في ظل المستجدات الخطيرة التي تعيشها القضية الوطنية، و الإنتفاضة الشعبية التي سجلها بتلقائية أفراد الجالية المغربية المقيمة بالمهجر لما لاحظوه من بروز كبير لجبهة البوليزاريو على المستوى الاعلامي و السياسي بأوروبا، فالوضع بإيطاليا سجل تراجعا كارثيا للطرح المغربي على جميع المستويات، إذ تفاجأت الجالية المغربية بقصاصة لوكالة الأنباء الإيطالية الرسمية (ANSA) و هي التي تعتبر لسان الحكومة تتحدث فيه عن هجوم الجيش المغربي على متظاهرين صحراويين سلميين مما تسبب في إلغاء إتفاق إطلاق النار دون ذكر ما قامت به ميليشيا البوليزاريو بقطع طريق دولي و إقفال معبر حدودي هام و الوحيد الذي يربط أوروبا بغرب إفريقيا لما يزيد عن أربعة أسابيع!
و قد نبه بعض الفعاليات الجمعوية الغيورة بعض الدبلوماسيين الذين كان لهم موقف صادم، حيث ألمحوا أن ملف الصحراء تنفرد به مؤسسة سيادية وحيدة ولا يحق لبقية الدبلوماسيين التدخل فيه، ليفهم بعد ذلك أن الدبلوماسية المغربية بإيطاليا لم تتخلص بعد من صراع الأجهزة و الذي كان قد بلغ أشده طيلة فترة قيادة حسن أبو أيوب الدبلوماسية المغربية في هذا البلد.
المهم، أن الدبلوماسية المغربية بإيطاليا لم تستطع ولو الرد على قصاصة وكالة الأنباء الإيطالية الرسمية، والتي تبنتها العديد من الجرائد الوطنية الإيطالية الكبرى ، وما عدى مقال لصحيفة من بنات الجالية المغربية الصحفية الأستاذة كريمة موال بجريدة لاريبوبلكا، فبقية الردود و التحركات بقية محتشمة تعتمد غالبيتها على “كتابات” بتديونات لا يقرأها الإيطاليون و يديرها أشخاص أصبحو أوراق محروقة أمام الإعلام الإيطالي!
و بالمقابل ، تجد أن ممثلو الجبهة بإيطاليا إستطاعوا إختراق المخيمات الصيفية الإيطالية، فأصبح آلاف الأطفال و المراهقين ممن جندتهم و كونتهم جبهة البوليزاريو يمضون عطلهم مع الشباب الإيطالي و يسوقون لقضيتهم، فما إن ترى منشورا بصفحات التواصل الإجتماعي إلا ووجدت آلاف المتفاعلين، توج مؤخرا ب”نداء” لمجموعة من البلديات الإيطالية تطالب فيه بحماية “الشعب الصحراوي” من “الآلة العسكرية المغربية” مما سيعتبر مشكلا حقيقيا لقضيتنا الوطنية بالبرلمان الأوروبي على إعتبار أن الكثير من رؤساء هذه البلديات يشغلون أيضا مناصب بلجان البرلمان الأوربي.
للأسف، فالنظرة الدونية التي ينظر بها المسؤولون عن ملف الصحراء المغربية للفاعلين الجمعويبن و أبناء الجيل الثاني من أبناء المهاجرين و الإستفراد بالملف ستؤدي لا محالة لكسب مزيد من التعاطف و الدعم لجبهة البوليزاريو التي تستثمر في أي شيء لكسب مزيد من النقاط.
إنشغال المكلفين بملف الصحراء المغربية بإيطاليا في أمور أخرى شخصية بالدرجة الأولى ثم الدخول في صراعات جانبية مع بعض المناضيلين و التدخل المستمر في الشأن الديني و الصراعات السياسية و دعم حزب معين في حملته الإنتخابية السابقة للأوان إستنزف قوى هؤلاء ليجدوا أنفسهم مرهقين أمام عدو لديه هدف واحد و هو حشد الدعم ل”قضيته” الغير العادلة.
على المسؤولين بالرباط ضخ دماء جديدة شابة بإيطاليا، و لما لا أن يستعينوا بأبناء الجيل الثاني من الكفاءات و تكوينهم لأنه كما يقال “أهل مكة أدرى بشعابها”، و يبعدون من دخل في صفقات مشبوهة مع أشباه الجمعويين المشبوهين و الذين ينبذهم حتى أفراد الجالية المغربية فما بالك بالفاعلين السياسيين الايطاليين ؟
عزيز القاسمي … روما …