“نيويورك تايمز”: أطول إضراب عن الطعام يخوضه صحفي مغربي يلقى الضوء على مخاطر العمل الصحفي في المغرب !!

Advertisement

قالت “نيويورك تايمز”، في أحدث تقرير لها، إن إضراب الصحفي سليمان الريسوني عن الطعام، الذي يقترب من ثلاثة أشهر، يعد أطول إضراب عن الطعام يخوضه صحفي مغربي، وفي نفس الوقت فهو يلقى الضوء على مخاطر العمل الصحفي في المغرب.

ولاحظت الصحيفة في تقرير مطول، وقعته الصحافية المغربية عايدة العلمي وزميلها في نفس الصحيفة نيكولاس كازي، أن إغتيال خاشقجي وبرودة ترامب دفعَتا الأنظمة العربية لتشديد قبضة القمع بما فيها المغرب الذي خنق “الصحافة المستقلة”

إعتبرت صحيفة ” نيويورك تايمز” الأمريكية تطرق وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين، خلال إجتماعه مع نظيره ناصر بوريطة في روما الشهر الماضي، إلى موضوع حرية الصحافة وحقوق الإنسان، على أنه جزء من “تعديل الموازين” التي “إختلت” تجاه حقوق الإنسان في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وقالت الصحفية إنه بعد ذلك الإجتماع غرد وزير الخارجية الأمريكي، كونه ناقش مع نظيره “مصالح البلدين المشتركة في السلام والإستقرار الإقليميين وحقوق الإنسان، بما في ذلك حرية الصحافة”، معتبرة أن في ذلك إشارة إلى وضعية الصحفيين المعتقلين في المغرب.

وتناول التقرير الإضرابات عن الطعام التي يخوضها الصحافيون في المغرب دفاعًا عن أنفسهم وبراءتهم، وعلى رأسهم الصحافي سليمان الريسوني المضرب عن الطعام لأكثر من 80 يومًا.

ونقلت الصحيفة عن مراقبين أن القضايا المتعلقة بإعتقال الصحفيين في المغرب تعكس ديناميكية خطيرة تجاه الصحفيين على نطاق أوسع في شمال إفريقيا وبقية العالم العربي.

وذكرت الصحيفة أن تلك المخاطر تصاعدت خلال إدارة ترامب، عندما أعرب الرئيس الأمريكي عن إعجابه بقادة دول مثل مصر والسعودية، الذين يستخدمون أساليب قمعية.

من خشاقجي إلى المغرب …

تقول ” نيويورك تايمز” إنه بعد أن خلص مسؤولو المخابرات الأمريكية إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر بإغتيال كاتب مقالات الرأي، جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018، أعرب أنذاك الرئيس دونالد ترامب مرارًا عن شكوكه من صدقية الأمر وسعى إلى توثيق العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن الملوك في أماكن مثل المغرب لاحظوا هذا “التطبيع مع الاستبداد والقمع”.

وكتبت الصحيفة أيضًا أنه لسنوات، لم يتردد سليمان الريسوني، كاتب مقالات رأي في صحيفة مغربية، في معالجة بعض القضايا الأكثر حساسية في المملكة الواقعة شمال إفريقيا، بما في ذلك الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اندلعت في عامي 2011 و 2016، لكن إنتقاده لكيفية تعامل السلطات مع وباء كورونا، كانَ النقطة التي أفاضت الكأس.

ومنذ أكثر من عام بقليل، قُبض على الريسوني في منزله بالدار البيضاء بعد إتهامات بإعتداء جنسي، مزاعم يقول إنها كاذبة وملفقة لتخويفه، وسجن منذ ذلك الحين، ولذلك بدأ إضرابا عن الطعام منذ قرابة ثلاثة أشهر إحتجاجا على ذلك.

وقالت الصحيفة إن الريسوني في 10 يونيو مثل أمام المحكمة هزيلاً وغير قادر على المشي دون مساعدة، وقال للقاضي: “أرجوك أعدني إلى السجن لأموت”.

وذكرت الصحيفة أن الريسوني هو واحد من 10 صحفيين مغاربة على الأقل تم سجنهم في السنوات الأخيرة، معظمهم متهمون بجرائم جنسية وأفعال أخرى تعتبر غير قانونية في المغرب، بما في ذلك بعض أشكال الإجهاض.

وتقول جماعات حقوقية إن الهدف الحقيقي للسلطات من متابعة خصومها بمثل هذه القضايا، هو إسكات الكادر الصغير من الصحفيين المستقلين في البلاد بإتهامات كاذبة وذات دوافع سياسية.

وكان جميع الصحفيين المحتجزين حاليًا، قد نشروا مقالات عن الفساد أو إساءة إستخدام السلطة داخل المملكة، وإستهدف العديد منهم الشركات أو المسؤولين الأمنيين المرتبطين بالملك محمد السادس.

رلمان مغربي هش …

وقالت الصحيفة إن المغرب، وهو نظام ملكي دستوري لا يتمتع فيه البرلمان المنتخب سوى بنفوذ ضئيل، فيما يحتفظ المغرب بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وهي حليف موثوق في التعاون في مكافحة الإرهاب.

وفي مقابل ذلك لطالما انتقدت الجماعات الحقوقية المملكة بسبب قيودها على حرية التعبير وانتهاكات حقوق الإنسان.

وقال عبد السلام مغراوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ديوك لصحيفة “التايمز”: “لقد خنق النظام الملكي وسائل الإعلام المستقلة عندما أصبحت شديدة الإنتقاد”.

وقالت الحكومة المغربية إن الريسوني قد مُنحت له “جميع ضمانات المحاكمة العادلة” وأن محاكمته ومحاكمة الصحفيين الآخرين لا تتعلق بعملهم، وشككت في إضرابه عن الطعام، عندما قالت إنه تناول بعض الطعام في بعض الأوقات من إضرابه الطويل عن الطعام، معتبرة أن “حالته الصحية تظل طبيعية رغم فقدانه الكثير من وزنه”.

كما قالت الحكومة إن إدعاءاته بارتكاب إنتهاكات في حقه كاذبة، مضيفة أن ممثلين عن جماعات حقوقية قاموا بزيارته في السجن.

وأدينت الصحفية هاجر الريسوني إبنة أخت الصحافي سليمان الريسوني في عام 2019 بتهمة ممارسة الجنس مع شريكها والإجهاض.

جهاز الأمن خط أحمر…

وبلغ الريسوني (49 عامًا)، سن الرشد خلال السنوات التي أعقبت صعود الملك محمد السادس العرش ووعد بمزيد من الإنفتاح. وكان رئيس تحرير صحيفة “أخبار اليوم” التي أُغلقت في مارس بسبب سجن مديرها، والمشاكل المالية التي طال أمدها.

وترى ” نيويورك تايمز” أن إحتجاجات الديمقراطية وصلت إلى المغرب في عام 2011، وأصبح الصحفيون على نحو متزايد هدفًا لمسؤولي الأمن، ثم، في عام 2016، أدى مقتل بائع سمك في مدينة الحسيمة الشمالية إلى إندلاع أكبر احتجاجات في المغرب منذ سنوات، وإعتقلت السلطات مئات المتظاهرين وحكمت على قادة الحركة بالسجن لسنوات طويلة.

وغطى الريسوني كلا الحركتين (20 فبراير- إحتجاجات الريف) على الرغم من تعميق المضايقات ضد الصحفيين الذين يغطون الإحتجاجات، وبحلول بداية الوباء، كان يكتب حول ما إعتبره استجابة الحكومة الرديئة لفيروس كورونا.

وكتب في عمود قبل يومين من إعتقاله في مايو 2020، منتقدًا رئيس جهاز الأمن المغربي القوي: “يتم إلقاء القبض على عدد أكبر من الأشخاص بحثًا عن الفيروس”.

وألقت الشرطة القبض على الريسوني بعد أن إدعى رجل في منشور على فيسبوك أنه ضحية محاولة إعتداء جنسي، ولم يذكر المنشور إسم الريسوني، لكن عندما إستدعت الشرطة صاحب التدوينة، أكد أنه يتهم الصحفي سليمان الريسوني، وفقًا للوثائق.

ونفى الريسوني الإتهامات وقال إن السلطات إستغلت المتهم للإنتقام منه، وفي أبريل، بدأ إضرابا عن الطعام إحتجاجا على ظروف السجن، التي قال محاميه إنها شملت الحبس الإنفرادي.

“ماذا حدث لأحلامي؟”

وقالت الصحيفة الأمريكية إن الريسوني ليس الصحفي الوحيد في المغرب الذي واجه إتهامات بجرائم جنسية بعد نشره تحقيقا، إذ في يوليو الماضي، سُجن عمر الراضي، الصحفي المستقل الذي كتب عن الفساد الرسمي، بتهمة التجسس والإغتصاب وهو الآن معتقل وقيد المحاكمة.

وفي عام 2019، أُدينت هاجر الريسوني، ابنة أخت الريسوني وهي زميلة صحفية، بتهمة ممارسة الجنس مع شريكها، الذي لم تكن متزوجة منه في ذلك الوقت، كما إتهمت بالإجهاض، وكلاهما جريمة في المغرب.

“ظللت أفكر” ماذا فعلت لأستحق هذا؟ قالت هاجر الريسوني، التي غادرت المغرب إلى السودان بعد عفو ملكي “ماذا حدث لأحلامي؟”

وفي عام 2018، حُكم على مؤسس وناشر” أخبار اليوم “، توفيق بوعشرين، بالسجن 12 عامًا بتهمة الإعتداء الجنسي، وخلص فريق الأمم المتحدة المعني المعني بالإحتجاز التعسفي إلى أن القضية كانت ذات دوافع سياسية، ولكن تم رفع الحكم إلى 15 عامًا في الإستئناف.

وفي مقال رأي نشرته صحيفة ” واشنطن بوست ” العام الماضي، قالت عفاف برناني، موظفة سابقة في صحيفة “أخبار اليوم”، إن الشرطة حاولت إجبارها على الشهادة زوراً بأن مديرها بوعشرين إعتدى عليها جنسياً. وعندما رفضت، حوكمت بتهمة الحنث باليمين،ثم هربت إلى تونس.

وبخصوص الريسوني الذي دخل إضرابه عن الطعام 86 يوما، نقلت الصحيفة عن زوجته خلود مختاري إنه لا شيء سيقنعه بوقف إضرابه عن الطعام. وقالت: “إنه مقتنع بأن هذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على محاكمة عادلة وإطلاق سراح مؤقت”. وأضافت: “مطالبتي، كزوجته، أن يطلقوا سراح زوجي، لقد حققوا إنتقامهم، ودمروا حياتنا “.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.