من أجل إستراتيجية وطنية للأمن السيبراني !!!

Advertisement

الدكتور خالد الشرقاوي السموني
كاتب و ناشط حقوقي ….

ترتبط ظاهرة الإرهاب السبراني بالتطورات التي حدثت في مجال المعلومات وتأثيراتها على المجتمعات الحديثة والدمار الذي قد يلحقه الهجوم الإرهابي بمنظومة المعلومات ، حيث عن طريقها تقوم العناصر الإرهابية عبر العالم بتخريب الأنظمة المعلوماتية و التجسس على الحكومات ، و إستقطاب الأفراد وتعريفهم بمبادئها و تجنيدهم وتزويدهم بوسائل الإتصال الحديثة و تدريبهم على إستعمالها .
فظاهرة الإرهاب السبيراني استفادت بشكل كبير من الثورة التكنولوجية في وسائل الإعلام والإتصال ، بحيث أصبح للتطور التكنولوجي في وقتنا الحاضر دور إستراتيجي و حيوي بالنسبة للمجتمع الدولي، على الصعيد السياسي والإقتصادي والأمني . كما أصبح الأمن الدولي مهددا بفعل الإرهاب الإلكتروني كواحد من بين التهديدات الأمنية الجديدة والخطيرة ، إذ باتت التنظيمات الإرهابية تستغل التكنولوجيا الحديثة ( الإنترنيت و شبكات التواصل الإجتماعي ) للتأثير والإستقطاب و تخريب الأنظمة المعلوماتية للدول .
وهذا التطور الذي عرفته تكنولوجيا الإتصالات قد قلصت من تأثير المسافة ، دون حدود الزمان أو المكان ، لكونها تمتاز بعدم إرتباط الإستفادة منها بموقع معين ، مما أتاح التواصل بين الأفراد و الشعوب بسهولة كبيرة عبر العالم دون الإلتقاء فيما بينهم ، مما ساعد على إنتقال الفكر المتطرف عبر فضاء الإنترنيت .

كما أن الإنترنت ساعد على تدفق الأفكار المعلومات و وفر منبرا للدعاية والتأثير في الأفراد نتيجة لسوء الإستخدام من طرف هؤلاء، مما قد يجعلهم عرضة للإستقطاب من قبل جماعات إرهابية. وتعتبر مواقع التواصل الإجتماعي من بين أهم وسائل الأنترنيت التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية لإستقطاب الشباب وتحريضهم على الكراهية و العنف، حيث تركز هذه التنظيمات على تأجيج العواطف وتهييج مشاعر الشباب بالتركيز على الخطاب الحماسي المؤثر في النفوس قصد تشجيعهم على الإنضمام إلى القتال والجهاد في بؤر التوتر كأفغانستان و العراق و سوريا .
و من أجل مواجهة التأثير على الأفراد عن طرق وسائل الإعلام و الإتصال الحديثة التي تنشر فكر التطرف و الإرهاب ، فإن التحدي الأكبر يتجلى في تحصين المجتمع من خلال الإصلاح التربوي و التعليمي و الديني و الإعلامي ، لأن الإنتصار على التطرف هي معركة متعددة الأساليب و الوسائل من أجل كسب عقول الناس و حمايتهم من السقوط في أحضان الإرهابيين المتربصين بهم .
كما أصبح من الضروري و المستعجل أن تضع الحكومة إستراتيجية وطنية للأمن السيبراني ، تهدف إلى تأمين البني التحتية للإتصالات والمعلومات بشكل متكامل لتوفير البيئة الآمنة لمختلف القطاعات قصد تقديم الخدمات الإلكترونية المتكاملة، وذلك في إطار جهود السلطات العامة في مجال دعم الأمن و حمايته .
وتتضمن هذه الإستراتيجية عددًا من البرامج التي تدعم أهدافها ، كما توضح توزيع الأدوار بين الحكومة و البرلمان و الجماعات الترابية و القطاع الخاص والمجتمع المدني.

لذلك أصبح لزاما القيام بجهود عملية لمكافحة الإرهاب السبراني بأساليب علمية حديثة ، من خلال إستشراف المهددات الآنية والمستقبلية ، و التعرف على أنماط الإرهاب السيبراني وبيان كيفية مواجهة هذه الأنماط، و تحديد الجرائم المعلوماتية المرتبطة به ، وإبراز أهمية الأدلة الرقمية في مواجهة هذا النوع من الجرائم ، والآليات الحديثة للحد منه، و صياغة التشريعات المتعلقة بمكافحته .
ذلك أن الإرهاب السبراني أصبحت له القدرة على اختراق الأنظمة المعلوماتية للدول و إختراق أيضا كل الحدود والقارات للتأثير سلبيا على الأفراد و الجماعات ، مما يشكل خطرا كبيرا على المجتمع ، وهو ما يفرض على الكل مسؤولية جماعية للتصدي لهذه الظاهرة الاجرامية المهددة للأمن و الإستقرار.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.