هل تنصيب الرئيس الديموقراطي جو بايدن رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية 46 سيوقف مسلسل التدهور الخطير لحقوق الإنسان ؟ والتضييق الغير المسبوق على  الحريات العامة  بالمغرب ؟ ووقف الملاحقات والإعتقالات ؟

Advertisement

فرحان إدريس ..

بما  أن إنتخاب المرشح  الجمهوري دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية سنة 2016 شكل  مثل الضوة  الأخطر للأنظمة الإستبدادية العربية بما المغرب , بطبيعة الحال لبداية حقيقية  لشن حملة  من الإعتقالات الغير مسبوقة في صفوف الصحفيين والنشطاء الحقوقيين المنتقدين لأداء الجهات العليا ..
وكانت البداية كما هو معلوم  هو الإنقلاب على العملية الديموقراطية ونتائج الإنتخابات الربمانية لسنة 2016 التي منحت الصدارة لحزب العدالة والتنمية في المشهد السياسي ، وبالتالي فرصة  تشكيل حكومة ثانية برئاسة الأمين العام السابق لحزب المصباح  ..
لكن مهندسو المحيط كانوا قد إتخذوا قرار لا رجعة فيه هو إفشال عبد الإلاه بنكيران من ترأس حكومة ثانية ، وفتح المجال لبلوكاج سياسي دام ستة أشهر أدى في النهاية إلى إزاحته من الساحة السياسية بشكل نهائي , وتعويضه بسعد الدين العثماني الذي وافق على شروط القصر الملكي لترأس حكومة ثانية للعدالة والتنمية لكن بسيطرة الحزب الإداري المتزعم للتحالف الرباعي الحزبي ، التجمع الوطني للأحرار على أغلبية الوزارات الإقتصادية والمالية ، أي أن  ما رفضه بنكيران لأشهر عدة قبله الدكتور النفساني وبتزكية أعضاء الأمانة العاة لحزب المصباح التي سيطر عليها تيار الإستوزار بقيادة كل من الرميد والرباح ويتيم واعمارة ..
الخطوة الثانية , كانت هي  القبض على كل  قادة ما يسمى إعلاميا بحراك الريف الذي دام حوالي ستة أشهر , شهدت  خلالها تنظيم  مظاهرات ووقفات إحتجاجية سلمية طالب فيها المنظمون الذين وصلوا لما يقارب 60.000 نسمة من أبناء الحسيمة ونواحيها , بمطالب إجتماعية محضة من بناء البنحيات التحتية الصحية منها والتعليمية والجامعية , وخلق إستثمارات عمومية  لخلق فرص الشباب العاطلين عن العمل الذي يعدون بالآلاف ..
المخزن السياسي إنتقل للخطوة الأساسية في  عملية الإنقلاب على الإرادة الشعبية , وهي إعتقال الأقلام الإعلامية المستقلة التي كانت تشكل زلزالا حقيقيا بمقالاتها أو بالفيديوهات التي تنشرها على مواقع الإجتماعي المختلفة  لسلطة المحيط الملكي أو حكومة الظل ، ومن هنا جاء إعتقال ااصحفي حميد المهداوي الذي شكل لأشهر الناطق الرسمي لحراك الريف ولكل الحركات الإحتجاجية بالمملكة التي إتفجرت بعد البلوكاج السياسي ..
لكن , العملية الأكبر التي قامت بها الأجهزة الأمنية والقضائية هي مداهمة مقر جريدة ” أخبار اليوم ” بحوالي أربعين رجال الشرطة , وإعتقال مؤسسها ومدير النشر بها الأستاذ توفيق بوعشرين في مشهد هوليودي بتهمة الإغتصاب وممارس الجنس بالإكراه مع ضحاياه ..
هذا الصحفي الذي تميز بإفتتاحيته اليومية الناقدة لسياسات السلطات العليا على جميع الأصعدة والمستويات , لدرجة أنها كانت تحرج بشكل كبير  الوجه السياسي الجديد للقصر الملكي ، المليادير عزيز أخنوش الرئيس الجديد لحزب التجمع الوطني للأحرار ..
وشكلت طوال سنوات  حكومة العدالة والتنمية الأولى برئاسة عبد الإلاه بنكيران المرآة الإعلامية التي فضحت المؤامرات ضد حزب المصباح وأمينه العام السابق ..
هذه الجريدة اليومية  الوحيدة التي بقيت   في المشهد الإعلامي الورقية تمثل الصحافة المستقلة  مما أكسب هذه المؤسسة الإعلامية الشهرة العربية والدولية ..
هكذا أصبح الأستاذ بوعشرين مع مرور السنين  بمقالاته اليومية يشكل زلزالات حقيقيا  يوميا لمخططات المحيط الملكي  التي نجح في التحكم السياسي المطلق بعد إرغام الأمين العام السابق لحزب المصباح على التقاعد السياسي ..
لهذا , لم يجد مهندسو العهد الملكي الجديد بدا للتخطيط من التخلص من هذا القلم الإعلامي المزعج بتلفيق تهم الإغتصاب الجنسي والإتجار بالبشر لقتله رمزيا ومعنويا في عيون الرأي العام الوطني المغربي والدولي …
قضية إعتقال هذا الصحفي المستقل أحدث ضجة دولية بعدما أرسلت  المفوضية الأممية لمقوق الإنسان تقريرا تتهم فيه الدولة بممارسة الإعتقال التعسفي ضد مؤسس جريدة ” أخبار اليوم ” وطالبت بإطلاق سراحه على الفور ..
مسلسل إستهداف صحفيي جريدة ” أخبار اليوم ” لم يتوقف وهكذا شوهد إعتقال بمدينة الرباط  الصحفية هاجر الريسوني بتهمة ممارسة الإجهاض السري صحبة زوجها السوداني والطبيب المختص في طب النساء ..
ولولا الضغط الدولي على المغرب لدرجة أن المفوضية الأممية لحقوق الإنسان في نيويورك كانت ستعقد إجتماع دولي لإدانة المملكة بتهمة إرتكاب إنتهاكات خطيرة  لحقوق الإنسان في حق المرأة ..
لهذا سارع  الملك محمد السادس لإصدار عفو ملكي على الصحفية هاجر الريسوني ومن معها , لأن هذا الملف أضر بشكل كبير بصورة المغرب على المستوى الدولي فيما يخص حقوق المراة بالمملكة ..
ومع بداية إنتشار  جائحة كورونا بالمغرب , إستغلت الجهات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية  هذا الوباء وبدأت بنهج سياسة تضييق الخناق على النشطاء الحقوقيين والمدونين  أكثر فأكثر على مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة ، ومنعت المظاهرات السلمية والوقفات الإحتجاجية الشعبية في كل المدن والقرى المغربية , بحيث أصبح التظاهر شبه مستحيل منذ شهر مارس لغاية كتابة هذه السطور , رغم أن دستور 2011 يقره في العديد من فصوله ..
في هذه الفترة الزمنية شنت الأجهزة الأمنية المغربية حملة إعتقالات واسعة للعديد من اليوتوبرز المشهورين والمدونين والنشطاء الحقوقيين في مختلف الجهات المغربية الذين كانوا يفضحون عير فيديوهاتهم المنشورة على شبكات ومنصات التواصل الإجتماعي ، اليوتوب والفيسبوك والواتساب وغيرها , حجم الفساد المالي والإداري الذي ينخر في جسد أغلبية المؤسسات العمومية السياسية منها والسيادية والإقتصادية والمالية المحلية منها والجهوية والوطنية ..
وتوجت هذه الحملة بإعتقال الأستاذ سليمان الريسوني رئيس تحرير جريدة ” أخبار اليوم ” الذي أصبح بعد سجن توفيق بوعشرين من أشهر كاتبي الإفتتاحيات بالمغرب نظرا لحدتها واللغة النقدية التي كان يستعملها ضد ممارسات الأجهزة الأمنية والإستخباراتية والقضائية في عز جائحة كورونا ..
بطبيعة الحال ، سياسة التضييق الخانق على الصحفيين لم يتوقف وجاء دور الصحفي الإستقصائي عمر الراضي الذي فجر قضية خدام الدولة الذين حصلوا آلاف الهكتارات في طريق زعير بأثمنة بخصة لا تتاسب مع الأسعار الموجودة في بوسة العقار ..
التهمة كاالعادة الإغتصاب الجنسي في حق زميلة تشتغل معه والتخابر مع جهات أجنبية , لأن المنظمة الدولية الحقوقية أمنسيتي أنترناسيونال كانت قد أكدت في تقرير لها أن هاتف عمر الراضي كان قد تعرض لإختراق من طرف المخابرات الداخلية المغربية بإستعمال نظام تجسس متطور لا تملكه إلا الدول وأجهزتها الأمنية والإستخباراتية ..
يعني , أن الدولة المغربية العميقة إستغلت جائحة كورونا لإعتقال كل الصحفيين المزعجين بمقالاتهم اليومية لسياسات الجهات العليا الحاكمة الفعلية للبلاد ..
ويستمر مسلسل إستهداف النشطاء الحقوقيين , وهكذا في 29 شهر دجنبر 2020 ، الذي يصادف يوم الثلاثاء، إعتقل بالعاصمة الرباط، الحقوقي والمؤرخ والأكاديمي المعطي منحب، بعد أشهر من إعلان متابعته بتهم مرتبطة بغسيل الأموال.
وفي هذا الصدد , قال عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان، عبد اللطيف الحماموشي، إنه تم إلقاء القبض على منجب من طرف عناصر أمنية كانت على متن سيارتين للشرطة، وذلك من أحد مطاعم العاصمة الرباط.
وكان وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، قد أعلن في أكتوبر الماضي، أن البحث التمهيدي الجاري مع السيد المعطي منجب وبعض أفراد عائلته تم فتحه إثر إحالة توصلت بها النيابة العامة من وحدة معالجة المعلومات المالية تتضمن معطيات حول أفعال من شأنها أن تشكل عناصر تكوينية لجريمة غسل الأموال.
وأوضح بلاغ للوكيل العام للملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، أن النيابة العامة، كانت قد توصلت من وحدة معالجة المعلومات المالية، بإحالة طبقا للمادة 18 من القانون رقم 43.05 تتضمن جردا لمجموعة من التحويلات المالية المهمة وقائمة بعدد من الممتلكات العقارية التي شكلت موضوع تصاريح بالاشتباه لكونها لا تتناسب مع المداخيل الإعتيادية المصرح بها من طرف السيد المعطي منجب وأفراد من عائلته.
وأضاف المصدر ذاته أن مراسلة وحدة معالجة المعلومات المالية تندرج في إطار المهام الاعتيادية للوحدة الرامية إلى الوفاء بالتزامات المملكة الدستورية والدولية المتعلقة بمكافحة جرائم غسل الأموال.
إتهامات غسيل الأموال كان قد نفاها منجب، حيث كان فد كشف عن أملاكه، وأكد تناسبها مع مداخيله.
هذه كرونولوجيا الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والتضييق على الحريات العامة التي إنتهت بزج أصحابها في مختلف السجون المغربية بتهم واهية لا أساس لها من الصحة , التي إرتكبتها المؤسسان الأمنية والإستخباراتية والقضائية طيلة حكم الرئيس الجمهوري دونالد ترامب بالبيت الأبيض ..
أسئلة عديدة تطرح نفسه بقوة ، هل سيتوقف النظام المغربي عن مطاردة الصحفيين وكتاب الرأي والنشطاء الحقوقيين بعد إنتخاب الرئيس الديموقراطي جو بايدن ووصوله البارحة للبيت الأبيض بشكل رسمي ؟ لاسيما أن من ثوابت الحزب الديموقراطي الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في كل مكان سواء على الصعيد الداخلي الأمريكي أو الدولي ..
وهل سيحدث إنفراج حقوقي بالمملكة بإطلاق قادة حراك ومعتقلي الحراكات الإجتماعية الأخرى ؟؟
وهل ننتظرقريبا أن يصدر الملك محمد السادس عفوا ملكيا ساميا على الصحفيين المعتقلين والنشطاء الحقوقيين ..
للعلم أن الوضع الدولي تغيربشكل كامل بهزيمة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب اليميني العنصري والذي ظل لأربع سنوات من حكمه بالبيت الأبيض الداعم الأساسي للأنظمة الإستبدادية العربية وللثورات المضادة ببعض الدول العربية من بينها المغرب ..
والدليل القوي أن إدارته غضت الطرف عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي من طرف ولي العهد للمملكة السعودية محمد بن سلمان ..
لكن الجديد في إدارة بايدن الديموقراطية هو تعيين وليام بيرنز مديرا جديدا ” لسي .أي .أي ”
( C.IA ) ، المعروف بخبرة الطويلة في الدبلوماسية الدولية والعالم بخبايا العديد من الشؤون الداخلية لأغلبية الدول العربية والإسلامية ..
هذا الرجل الدبلوماسي الأمريكي الصديق المقرب والحميق للصحافي الإستقصائي الكبير أبوأبكر الجامعي الذي كان رمز الصحافة المستقلة بالمغرب إضطرللهرب منه في بداية الألفية لكي لا يتم إعتقاله بسبب مضايقة مهندسي المحيط الملكي له ..
وغالبا ما يضع الحزب الديموقراطي في علاقاته الدولية مع الدول العربية والإسلامية على الخصوص صورة وحجم معاييرحقوق الإنسان والحريات العامة ، حرية الرأي والتعبير ، حرية الصحافة ، في هذه الدول ..
فهل سيستطيع الرئيس الديموقراطي الجديد جو بايدن فرض إصلاحات جديدة في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة على المملكة المغربية ؟

يتبع..

للذكر المقال أرسلناه إلى : الديوان الملكي
…………………………..رئاسة الحكومة
…………………………..الأمانة العامة للحكومة
…………………………..رئاسة البرلمان المغربي
…………………………..رئاسة مجلس المستشارين
…………………………..رؤساء الفرق البرلمانية
…………………………..وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج..
…………………………..وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية
…………………………..الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج
…………………………..المجلس العلمي الأعلى بالرباط
…………………………..مجلس الجالية
………………………….مؤسسة الحسن الثاني لمغاربة الخارج
………………………….الأمانات العامة للأحزاب السياسية المغربية
………………………….السفارات المغربية بالخارج
…………………………القنصليات المغربية بالخارج

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.