“لوزين نوفيل”
فِي أعقاب الزِّيَارة التي قامَ بها إلى المغرب، نهايةَ أكتوبر الماضي، وَالتقَى خلالها رئيس الحكومة المغربيَّ عبد الإله بنكيران، وزعِيمة الباطرونا مريم بنصالح، قالَ وزير الاقتصاد الفرنسِي، بيير موسكو فيسي، إِنَّ هناكَ حاجةً، اليوم، إلى الكفِّ في فرنسا عن توجيه النقدِ إلى الاستثمار فِي المغرب، وتصوير المملكة، كما لو كانت المستفيدة الوحِيدة، فِي حين أنَّ الجمِيع رابحٌ.
الوزير الفرنسي أكَّدَ فِي حوارٍ مع مجلة “لوزين نوفيل” الفرنسيَّة، المختصَّة فِي شؤون الاقتصاد، أنَّ الوضع الحرج الذي تجتازهُ ماليَّة الدولة الفرنسية، لا يَعنِي أنَّ المغرب لمْ يعدْ أولويَّة بالنسبة إلى بلاده، حيثُ إنَّ فرنسا في جاهزية تامة، لمواكبة المشاريع الجديدة التي يطلقها المغرب، سواء فيما يتعلقُ بتطوير بنيته التحتيَّة ونقله العمومي، أوْ فِي مجال الطاقات المتجددة، لأنَّ من شأنِ مواصلة الدعم أنْ يفتحَ إمكانيَّاتٍ مستقبليَّة لمقاولاتنَا، يقول موسكوفيسي.
ميسكُوفسْكِيفِي أضافَ في الحوار ذاته، أنَّ الأزمة التي تهبُّ رياحها على بلاده، تفرضُ على فرنسَا أنْ تكون انتقائيَّة أكثر من أيِّ مضَى، في اختيار المشاريع التِي يؤُول إليها الدعم الفرنسي، وذلك بالتركيز على “أولويَّاتنَا والنفقات الأكثر إنتاجيَّة”، يقولُ المسؤول الفرنسي.
وحول تعالِي أصوات من الحزب الاشتراكِي، السنة الماضيَة، احتجاجًا على فتحِ مصنع “رونُو” بطنجة، وإعادةِ توطينِ عددٍ من المراكز الندَاء بالمغرب، فِي تساؤلٍ عمَّا إذَا كانت تلك المبادرات تخدمُ الاقتصاد الفرنسيَّ، ردَّ موسكُوفيسي بالقول إنَّ التمادي في انتقاد الاستثمار في الخارج غير سليم، مشددًا على أنَّ المغرب سوقٌ ذُو جاذبيَّة للمقاولات الفرنسيَّة، التي تعززُ تنافسيتها بدخوله.
كما أضافَ المتحدث، أنَّ لديه إيمانًا بكونِ الاستثمارات المباشرة في المغرب ذات نتائج إيجابيَّة على الاقتصاد الفرنسي، والمقاولات المعنية، سواء على مستوى البحث أوالتنمية أوالوظائف أوميزان الأداءات، فِي إطار الشراكة القائمةِ على مبدأ “رابح رابح”.
الوزيرُ الفرنسي قال إنَّ أمثلة كثيرة على نجاحِ شركات فرنسيَّة، أنشَأَتْ فرُوعًا لها في المغرب، ذاكرًا منها شركة “EADS” لصناعة كراسِي الطائرات، وَ “Safran”، وَ مصنع “Renault”، ، فِي طنجَة.
موازاةً مع ذلك، أردفَ موسكُوفيسي أنَّه بحث، خلال زيارته الأخيرة إلى المغرب، تعزيز حضور المقاولات الصغرى والمتوسطة الفرنسيَّة، فِي المملكة، إلى جانب المقاولات المغربية، بالنظر إلى ما يعدُ به على مستوى التنمية، رغم مما تعانيه تلك المقاولات في البحث عن تمويل، بصورة تشكلُ عائقًا أمامَ نموها واستمرارها.
المسؤُول الفرنسي، قالَ إنَّ مباحثاته مع الشركاء المغاربة، انصبَّتْ على تقوية التعاون، بغرضِ تسهيل ولوجِ المقاولاتِ الصُّغْرَى والمتوسطة إلى التمويل. كما شهدَ خلال زيارته، على توقيعِ اتفاقٍ بينَ صندوق الضمان المركزِي في المغرب، من جهة، وَ(Bpifrance)، وَ(AFD)، لأجل دعمِ تلك المقاولات، وتنمية قدرتها على التصدير إلى إفريقيَا.
وعن الرسالة التي وجهها إلى عددٍ من أرباب المقاولات المغاربة، التقَى بهم خلال زيارته إلى المغرب، قال موسكُوفيسي إنَّ رسالته أكدتْ على الثقَة، التي سبق أن أشار إليها، الرئيس الفرنسي، فرانسوَا هولاند، في أبريل الماضي، خلال زيارته إلى المغرب، بتأكيده ثقَة فرنسَا فِي المغرب.
على صعِيدٍ آخر، أشادَ المسؤول الفرنسي، بانخراط المغرب منذ عدة سنوات في مسار إصلاحاتٍ طموحة، تحت قيادة الملك محمد السادس، مضيفًا أنها سمحت قبلَ مجيء الربيع العربِي، بالإجابة على ما يصبُو إليه الشعب المغربِي من حريَّة وكرامةٍ.
موسكُوفيسي أضافَ أنَّ المغرب يمثِّلُ اليوم نمُوذجًا لإمكانيَّة الإصلاح فِي ظلِّ الاستقرار. وهو ما من شأنهِ أنْ يبعثَ الأمل في المنطقة كلها. “وأنَا قلتُ لأرباب الشركات المغربيَّة والفرنسيَّة، ممن التقيت، أنَّ حكومة بنكِيران تملكُ كافَّة الأوراق فِي يدها للإجابة على التحديَات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وبأنَّ فرنسَا جاهزةٌ تمامَ الجاهزيَّة لمواكبَة المغربِ في ذلك المنحَى”.
وبشأنِ اتفاق التبادل الحر الذِي يجري التفاوض حوله بين الاتحاد الأوبِي وَالمغرب، والنقاط التي مصالح فرنسا، قالَ موسكُوفيسي إنَّ الاتفاقَ المندرج ضمن وضع “الشرِيك المتقدم”، الممنوح للمغربِ عامَ 2008، تريدهُ فرنسَا بصيغة “رابح رابح”، يفتحُ المجال أمام المقاولات الأوربيَّة في المغرب، ويمكنُ المغرب من الولوجِ إلى السُّوقِ الأوربيَّة.بمما يرفعُ الناتج الداخلِي الخام في المغرب والاتحاد الأوبِي، على حدٍّ سواء.
وحولَ ما إذَا كانتْ فرنسَا قدْ خسرت بعض المواقع الاقتصاديَّة بالمغرب، في الآونة الأخيرة، ذكَّر الوزير الفرنسي، بأنَّ بلادهُ لا زالتْ فِي الصدارة، كَأوَّلَ شريكٍ اقتصادِيٍ للمملكة، مضيفًا أنَّ الاستثمارات الفرنسيَّة تمثلُ ما يزيدُ عن نصف الاستثمارات الأجنبيَّة المباشرة فِي المغرب، فضْلًا عنْ حضور 750 فرعًا لشركات فرنسيَّة فِي المغرب، تشغلُ نحو 120 ألف شخص.
كما أنَّ المغرب أول بلدٍ من حيث تدخل الوكَالة الفرنسيَّة للتنميَة. بالتزَاماتٍ تربُو على ثلاثة مليارات أورُو. حسب الأرقام المغربيَّة، يقول موسكُوفيسي، الذِي زاد أنَّ فرنسَا تبقى الشرِيك التجارِي الأول للمملكة من خلال أزيد من 8 مليارات أورُو من المبادلات السنويَّة.