مهد أسطورة “المالي”، ” الشروق نيوز 24 ” تكشف “جرائم دول” تورط فيها “الأسياد” ودفع ثمنها “الخدام” ، فمن هو “فرعون” الذي يقطني في الرباط ويحرك أراجوزات إفريقيا ؟ ، وما دور فرنسا وأمريكا وإسرائيل في “فوضى” الساحل؟ تحقيق وشهادات حصرية تنشر لأول مرة..
الساعة تشير إلى الثامنة مساء والجو معتدل هنا في نواكشوط ، لكن حرارة الأجواء تفرض علينا الإنصهار بين المارة لتفادى المراقبة اللصيقة لشخص ذي السنحة المغربية ومرافقيه الذين يلاحقونا منذ وصولنا البارحة يوم الخميس 8 فبراير إلى العاصمة الموريتانية.
دامت المطاردة أزيد من 35 دقيقة من باب فندق “نواكشوط” حيث إحتسينا آخر كؤوس الشاي الموريتاني التي كادت تنسينا لذتها مهمتنا الإستقصائية. تفطن السائق “عباس” (جندي سابق في الجيش الموريتاني) للسيارة رباعية الدفع التي تلاحقنا وعلى مثنها ثلاثة ركاب (رجلين وفتاة في مقتبل العمر). تعرف سائقنا على الأشخاص بسرعة فور إقترابهم منا على مستوى الإشارة الضوئية القريبة من الفندق. بمهارة كبيرة إستطاع التخلص منهم بعدما ركن السيارة أمام محلبة “البركة” المجاورة للسفارة المغربية بحي تفرغ زينة بنواكشوط. حيلة ذكية منه لأن “هذه المحلبة، كما صرح لنا، تابعة للمخابرات العسكرية المغربية أي بدلا من ملاحقتنا جئنا عندهم بأنفسنا. يريدون فقط التعرف على نزلاء الفنذق وزبائنه”. لماذا ؟ سؤال لم يلقى جوابا.
مكثنا في عين المكان بضعة دقائق في انتظار عصيرلافوكا الذي أحضره لنا مسير المحلية شخصيا (ملتحي مغربي متوسط القامة ذي بشرة بيضاء).
تحركت السيارة في الإتجاه المعاكس لملعب كرة القدم حتى وصلنا إلى دوار يتوسطه تماثيل لدلافين زرقاء اللون. ونظرا لحركة السير الكثيفة في هذه النقطة إرتأى عباس أن نسلك طريق غير معبدة بدى وكأنه خبير في مسالكها الوعرة.
بعد خمسة وخمسين دقيقة عبر هذا الطريق المظلم وصلنا إلى وجهتنا أمام كوخ صغير حيث يجلس عدة رجال بالقرب من نار مشتعلة ثلاثة رجال يطبخون طعاما. وكان يوجد على يمين الكوخ يجلس “داني” صحبة رجلين بملامح موريتانية. تقدم “داني” نحونا وطلب منا مرافقته. “داني” عميل مخابرات إيطالي متقاعد يعيش منذ عشر سنوات بين موريتانيا والسنغال. مرافقاه لم يكونا سوى “أزمي” و”داوودة” تاجري مخدرات سابقين من مالي يشتغلان حاليا في النقل الدولي بين شمال إفريقيا وجنوب غربها.
تجاهل وسكوت مريب.. وكرم.
بعد التحية جاء الشاي، الكأس الأول فالثاني ثم الثالث قبل أن تستمر مسيرة الكؤوس التي لم تفلح في إذابة لحظات الترقب والإنتظار. الشعور وقتها لا يوصف، أما تجاهل مستضيفينا بدأ يتحول إلى قلق ورعب.
شعر “أزمي” بالأمر وباشرنا بالكلام وهو يمسح نظاراته الشمسية التي إحتفظ بها رغم الظلام الحالك لنكتشف أنه فاقد للبصر. إبتسم وقال: “مرحبا بكم، هذا يوم كبير أن نستقبل أشقاء مغاربة ، إنكم عند أخوانكم لدى لا كلام قبل تناول العشاء وواجب الضيافة”.
عند هذه الكلمات تنفسنا الصعداء وبدأ جلاء الخوف من اللحظة ومن المكان خاصة وأن مستضيفينا من “أخطر” المجرمين الثائبين (لم نكن وقتها نعلم توبثهم). أما “داني” (لقبه الحركي) فلم يتوقف عن الحديث مع “داوودة” على بعد عشرة أمتارمنا. نقاش يبدو جدي استعمل فيه “داني” هاتفه عدة مرات.
الساعة تشير إلى العاشرة ليلا ، جاء الفرج مع تقديم وجبة العشاء ، كرم الضيافة لدى الموريتانيين حاضر هنا أيضا وإن كان الزمان والمكان لا يسمحان بذلك.
ساعات البوح والسمر.
الجو البارد في ذلك الخلاء فتح شهية الرجال العشرة الذين إلتهموا ثلاثة خرفان مشوية وكيلوغرامات من الرز والخضر والفواكه.
جاء الشاي مرة أخرى وبدأ الحديث ، موضوع الساعة سري ويحثم على باقي المجموعة الإبتعاد قليلا بإشارة بسيطة من “داوودة”. شروط “شهود ” الشروق نيوز 24 ” واضحة إذ “سيتم تسجيل اللقاء وإنتظار مراجعته من طرفنا قبل نشر المحتوى”. أخرج “داوودة” آلة تسجيل رقمية وضغط على زر التسجيل قبل أن يشير إلينا لطرح الأسئلة في حوار متعدد الأطراف. فكان سؤالنا يتيما: “ماذا تعرفون عن الحاج أحمد ولد إبراهيم وقضيته ؟” ، أما الجواب عنه فقد إستغرق 86 دقيقة مليئة بالمفاجئات.
ولد “الشلحة” سخار ولد الطاهر.
عند رفقاء دربه، لا يعدوا أن يكون الحاج أحمد ولد إبراهيم سوى “ولد الشلحة” (الشلح عند البوليزاريو سبة ينعتون بها المغاربة) و”سخار ولد الطاهر”. من أول وهلة يبدو الحديث شيق وذو شجون إفتتحه “داوودة” قائلا : “ولد الشلحة ليس بارون مخدرات ، وإنما هو مجرد سمسار وواجهة مثقفة لسيده الشريف ولد الطاهر. يتقن اللغات وتعلم فنون الحديث من الفرنسيين والإسبان على يد أخواله المغاربة”. ويضيف بأن “المالي” لم يحضى أبدا بمكانة قيادية في هرم جماعة “التوحيد والجهاد في غرب افريقيا” التي أسسها الشريف ولد الطاهر بمباركة ليبية وجزائرية قبل أن ينقلب عليهم ، ويتبع طريق تجارة المخدرات و”إرهاب الفدية” (خطف الرهائن وطلب فدية).
وهو من تدخل لدى شريكه “الجنرال” ولد عبد العزيز لإطلاق سراح “ولد الشلحة” ليلة إعتقاله في منطقة الدويرة قرب الحدود الموريتانية الشمالية. فحسب شهود ” الشروق نيوز 24 “، تدخل ولد الطاهر لم يكن لحماية ولد إبراهيم “المالي” ، وإنما لإغتياله فور إطلاق سراحه بعدما كشف خيانته وتواطئه مع المخابرات الفرنسية التي سلمها ليلة إعتقالة (6 مارس 2015) خرائط ووثائق تخص النظام الليبي السابق والتي كانت مدفونة في ضواحي نواذيبو. حدث هذا، والعهدة على “داوودة”، بساعات قليلة “قبل إعتقال “ولد الشلحة” صحبة المدعو نبيل الضيفي (مغربي) وأحمد بلوح (عسكري سابق في صفوف البوليزاريو)”. كما يؤكد أن “خيانة ولد إبراهيم لسيده ولد الطاهر كانت للمرة الثانية خلال نفس اليوم عندما ضرب موعدا مع موفد “المخزن” (القصر) المدعو “عالي” ورفيقه “حدي” في مكان لا يعرفه الإ هو ورئيسه ليدلهما على مخزن الجماعة”. لكن تمت مباغتتهم من طرف الشرطة الموريتانية التي تم ابلاغها من طرف “عميل جزائري” والمدعو مراد (وجد مذبوحا داخل سيرة قرب الحدود الموريتانية-المالية ليلة 22 مارس 2015). وهنا يتدخل “أزمي” ليذكرنا بالسيارة المغربية رباعية الدفع التي هربت صوب المناطق العازلة التي تحكمها البوليزاريو آنذاك وعلى مثنها “عالي” و”حدي” و”حميدة” ( يقال أنه عميل لادجيد في موريتانيا وقتها)”.
سقوط “المالي” وحماية “الجنرال”
حسب رواية شهود ” الشروق نيوز 24 ” “فشلت خطة “المالي” الذي إعتقله الدرك الموريتاني بعد متابعة معقدة دامت عدة ساعات إستخدمت فيها طائرة عسكرية لرصد قافلة العصابة. تم الإعتقال على الساعة الواحدة فجرا من يوم 7 مارس 2015 من طرف عناصر الدرك التي أطلقت النار على سيارة “المالي” من نوع ” PRADO ” سوداء اللون (رقم صفائحها (3272AB00). لم تذكر التقارير السيارة الثالثة التي كان على متنها المدعو “بلعيون” (أحد سماسرة ولد الطاهر وصديق ولد إبراهيم) و”علاوي” و”صبيح”. أوامر عليا من “الجنرال” أمرت لحظة الإعتقال الإفراج عن “علاوي” و”صبيح” ونقل “بلعيون” صوب مستشفى خاص لتلقي العلاجات الضرورية بعد إصابته بطلق ناري على مستوى الكتف”.
كما لم تذكر التقارير “الساعة الثمينة” التي ضبطت ضمن المحجوزات لتختفي بعدها في ظروف غامضة كلفت وزير العدل آنذاك منصبه. وكانت هذه المرة الأولى التي يفضح فيها “المالي” المتواطئين معه بتقديمه شكاية رسمية على إختفاء ساعته اليدوية النفيسة والتي يتعدى ثمنها مليون دولار (هناك ساعات أغلى بكثير تصنع بطلب خاص من أمراء وأثرياء). وجاء على لسان “داوودة” أن”هذه الساعة كانت في ملكية العقيد معمر القذافي قبل أن يرسلها بشير صالح (مدير مكتب القذافي) ضمن عدة مقتنيات للإرهابي ولد الطاهر كدفعة أولى لصفقة تهريب أموال وسبائك الذهب نحو مالي وإستثمارها في تجارة المخدرات” (تفاصيل هذه الصفقة في هذا التقرير).
ويضيف “أزمي”: “ليلة إعتقال “المالي” تم إقتياده إلى السجن المحلي بنواذيبو إلا أن أوامر عليا أمرت بالافراج عنه ساعات قليلة بعد وصوله للمعتقل. لكن خروجه كان بمثابة حكم الإعدام عليه لأن رجال “ولد الطاهر” كانوا له بالمرصاد. نجى من محاولة الإغتيال أمام السجن المحلي لنواذيبو على الساعة الرابعة فجرا من يوم 8 مارس 2015. محاولة قتله فاشلة إضطرت بعدها السلطات الموريتانية إرجاعه للسجن ، ووضعه في غرفة انفرادية تحت حراسة مشددة بطلب من أصدقائه المغاربة والفرنسيين”. مما يفسر نقله إلى “البيت الآمن” التابع لجهاز “لادجيد” بالقرب من السفارة المغربية والذي تسيره “الجمعية المغربية للوحدة والتضامن” (سنرجع إلى دور عناصرها بالتفصيل خلال هذا التحقيق).
علاقة ولد الطاهر ب”القصر” عبر “المالي”.
لطالما سمعنا تبجح الحكومة المغربية (نيابة عن القصر) بمساهمتها “الفعالة” في إطلاق سراح رهائن في حوزة الجماعات الاسلامية في الساحل وفي جنوب الصحراء. فحسب “داوودة” الذي لعب أدوارا عديدة في مثل هذه “الصفقات” الفرنسية-المغربية المشبوهة، لعب “المالي” حلقة الوصل بين الرباط وزعيم الجماعة الإرهابية “التوحيد والجهاد في غرب افريقيا” منذ 2007. “بحكم إنحداره من منطقة كيدال شمال مالي إستطاع اقناع “بلعور” ورئيس جماعة “تاركنت” المقربين من الشريف ولد الطاهر للإنضمام للجماعة. بعد مدة وجيزة إتضح لهذا الأخير حب “المالي” لكسب المال وحياة الرغد التي كان يطمح إليها، إرتأى تكليفه بهمة تناسب مؤهلاته وطموحه اللامحدود”، يصرح لنا “داوودة” مؤكدا: “كان للربيع العربي دورا محوريا في تغيير حياة “ولد الشلحة” الذي تحول إلى بارون مخدرات دون علم سيده ولد الطاهر. خلال هذه الحقبة سرق ونهب أمول رموز النظام القذافي قبل تصفيتهم أو بيعهم لأصدقاءه المغاربة. للإشارة، فقد إقتحم عالم السياسة المغربية منذ إنتخابات 2009 عبر تمويل بعض المرشحين في فكيك والراشيدية بتواطئ مع أحد مستشاري الملك. هذا ما صرح لنا به خلال إعتقالنا معه عام 2015 في نواذيبو”. خلالها كان يتمتع بإمتيازات كبيرة ، وكان يزوره خلالها مسؤولين من جهاز مكافحة المخذرات الأمريكي ” DEA ” وأيضا عميلة من ” CIA ” كانت تدعي أنها زوجته لتختلي به لساعات في غرف الخلوة الشرعية”.
خلوة فضحت حقيقة “عميل DEA” الذي نقل مرة أخرى إلى نواكشوط تحت حماية كل من المخابرات المغربية والموريتانية التي طلبت منه تزويدها بكل ملفات الشريف ولد الطاهر الذي كان بدوره يفاوض فرنسا وأمريكا من أجل حمايته بعدما ورطته باريس في عهد رئيسها ساركوزي في عدة عمليات قذرة في الساحل. عمليات شارك في تنفيذها كل من “داوودة” و”أزمي” وعمدة بلدية “تاركنت” المالية و بلعور وبلعيون و”المالي”، كل حسب اختصاصه. الجزء المهم وهو تنفيذ عمليات الإختطاف والإحتجاز كان يقوم بها الشريف ولد الطاهر وعناصره المسلحة بطلب من “ساركوزي” والمغرب بينما طلب الفدية والتفاوض كان يقوم بها عمدة “تاركنت” و”بلعور” ويتكلف “ولد الشلحة” بنقل أموال الفدية إلى الإرهابيين مما أكسبه سمعة دولية إدعى من خلالها معرفته بخبايا الساحل وشفرات ألغازه. أكذوبة إنطلت لسنوات على المغاربة والفرنسيين خاصة بعدما سلمهم عدة رؤوس ليبية مطلوبة.
عمليات ولد الطاهر كانت تنسب جميعها للإرهابي مختار بن مختار كإختطاف الدبلوماسسين الجزائريين ، وتفجير مقري قيادة الدرك الوطني الجزائري بمنطقتي تمنغاست وورقلة وإختطاف الرعايا الأجانب في منطقة “قاوا”. وتبقى أكبر عمليات ولد الطاهر هي الهجوم على مجمع MOC الذي راح ضحيته 80 قتيل و 150 جريح. كلها عمليات بتكليف من فرنسا والمغرب قصد زعزعة إستقرار المنطقة وفي نفس الوقت، بسط السيطرة على هذا الجزء الإفريقي المحوري لتجارة المخدرات بشتى أنواعها. تصريحات خطيرة على لسان متورطين “تائبين” في فضاعات وقعت في الساحل لا لشيء سوى لتمهيد الطريق أمام فرنسا لنهب خيرات مالي والنيجر من الذهب واليورانيوم.
وبما ان “ولد الشلحة” الملقب عند “صحافة” الحموشب ب”المالي” كان هو حلقة الوصل مع المخابرات المغربية والفرنسية والأمريكية بدأ يخطط إلى ما هو أكبر خاصة وأن الربيع العربي جعل من ولد الطاهر إرهابيا خطيرا وبارون مخدرات عالمي.
بين الفينة والأخرى، يتدخل أحد محاورينا ليذكر الآخرين بواقعة أو شخصية لعبت دورا هنا أو هناك، كقصة “الفنيزويلي “أنطونيو” الذي تخلص منه “ولد الشلحة” حينما أبلغ عليه “زائرته” الأمريكية في الخلوة. وقع أنطونيو في يد السلطات الموريتانية بعد كمين نصبه له ولد إبراهيم الذي اتصل به من نواكشوط بعدما غادر سجن نواذيبو”. إتهم الفنيزويلي (ممون البارون والإرهاب ولد الطاهر وبعض مغاربة جنوب الصحراء) بضلوعه في قضية الطائرة المجهولة (تحمل رقم N983S) التي حطت لبضعة دقائق بمدرج مطار نواذيبو يوم فاتح ماي 2007 على الحافة الشمالية قبل أن تقلع مخلفة 21 كيس من الكوكايين و20 وعلب أخرى تحمل إسم قهوة ” Café Madrid “.
أموال ليبيا تتسبب في هلاك الجميع.
خيانة النظام الليبي بدأت من مقربي القذافي وأفراد من عائلته مثل بشير صالح، مدير ديوان معمر القذافي، كان من بين أول الخونة اللذين خططوا لنهب ثروة هائلة من الذهب والعملة الصعبة قبل هروب العقيد نحو سرت ومن ثم إلى الجزائر. نسق مدير ديوانه مع الإرهابي وتاجر المخدرات الشريف ولد الطاهر لتهريب أطنان من سبائك الذهب وملايير من العملة الصعبة نحو مالي قصد إستثمارها في تجارة المخدرات التي كان سيطر عليها المغرب في المنطقة إلى حدود كوت ديفوار. ويرجع الفضل هنا إلى فرنسا التي مهدت له الطريق لدى ولد الطاهر قصد توسيع نشاط الرباط “الممنوع”.
وهنا يذكرنا “داني” بالدور الفعال الذي لعبه “المالي” بالتنسيق بين “جهاز مكافحة المخدرات الأمريكي (DEA)” و”ولد الطاهر” في تسيير هذه السوق المغربية تحث إشراف مباشر لإسرائيل عبر “الموساد”.
وعاد بنا “داني” إلى واقعة “إختفاء” موظفي السفارة المغربية بليبيا بضعة أسابيع بعد سقوط القذافي. فعلى حد قوله، “تمت تصفية الموظفين وهما عميلي لادجيد من طرف “ولد الشلحة” بعدما كشفا سرقته لساعات نفيسة وأحجار كريمة لم يذكرها لا لسيده ولد الطاهر ولا ل”فرعون” الرباط”. ويضيف: “إختفاء أعلنت عنه الرباط ووضعت صورتيهما على الركن العلوي للقنوات المغربية لإرهاب المغاربة وتسويق صورة سوداء على ليبيا، فاسحة المجال لعصاباتها لنهب خيراتها وإستثمارها في تجارة المخدرات التي تكسبها الملايير من الدولارات”. ثروة يتم ضخها في نفس السوق للمزيد من الأرباح والمكتسبات بشراء ذمم السياسيين والأمنيين الأفارقة.
جريمة المغربيين لم يحاسب عليها لا “المالي” ولا ولد الطاهر الذي ينعم بحماية “فرعون” الرباط (سنكشفه لاحقا) من أموال الشعب الذي يموت من البرد في جبال الأطلس وفي الحوز.
عندما نسق ولد الطاهر مع بشير صالح، بمباركة مغربية – إسرائيلية، ثم تحديد مكان هذا الأخير من طرف المخابرات الفرنسية التي إشترت رقم هاتفه السري من نوع “الثريا” من “العميل” الشاب “ولد الشلحة” مقابل سوق تجارة المخذرات والحبوب المهلوسة بين المغرب والجزائر.
حدث هذا عام 2011 لتنطلق مسيرة “المالي” بالموازاة مع صفقاته الإرهابية وطلب الفدية من الرهائن وعائلتهم. ألقت فرنسا وقتها القبض على بشير صالح ، ولم تجد بحوزته شيء لأن الدراع “الدموي” للعقيد القذافي سبقهم إلى كنز “ابن خالته” وحوله إلى مكان آمن لا يعلمه إلا المقربين الذين إختفوا منذ إنهيار نظام ليبيا السابق.
أحمد السنوسي وكمين “المخزن”..
فشل كل من ولد الطاهر، من جهة، و”ولد الشلحة”، من جهة أخرى، من تحقيق هدف الرباط في الإستيلاء على ثروة القذافي المدفونة في صحراء ليبيا. وقتها، يضيف “داني”، “كانت العصابة قد إستعدت لجلب كميات ضخمة من الكوكايين قصد توزيعها في أوربا وتزويد السوق الإفريقية بالحشيش المغربي. إلتزام الرباط مع منتجين محليين وأمريكيين (فنزويلا وكولومبيا والمكسيك) ، حيث تكلف سفراء المغرب في بنما والشيلي بالتواصل مع بارونات المخدرات بضمانة فرنسية (أعطت فرنسا أوامرها لرؤساء موريتانيا ومالي وبوركينا فاصو والسنغال وكوت ديفوار وغينين.. لتسهيل تجارة المغرب فوق أراضيهم). جن جنون “القصر” بحثا عن السيولة اللازمة لتمويل هذه السوق التي تضاعفت في وقت وجيز”. وكان الحل هو الإيقاع بأحد رموز النظام الليبي للحصول على معلومات توصلهم إلى “كنز” معمر القذافي.
حسب مصدرنا، فقد “إستغل ولد الطاهر علاقاته السابقة مع أحمد السنوسي ، كاتم أسرار القذافي ، ليقنعه بالإستثمار في تجارة الكوكايين حيث أخبره من بين شركائه قادة رؤساء دول من المنطقة. “رفض أحمد السنوسي العرض لتلجأ إسرائيل وأمريكا إلى ولد إبراهيم لتنفيذ خطة إقناعه بالإستثمار في المغرب حيث قدم له عرض “الحمة” بتمويل شركات زعماء حزبه “البام” وتوفير السيولة اللازمة لهم قصد تنفيذ صفقات ضخمة يحضون بها”، يؤكد “داني” الذي أقسم على أن “عميل” الموساد في المنطقة هو من باح له بهذا السر “مقابل دليل خيانة حارسة القذافي الشخصية التي أخبرت الفرنسيين بإحداثيات موكبه”.
بعد عدة محاولات تدخل فيها سياسيين مغاربة وسفراء إقتنع قذاف الدم بالعرض المغري خاصة وأن الضامن هو “القصر”. غداة استخراج “كنز” ثمين من كنوز القذافي والذي يقدر بأزيد من مليار دولار أمريكي(عبارة عن سبائك من الذهب وأصولات بنكية وعقارية) قررت الرباط طرد قذاف الدم وترحيله نحو موريتانيا التي رفضته بدورها لتبدأ رحلته مع العذاب ، وهنا مربط الفرس في قضية “المالي” مع فؤاد الحمة وعصابته.
نصيب “ولد الشلحة” من الكنز.
أكدت مصادرنا بأن “نسبة الحاج أحمد ولد إبراهيم من “غنيمة” كنز القذافي مع الأرباح تفوق 500 مليون دولار إستولى عليها “القصر” تحت ستار البعيوي والناصري. في البداية لعب المستشار الملكي دور “الخاطبة” أو الوسيط ليوقع “المالي” في حب لطيفة رأفت قبل أن يلجأ إلى رجالات حزبه للنيل من “عميل” أصبح مزعجا”. هذا هو المبلغ الذي كان يطالب به منذ إعتقاله في موريتانيا والذي تضاعف منذ ذلك الوقت بعد تعدد العمليات التي سحب منه تدبيرها وتكليف دبلوماسيين مغاربة للقيام بها.
وتشير نفص المصادر إلى “استعانة المخابرات المغربية بعميل سابق في صفوف المخابرات الليبية والذي تمت تصفيته جسديا من طرف لادجيد والديستي في موريتانيا بعدما إستطاع كشف عدة أرصدة و”دفائن” كانت في ملكية القذافي. ويتعلق الأمر هنا بالعميل عبد اللطيف راكز” (صحافي ومؤلف كتب) شقيق المستشار القانوني ل”جلالة” الحموشي داخل جهاز الديستي.
وتشير عدة مصادر متطابقة إلى أن اغتيال راكز على يد أعضاء جمعية المغاربة في نواكشوط سالفة الذكر (سنعود إليها بالتفصيل لاحقا) جاء بعد إنتهاء مهمته في التنسيق الميداني مع رموز النظام القذافي ، راكز لعب حلقة وصل مع ولد الطاهر الذي كان تحت حماية المغرب وفرنسا في منزل في بماكو سنة 2020.
وعند دخول الرأسمال الإماراتي في هذه السوق الإفريقية المدرة للأرباح، غير “القصر” إستراتيجيته بتصفية العملاء السابقين أو اسكاتهم داخل سجونه. ومن تم جاء قرار تصفية عدد كبير من عناصر جماعة ولد الطاهر وإسكاته إلى الأبد بوضعه تحت الدراسة المحددة بدريعة حمايته ، أما عبد اللطيف راكز، الشاهد الجديد، فقد سممته المخابرات المغربية على يد “المراكشي” الذي باع كل ممتلكاته في موريتانيا وفر إلى وجهة مجهولة.
أما ولد إبراهيم فقد نسجت له قضية على المقاص ، وحكم يسكته لعدة سنوات ويمنعه من المطالبة بملايين الدولارات من صفقة وتجارة لم ولن يعترف بها أبدا لأن نتيجتها الإعدام.
التضحية بالبعيوي والناصيري ورأفت والطاوجني والمهداوي وغيرهم ليس سوى عاصفة وسط فنجان لدر الرماد على العيون وإخفاء “جرائم دولة” اقترفها “فرعون” لإرضاء جشعه ونزواته. وتبقى أسئلة عالقة لن تجد لها جوابا ما دام “فرعون” في خدمة أسياده ؟؟ .
أين قبر عبد اللطيف راكز ؟ ، وأين أموال زلزال الحوز ؟ ، وأين اختفى “جلالة” الحموشي ؟ ، وما دور الديستي ولادجيد في حماية تجار المخدرات ؟ ، وأخيرا وليس آخرا، ما دور القصر في كل هذا وما مدى تورط العائلة الملكية في هذه التجارة ؟
يتبع ..
أحمد ولد الحبيب بوكة / نواكشوط /