الرباط – «الشروق نيوز 24»: يبدو أن وزير التعليم المغربي، شكيب بنموسى، ماضٍ في نهجه لامتصاص مسلسل الاحتقان الذي يشهده القطاع منذ سنوات، في أفق تكريس السلم الاجتماعي، وتفادي الإضرابات عن العمل التي اعتاد المدرسون وكوادر التربية على تنفيذها، من أجل المطالبة بتحقيق مطالبهم المهنية والاجتماعية والمادية.
ويرى مراقبون أن التعليم من أهم القطاعات الحيوية التي تعدّ مؤشراً على مدى نجاح أو فشل السياسات الحكومية، كما أن له تأثيراً قوياً على سيرورة الحراكات الاجتماعية، باعتبار الخزان البشري الكبير الذي يتوفر عليه القطاع في مختلف أقاليم البلاد. فضلاً عن كون نساء ورجال التدريس فاعلين أساسيين في النقابات المهنية المختلفة وفي حركية المجتمع المدني.
في هذا السياق، لم تفوت النقابات التعليمية الخمس تعتبر الأكثر تمثيلية فرصة لقائها بوزير التربية الوطنية، أول أمس الأربعاء، لتجدد مواقفها المتعلقة بعدد من الملفات الحارقة، وعلى رأسها “أساتذة التعاقد”.
البيان الصادر عن النقابات الخمس الذي تلقت “القدس العربي” نسخة منه، أفاد بأنها خلال لقاء مع الوزير شكيب بنموسى، عبرت عن شجبها لما أسمته “القمع” الذي تعرض له المدرسون المتعاقدون في الرباط.
كما جددت النقابات مطالبها “بوقف المتابعات القضائية وبالتسريع بحل الملف وجميع الملفات العالقة وبإقرار نظام أساسي يتجاوز ثغرات نظام 2003 داخل النظام العام للوظيفة العمومية ويتشبث بالدفاع عن التعليم العمومي.
في سياق متصل، قضت المحكمة الابتدائية (درجة أولى) في الرباط، أمس الخميس، بالسجن ثلاثة أشهر حبساً نافذاً في حق مدرّسة “متعاقدة”، فيما توبع 19 مدرّساً آخرون بشهرين موقوفة التنفيذ، ضمن الفوج الأول من متابعي “كوادر الأكاديميات”،
وحكمت المحكمة كذلك على 13 متابعاً من الفوج الثاني بشهرين موقوفة التنفيذ؛ فيما قضت في حق 12 متابعاً ضمن الفوج الثالث بشهرين موقوفة التنفيذ وغرامة 1000 درهم.
ويتابع المدرسون “المتعاقدون” بتهم عرقلة الطريق العمومية، وإهانة رجال القوة العمومية، وارتكاب العنف في حقهم، والتجمهر غير المسلح دون ترخيص.
بالنسبة لنقابات التعليم، فقد كان لقاؤها مع وزير التربية الوطنية مناسبة للتأكيد “على ضرورة احترام الجدولة الزمنية المنصوص عليها في الاتفاق المرحلي المشترك ليوم 18 كانون الثاني/ يناير 2022، المفضية إلى اتفاق نهائي قبل متم تموز/ يوليو 2022.
وأشار البيان نفسه إلى أن النقابات أكدت “من جديد على الحاجة لبناء أجواء الثقة عبر إسقاط جميع المتابعات ضد الأساتذة واحترام الحق في التظاهر”.
ووفق المصدر نفسه، فقد جرى الاتفاق بين النقابات والوزارة على عدد النقاط، وذلك بعد تذكير الوزارة بملفات الشغيلة التعليمية المطروحة عليها من طرف النقابات في اجتماع 15 شباط/ فبراير 2022، والحاجة لضرورة معالجتها كلها وفق ما نص على ذلك الاتفاق المرحلي.
وسردت النقابات الخمس في بيانها، النقاط المتفق بشأنها مع الوزارة وعلى رأسها “اجتماع اللجنة الخاصة بالنظام الأساسي بين النقابات الخمس والوزارة، الأربعاء المقبل 16 آذار/ مارس 2022، على أساس عقد اجتماع أسبوعي وكلما دعت الضرورة إلى ذلك”.
كما تم الاتفاق على أنه في اللقاء نفسه سيتم تحديد موعد اجتماع اللجنة التقنية لمعالجة الملفات العالقة.
والتزمت الوزارة بمواصلة الحوار حول ملف أساتذة التعاقد، إضافة إلى استعدادها لفتح النقاش، مع النقابات التعليمية الخمس، حول التعليم الأولي ووضعية العاملات والعاملين فيه.
وختمت النقابات التعليمية بيانها بدعوة “الشغيلة التعليمية إلى توحيد الصفوف، وطنياً ومجالياً وفئوياً، من أجل الحفاظ على المكتسبات وانتزاع مكتسبات جديدة”.
في مقابل ذلك، أعربت “الفدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة بالمغرب” عن قلقها وتذمرها من الوضعية الراهنة التي تشهدها المدرسة العمومية المغربية جراء الإضرابات المتكررة وغير المفهومة التي فاقت 40 يوماً والتي تجعل زمن التدريس في ضياع مستمر، مما يعمق أزمة المنظومة التي تعرف أصلاً الكثير من الأعطاب.
وقالت في بيان اطلعت عليه “القدس العربي” إنه “في الوقت الذي ينتظر فيه المجتمع المغربي الانكباب بسرعة على معالجة الاختلالات نجد من يفضل نهج أسلوب الحسابات الضيقة، ولو أدى ذلك إلى التضحية بالزمن المدرسي لفلذات أكبادنا وانتهاك حقوق المتعلم”.
وأضاف البيان أن طلاب المدارس خرجوا من زمن كورونا يكابدون الصعوبات بمجهودات فردية وأخرى مؤسساتية، لم تمكن مع ذلك من تحقيق مستوى التحصيل الدراسي الذي تطمح إليه الفدرالية التي سعت جاهدة، كشريك إيجابي، يتمتع بثقة جميع الشركاء وواعٍ بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه، لضمان الزمن الطبيعي والعادي للمتعلم.
ودق البيان ناقوس الخطر لما آلت إليه الأوضاع، كما نبّه إلى أن المسار التعليمي مرتبك، ولفت الانتباه إلى استعداد الفدرالية للانخراط في كل المشاريع التربوية الناجعة التي تستهدف المتعلم. كما أكد أنها تمد يدها لكل الغيورين على القطاع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتدعو كافة الجهات الرسمية عموماً ووزارة التربية الوطنية خصوصاً من أجل التفاعل بشكل إيجابي والحرص على تعويض الزمن المدرسي المهدور.