هل انتهت “سنوات العسل” بين الرئيس اردوغان وحركة “حماس” تلبية لشروط التطبيع مع تل ابيب؟ وأين ستذهب عناصر الحركة المتواجدة في إسطنبول؟ وهل تخلى حزب العدالة والتنمية الحاكم عن “الإسلام السياسي” وحركاته والخلافة العثمانية بالتالي؟

Advertisement

عبد الباري عطوان

يبدو ان “سنوات العسل” بين الرئيس رجب طيب اردوغان وحركة المقاومة الاسلامية في فلسطين المحتلة “حماس” تقترب من نهايتها، مع تزايد وتيرة التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وبدء فتح صفحة جديدة او بالأحرى، تجديد صفحة قديمة في العلاقات بين الجانبين، سيتم تدشينها اثناء زيارة الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتزوغ لأنقرة على رأس وفد كبير يومي التاسع والعاشر من شهر آذار (مارس) المقبل.
صحيفة “حرييت” التركية المقربة من الحزب الحاكم اكدت في تقرير لها نشرته امس “ان حكومة الرئيس اردوغان بدأت منذ اكثر من عام ونصف العام مباحثات مع عدة دول في المنطقة من اجل إيجاد موطن جديد لحركة “حماس” وعناصرها المتواجدة على الأراضي التركية، مع إعطاء الأولوية بالخروج للعسكرية منها، وأشارت الى انه جرى ابلاغ الحركة الفلسطينية بهذا القرار.
الحليف الاستراتيجي الإسرائيلي الجديد اشترط ابعاد جميع عناصر “حماس” من الأراضي التركية لتطبيع العلاقات بالكامل، وتم البدء بالسيد صالح العاروري نائب رئيس الحركة ومسؤول عملياتها العسكرية في الضفة الغربية الذي غادر انقرة، واصبح يتنقل حاليا بشكل سري بين ثلاث عواصم هي طهران وبيروت والدوحة.

الدكتور إبراهيم كالن كبير مستشاري الرئيس اردوغان بدأ اليوم الاربعاء زيارة لفلسطين المحتلة تستغرق يومين على رأس وفد يضم السيد سادات اونال نائب وزير الخارجية، سيلتقي خلالها بعدد من المسؤولين الإسرائيليين لترتيب جدول اعمال زيارة الرئيس الإسرائيلي لأنقرة حيث من المقرر ان يعقد لقاء مغلقا مع الرئيس اردوغان، وبالجملة سيعرج الوفد التركي على رام الله ويلتقي بالرئيس الفلسطيني محمود عباس لذر الرماد في العيون.
الرئيس اردوغان الذي “جمد” أنشطة جماعة الاخوان المسلمين في بلاده، ولجم جميع قنواتهم التلفزيونية المعارضة للنظام المصري في إسطنبول، يريد الآن ان يمارس القيود نفسها على حركة “حماس” وعناصرها، وربما اكثر، ربما بعد توصله الى قناعة بفشل مشروعه السياسي الإسلامي (عدا سورية)، وإعادة بعث دولة الخلافة العثمانية، وقرر الانفتاح على الحكومات التي تشهر في وجهه سيف العداء والمطاردة (أي الإسلام السياسي)، في مصر والامارات واسرائيل وقريبا المملكة العربية السعودية العدو اللدود لهذه الحركات.
فإذا كان “الإسلام السياسي” هو احد أوراق القوة التي استخدمها الرئيس اردوغان للوصول وحزبه الى السلطة في بداية الالفية الحالية، فأنه ينفتح الآن وبقوة متسارعة على أعداء هذا الإسلام في الشرق والغرب على حد سواء، وبات الخروج من ازماته الاقتصادية الحالية المتفاقمة التي أدت الى انخفاض شعبيته وحزبه بأكثر من 30 بالمئة حسب استطلاعات الرأي الأخيرة، هو العمود الفقري لكل توجهاته وتحالفاته السياسية الحالية.
دعم الرئيس اردوغان لحركة “حماس” وجماعة الاخوان المسلمين كان “انشائيا” اكثر منه عمليا، فلم يقدم رصاصة واحدة، او دولارا واحدا لحركة المقاومة الإسلامية في فلسطين المحتلة، على غرار ما فعلته ايران، او “حزب الله” في لبنان، وسورية (صواريخ كورنيت وايواء حماس)، وحكم الرئيس المعزول عمر البشير في السودان، او حتى الجيش المصري الذي غض النظر في زمن الرئيس حسني مبارك عن معظم عمليات التهريب للسلاح الى قطاع غزة عبر اكثر من حوالي 1250 نفقا “سريا” غير شرعي.
اثناء، وبعد مجزرة قافلة سفن مرمرة، التي ارتكبتها وحدات إسرائيلية خاصة استشهد فيها اكثر من 12 من النشطاء الاتراك الذين كانوا في طريقهم لكسر الحصار على قطاع غزة، كانت هناك 70 رحلة طيران يومية من مطار اللد (بن غوريون) الى إسطنبول، وازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين، بشكل لافت طوال ما يسمى بفترة التوتر في العلاقات.

من ابرز التصريحات التي اطلقها الرئيس اردوغان اثناء زيارته الى أبو ظبي التي انتهت اليوم الأربعاء، تعهده بحماية الامارات، والتأكيد ان أمنها جزء أساسي من الامن القومي التركي، فكيف سيقوم بهذه الحماية وهو الذي يبعد عنها بالفي وخمسمائة كيلومتر، وتحميها مِن مَن: إسرائيل التي وقعت معها اتفاقات دفاع مشترك، ام من ايران؟ وهل يملك ما لا تملكه اربع قواعد أمريكية وفرنسية وبريطانية وصينية واسرائيلية (قريبا) من طائرات وصواريخ ورادارات واقمار صناعية؟ ثم لماذا لم يحم “حماس” واهل غزة من أربعة عدوانات إسرائيلية؟
الامر شبه المؤكد ان الرئيس اردوغان وبسبب هذه السياسات “المتقلبة” (وهذا التوصيف هو لحلفائه الإسرائيليين) والاحتلال الفعلي لأراضي سورية وعراقية سيخسر معظم الشعوب العربية والإسلامية، وربما الانتخابات الرئاسية والبرلمانية العام المقبل، ولن يربح حلفائه في الغرب والشرق، خاصة الروس الذين طعنهم في الظهر بتزويده حكومة أوكرانيا بأكثر من 500 طائرة مسيرة من طراز “بيرقدار”، وادان ضمهم لشبه جزيرة القرم.. والأيام بيننا.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.