفي كلامه.
Advertisement
Advertisement