نقطة نظام ! ما أشبه ما وقع لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات بقيادة عبد الرحيم سنة 1977 بما حدث يوم 8 شتنبر لحزب العدالة والتنمية بأمر مباشر من ” الأخ الأكبر ” !!
********
أغلب المحللين لما جرى في هذا البلد المنكوب يوم 8 من الشهر الجاري ينطلقون من مغالطة تقوم على إعتبار ما جرى ” إنتخابات” ، وما تم الإعلان رسميا عنه” نتائج” أفرزتها
الصناديق !
والحال والواقع أن ماجرى بالضبط هو بكل بساطة مسرحية سخيفة وزعت فيها الأدوار بعناية وأسندت فيها أدوار ” البطولة” ل” الأحزاب”المسوخ التي فرخت تفريخا على يد “الأخ الأكبر” ، وأسندت أدوار الكومبارس لبعض الكيانات السياسية التي أجهز عليها ” الأخ الأكبر ” منذ فترة..
وأوكل لها مهمة تلطيف الأجواء ،و” تنشيطها” ببعض المستملحات و الإيفيهات !
وما دام الشيء بالشيء يذكر ، أذكر بعض المحللين”الحداثيين”المتشفين في” هزيمة” الإسلاميين ، و” لفظهم من قبل الناخبين المغاربة” ، ( أذكرهم ) بما جرى للإتحاد الاشتراكي في ” الانتخابات “التشريعية سنة 1977…
فبعد أن رفض الراحل الكبير عبد الرحيم بوعبيد التفاوض على ” كوطا” المقاعد المحددة سلفا ( وهو ما قبله حزب الإستقلال وقتها ) ومع إصراره على الترشح في أكادير رغم إلحاح ” المفاوضين” عليه بأن الأمر مرفوض تماما من “السلطات العليا” وأن بإمكانه إختيار أي دائرة أخرى لأن وجوده في البرلمان مطلوب …
كان القرار أولا تقزيم الحضور الإتحادي في البرلمان إلى أدنى المستويات ( 14مقعدا ) وإسقاط الزعيم الكبير عبد الرحيم بوعبيد أمام نكرة يدعى رمزي ( من يذكره ؟)
لتنطلق بعدها جوقة المطبلين وعرسان الزفة ( مولاي احمد العلوي / عبدالقادر شبيه /محمد الأشهب/ و” الأكاديمي والأستاذ الجامعي” مصطفى السحيمي…)
في “تحليل” النتائج و تبريرها : عبد الرحيم بوعبيد “سقط” في أكادير لأنه أخطأ في إختيار الدائرة ،” وسواسة ” عنصريون ولا يمكن أن يصوتوا لمرشح غير سوسي ! ( حتى علي يعتة الذي حصل على مقعده بالتزوير ذهب في تفسير فضيحة أكادير بمنطق الأجهزة ) ….
“هزيمة” الإتحاد الاشتراكي المدوية تؤكد المؤكد وهو ” نهاية الأحزاب السياسية التقليدية ” التي لفظتها الجماهير وإختارت البديل عنها : الأحرار المستقلون الممثلون لجيل ما بعد الإستقلال……الخ ” البلا بلا” المعروفة…
علما بأن الإتحاد الإشتراكي فاز في هذه الإنتخابات التشريعية بأكثر من تسعين مقعدا ( تقلصت بقدرة قادر إلى 14! )
ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه هذه المرة بشكل أكثر كوميدية : الإسلاميون المغاربة تبخروا فجأة !!
وهم القوة السياسية التي كان يخشى فوزها بولاية ثالثة ووضع، للحيلولة دون ذلك أغرب قانون إنتخابي في العالم (قانون “بيت but ولا ما لاعبينش !! )
ثم فجأة، وبعد أن كان مقررا أن ” تترك”لها مرتبة متقدمة ( الثالثة أو الرابعة ) جاء خطاب بنكيران ليغير، فيما يبدو، كل المعادلات، ويتقرر ” التشطيب ” بجرة قلم وبشكل فج ومفضوح
على حزب العدالة والتنمية، وإسقاط زعيمه أمام مرشح نكرة من حزب أخنوش( مع العلم أن معلومات مؤكدة تشير إلى فوز السيد العثماني بمقعد دائرة المحيط، بالرغم من البلطجة والأموال الهائلة التي استعملها مرشح “الأحرار”/غير الأحرار لإسقاطه !
أقول قولي هذا…أنا اليساري الذي كان البعض يصنفه ضمن زمرة “الاستئصالبين” خصوصا في مرحلة رئاسة تحرير جريدة ” الأحداث المغربية” ( قبل تأميمها من طرف”الأخ الأكبر” )
ولكن المبادئ هي المبادئ ….
الإسلاميون أيها السادة لم يهزموا في صناديق الإقتراع، بل “هزموا ” في الولايات والعمالات التي حررت فيها المحاضر حسب التعليمات !
وهذا لا يعني إعفاءهم من جزء من المسؤولية عما جرى : سكوتهم المتواطىءعن كل الإنتهاكات التي شهدتها البلاد في مجال حقوق الإنسان من تعذيب وحشي ب”القرعة” و” العصا” ( شهادة ناصر الزفزافي وعلي أعراس) ، وإعتقالات عشوائية تعسفية لأحرار هذآ الوطن، وفبركة ملفات سوريالية لهم للزج بهم في السجون !
توقيع زعيمهم/ رئيس الحكومة على إتفاقية التطببع المخزية مع إسرائيل !
إضافة إلى العديد من القرارات الإقتصادية والإجتماعية اللاشعبية التي أضرت بمصداقيتهم … ولكن كل ذلك لا يبرر ماجرى .
وما جرى هو بكل بساطة مجزرة في حق الديمقراطية وحقوق الإنسان ! أما المؤسسات ودولة الحق والقانون و”القضاء الشامخ ” وغيرها من الشعارات فإنها تقودنا إلى ما سماه الروائي الكبير علاء الأسواني ب ” دولة الكأن” ….
فما يوجد عندنا هو دولة…كأنها دولة ! وحكومة….كأنها حكومة ! وبرلمان …كأنه برلمان !
وأحزاب… كأنها أحزاب ! ومنظمات مجتمع مدني( إلا من رحم ربك ) ….كأنها منظمات !
ومثقغون( إلا من رحم ربك )… كأنهم مثقفون !
أي أننا بإختصار في قاع القاع وطبالو “الأخ الأكبر” يصرون على
التأكيد ، على طريقة ” بانغلوس” في رواية ” كانديد” ل “فواتير”
على ” أننا نعيش في أفضل العوالم الممكنة !!
Nous sommes dans le meilleur des mondes possibles !
ولا حول ولا قوة الا بالله …
عبدالكريم الامراني