أيها الحكام العرب اصمتوا إذا أردتم الحفاظ على وجودكم ومصالحكم وإلا ستندمون ، رسالة تهديد صريحة، وجهها رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو إلى القادة العرب المشاركون في القمة العربية الإسلامية في الرياض مطالبا إياهم التزام الصمت تجاه الحرب الشرسة التي تشنها مليشياته على السكان الأبرياء في قطاع غزة ، وإلا سيكون مصير بلدانهم ما يحصل في القطاع .
بنيامين نتنياهو الذي سبق وأن فضح الحكام العرب المتآمرون معه على سحق حركة المقاومة الإسلامية حماس، الآن يهددهم إن أرادوا الحفاظ على وجودهم ومصالحهم.
وفي خضم هذه الحرب البربرية الهمجية والتي لم تبقي شيئا إلا واستهدفته، وغليان الشارع العربي دفع بهؤلاء القادة إلى الاجتماع ، وكان هذا الحدث قديما مخيفا للبعض وباعثا للأمل لدى البعض الآخر،ولكنهم اليوم اجتمعوا وهم في حالة شديدة من العجز والضعف والخوف، قلوبهم تشتت وأهدافهم تغيرت، ولم يعد هناك مايجمعهم سوى تلك القاعة التي يتدارسون فيها أمرهم، كيف يوقفون تلك الحرب.
أمل الكثيرون أن تغادر هذه القمة مربع الإدانات والإستنكار، مستندين الى أدوات القوة المعطلة لتحضر الأفعال أمام همجية المحتل التي تطوق دباباته مستشفيات القطاع، ويقتل حصاره الجائر من تبقى منهم بالجوع والقصف..
وكان مخرجات القمة كسر الحصار وإدخال المساعدات ورفض التهجير والوقوف بجانب الشعب الفلسطيني بكل الإمكانيات وهو الذي لطالما ترك وحيدا.
وكان اللافت في البيان الدعوة الموجهة إلى الجنائية الدولية لاستكمال التحقيقات في الجرائم المرتكبة من طرف الكيان، والدعوة لمنع تصدير السلاح له، والبدء بتحرك دولي تقوده السعودية وست دول عربية وإسلامية لحل القضية الفلسكينية ، وهو ما أزعج رئيس وزراء الكيان الإرهابي الذي خرج ليحذر زعماء العرب إن وقفوا إلى جانب المقاومة.
لكن الحكام العرب لم ينتظروا بنيامين نتنياهو أن يطلب منهم التزام الصمت حيال مايجري، بل فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم منذ بداية الحرب، وتواطؤوا معه في حربه المسعورة على المدنيين ووقفوا الى جانبه، وأدانوا ماقامت به حركة المقاومة الإسلامية في السابع من أكتوبر، إما سرا أو علانية، وكان أخرهم ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل الخليفة، حيث أدان حركة حماس ووصف عملية طوفان الأقصى بالبربرية والمروعة، ورغم علمه مايجري في غزة من إبادة جماعية .
والغريب في خطابات الزعماء العرب المشاركون في القمة هو التناقض في مواقفهم ، فرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يشكر العالم على التظاهر تضامنا مع غزة وأهلها وهو يقمع المتظاهرين في الضفة الغربية، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يفرض حصارا على أهل غزة وهو يحاصرهم من معبر رفح ، أما الرئيس السوري بشار الأسد يندد بقصف المدنيين وهو يقصفهم في سوريا ، أما باقي الزعماء المطبعون المتصهينون من أمثال الإمارات والبحرين والسعودية والمغرب والأردن يرفضون الممارسات الإسرائيلية ويدهم في يد إسرائيل.
ولليوم 49 من الحرب الإنتقامية على المدنيين في قطاع غزة، والعرب المطبعون المنبطحون لا زالوا يلتزمون الصمت كما أمرهم بذلك زعيمهم نتينياهو، ولم يشفع لغزة الدمار الهائل والقتل العشوائي للمدنيينن وإستباحة المستشفيات بالمدافع والدبابات، والتنكيل بالأحياء والتمثيل بالجثث، وقطع جميع سبل العيش حتى صارت حياة سكان غزة حياة بدائية، ولم يشفع هذا المشهد الذي يطلع عليه الزعماء العرب على شاشاتهم وقنواتهم الفضائية في اتخاذ موقف حازم لوقف العدوان، وبقيت مخرجات قمتهم تنتظر التطبيق .
وإن من هؤلاء الزعماء من منع المظاهرات والإعتصامات وكل الأشكال التضامنية مع الفلسطينيين، وهو الحال في الأردن حيث منعت السلطات اعتصام جماهيري بالعاصمة عمان لمطالبة النظام الأردني بالضغط على إسرائيل ووقف العدوان على قطاع غزة، والحال نفسه في المغرب حيث منعت السلطات بالقوة مسيرات ليلية أقيمت في كل من أسفي والرباط وطنجة ومراكش وفاس وباقي المدون المغربية رافعين الأعلام الفلسطينية ومنددين لما يحصل من عدوان على قطاع غزة، كما قامت السلطات بقمع مسيرة شبابية بالدراجات الهوائية بعين الشق بالدار البيضاء تضامنا مع القطاع المحاصر .
أما دول الخليج فالتظاهر عندهم والإحتجاج حرام حسب فتاوي شيوخ البلاط، وفتنة وخروج عن طاعة الحاكم، خاصة في السعودية والبحرين والإمارات .
و في الضفة الغربية شقيقة غزة، فتقمع فيها المظاهرات المنددة بالعدوان، من طرف أمن السلطة الفلسطينية، وأن هذه الأخيرة توفر الحماية اللازمة لإسرائيل من أي هجوم فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتعتقل كل شخص يعتدي على سلطات الاحتلال النازي، وهذا ينبعث من منطق أن قيام دولة إسرائيل تحتاج لأنظمة عربية لتحميها، وهذا ما يحدث بالفعل.
وحسب محللون أن عدم تطبيق قرارات القمة العربية والإسلامية الأخير، وخاصة ما يتعلق بكسر الحصار وفرض إدخال المساعدات مرتبط بغياب الإرادة السياسية والخوف من أن يفعل بهم الإحتلال ما يفعله بقطاع غزة، وان مايجري في غزة هو رسالة للعواصم العربية أن من يرفع رأسه سنفعل به هكذا، سنلقي عليه قنبلة ذرية التي هدد بها غزة أحد وزراء الكيان النازي.
كما أن الدول المحيطة بفلسطين المحتلة خاصة مصر والأردن بخصوص ما يحدث في غزة من عدوان وإبادة جماعية، فان الدولتين وصلتا إلى إستنتاج أن الولايات المتحدة وهي حليفتهما قد تبيعهما في أية لحظة نزولا عند المصالح الإسرائيلية، حيث أن واشنطن منذ بداية العدوان وهي تلمح الى التهجير والتطهير العرقي على عاتق مصر والأردن .
وأن الدفع بتهجير سكان قطاع غزة الى مصر أو الأردن يجب أخذه على محمل الجد، وان قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل أو مايسمى بحل الدولتين هي فكرة فاشلة يرددها الجميع.
وأن التفاوض على حل الدولتين أمر عارضه نتنياهو طوال حياته السياسية، وأن المتطرفين اليهود الداعمين لسياسة نتنياهو يعتبرون أن كامل الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط هبة من الله للشعب اليهودي ويجب أن تكون جميعها داخل حدود إسرائيل.
ومنذ بداية الحرب أعلنت الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية الدعم اللا مشروط والوقوف الى جانب إسرائيل، حيث قامت هذه الدول بإرسال ترسانات عسكرية لإسرائيل لقتل الفلسطينيين، هذه الأسلحة التي توجه الى الكيان الإرهابي بكل حرية، ودون معارضة أو عرقلة من أي جهة..
وأن الحفاظ على الهيمنة العسكرية لإسرائيل هو عنصر أساسي في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، وقد تم تحقيق ذلك من خلال تمويل الولايات المتحدة للترسانة العسكرية الإسرائيلية المتزايدة، وحيث أن الإحتلال لا يكتفي بالقصف من الجو..
وإنما يحاصر القطاع الفلسطيني المكتظ بالسكان، ويحول دون وصول حتى الإحتياجات الأساسية من ماء وغذاء ودواء فضلا عن مصادر الطاقة كالبنزين والغاز والكهرباء، بينما يرسل العرب مساعدات غذائية وطبية ويتنظرون من إسرائيل الإذن لإدخالها الى القطاع المحاصر، وبهذا ورغم التطبيع والإنبطاح لنتنياهو إلا أنه لا يقيم لهم وزنا .
ومع بدء العدوان على قطاع غزة، والإحتلال عينه على مستشفياتها ومنها مستشفى الشفاء، وبعد إقتحامه لهذا الأخير ولم يجد أنفاقا ولا أي دليل مرتبط بوجود أنشطة لحماس تحت المستشفى، وبعدما أجبر الأهالي على النزوح من الشمال الى الجنوب، وتدمير كافة البنى التحتية بالشمال، هاهو الآن يوجه أنظاره الى الجنوب وخان يونس تحديدا..
فحسب إدعاءات الإحتلال أن مركز عمليات وقيادات حماس توجد بمدينة خانيونس، وهناك لديهم مخازن الأسلحة ومنصات إطلاق الصواريخ.
وما ترتكبه إسرائيل من أعمال وحشية في قطاع غزة فاق جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وأن إسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون الدولي، وهي بالفعل كذلك حيث يوفر لها غطاء وحماية أمريكية وغربية، وهذا بدليل ما قاله نتنياهو أن العالم والدول الغربية يوفرون لنا قبة حديدية ديبلوماسية ، وأن جرائم إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني هي جرائم إرهابية، لكن لم تستطع آية دولة من الدول العربية و الإسلامية أن تصف عدوانها بالإرهابي ..
اللهم الموقف الذي إتخذه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فحسب تعبيره لو ارتكبت دولة مسلمة جرائم إسرائيل لتدخل القضاء الدولي من تلقاء نفسه، لكن العالم الغربي بأكمله والكيان الإمبريالي الصليبي متحدان في خندق واحد ..
وأن إسرائيل دولة إرهابية ترتكب جرائم حرب وتنتهك القانون الدولي في حربها على غزة .
ومن هنا يمكن القول ، أن طوفان الأقصى هو أمر من عند الله عز وجل ، لفضح أكاذيب الدول العربية التي لطالما خدعت الشعوب أن القضية الفلسطينية قضيتها الأولى، وفضح الخائنين والمطبعين المتصهينين، وأن طوفان الأقصى هو طوفان فضح أخلاقيات العالم الغربي وإنسانيته، وأن حق إسرائيل الدفاع عن نفسها الذي تتخذه الدول الغربية وأمريكا ذريعة لقتل الشعب الفلسطيني، هو ترجمة حقيقية لمبدأ استعماري يعطي الغزاة الحق في قتل السكان الأصليين.
وأن غزة لا تعول على الزعماء المنبطحون لليهود،وتبرأت منهم في اليوم الأول من العدوان، وإنما غزة تعول على أحفاد صلاح الدين الأيوبي من أمثال أبو عبيدة القسام ومحمد الضيف ويحيى السنوار وإخوانهم الذين لا يخضعون إلا لله ومنه يستمدون قوتهم وهو ناصرهم .
وحسبنا الله ونعم الوكيل على الذل الذي أوصلنا إليه حكامنا .
مع تحيات موظف شرطة/ المغرب