هل فعلا هناك وجود ظاهرة الإرهاب والخلايا النائمة بالمملكة ؟؟ وكيف لعب الصراع بين الجنرال حميدو العنيكري والمستشار الملكي الحالي فؤاد علي الهمة في خروج هذه الآفة الإجتماعية للعلن ؟؟ الجزء الأول ؟؟
في بداية الألفية من حكم الملك محمد السادس إنتشرت بشكل واسع ظاهرة بين أوساط الشباب المغربي من ذكور وإناث المقيم بمختلف المدن والقرى المغربية و بين أوساط الجالية المغربية بالخارج ، ألا وهي إعتناق هذه الفئة الواسعة من الشعب المغربي داخل أرض الوطن وخارجه التيارات الإسلامية السلفية منها والحركية والتبلبغية..
لدرجة ، أنه في مختلف الأحياء بالمدن الكبرى، فاس ، الدار البيضاء، الرباط، طنجة ، تطوان ، الناضور ، الحسيمة ، وجدة ، مكناس ، القنيطرة ، سلا ، مراكش ، تأسست جمعيات ووداديات إسلامية كانت أعضاءها المنخرطين يقومون بدور رجل الأمن في الأحياء الشعبية ..
وكان التيار الواسع الإنتشار الذي جرف الشباب المغربي من مختلف الأعمار هو التيار السلفي الوهابي ، الذي كان شيوخه الكبار بالمملكة العربية السعودية ..
هؤلاء الدعاة والعلماء غزت أشرطتهم الصوتية وكتبهم الدينية والدعوية مختلف المكتبات ، لدرجة أن الباعة المتجولين كانوا يبيعونها على الأرصفة وكل الطرقات بالمدن المغربية ..
ويأتي في الدرجة الثانية جماعة الدعوة والتبليغ التي تغلغلت بشكل خاص بين الطبقات الفقيرة من حرفيين والباعة المتجولين والتجار الصغار ,,
هذه الموجة الغير المسبوقة لتوجه معظم الشباب المغربي نحو التدين في كل مناحي الحياة أزعجت النظام السياسي في العهد الملكي الجديد الذي كان إنفتح بشكل كبيرعلى قطاع عريض من المعارضين اليساريين الراديكاليين من حقوقيين وسياسيين وفعاليات جمعوية…
هذا الإنفتاح تزامن مع التفجيرات الإرهابية ل 11 شتنبر من سنة 2001 التي عرفتها مدينة نيويورك الأمريكية..
وكما هو معلوم أتهمت على إثرها القاعدة بقيادة كل من أسامة بن لان وأيمن الظواهري بالمسؤولية عنها..
وهكذا بإشراف الملك محمد السادس الشاب المتحرر العلماني تبلورت في دوائر القرار المحيط الملكي بقيادة المستشار الملكي الرحماني فؤاد علي الهمة مهندس الأجهزة الأمنية والإستخباراتية فكرة الإستثمار في ظاهرة الإرهاب بالمغرب ومحاربة الخلايا النائمة المفترضة ..
وبما أن الأرضية كانت مهيأة على الصعيد الفكري والإيديولوجي بحكم أن قطاع عريض من الشباب المغربي أطلق لحيته وبدأ يلبس اللباس الأفغاني…
و إنتشرت هذه الظاهرة الشبابية بشكل خاص في الأحياء الفقيرة والعشوائية وبدور الصفيح الموجودة بكثرة في مختلف المدن المغربية.
وبما أن السلفية الوهابية التي كان قد إعتنقها الشباب المغربي ذي المستوى الدراسي والثقافي المتدني وممتهني الحرف والصناعات التقليدية كانت بالفعل التربة الخصبة التي خرج منها متطرفين وجهاديين بالمعنى الأعوج…
بطبيعة الحال ، كل الخبراء والمهتمين الدوليين بظاهرة الإرهاب أكدوا أن هناك بصمات لأيادي أمنية وإستخباراتية خفية لعبت دورا كبيرا في إنتاج ما يعرف إعلاميا بظاهرة الإرهاب الإسلامي والخلايا النائمة.
الهدف من هذه العملية كان هو إبعاد الشباب المغربي عن الإنتماء للتيارات الإسلامية المختلفة وتخويفهم بشكل عام من التدين.
وبما أن كل أركان النظام السياسي الملكي الجديد كان جل أعضاءه يومنون بالعلمانية الليبرالية ، وتخلص من حكومة التناوب بقيادة الكاتب الأول للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ،القيادي الكبير عبد الرحمان اليوسفي رأى في الحركة الإسلامية خمصمها اللذوذ الجديد…
والدليل الحي ، هو الإصلاحات الكبرى التي قام النظام السياسي الملكي الجديد بها في مدونة الأسرة المغربية ، وتشكيل ما يعرف بهيأة الإنصاف والمصالحة وغيرها من الخطوات التي أنجزت على جميع الأصعدة والمستويات ..
لهذا تطرح علامات إستفهام عديدة ؟؟ ، حول التفجيرات التي سميت من طرف كل وسائل الإعلام المغربية والدولية * بالإرهابية * التي عرفتها مدينة الدار البيضاء في سنة 2003 ؟؟
لأن الشباب المغربي المنتمي لكل الحركات والجماعات الإسلامية بطبيعته الفطرية لا يميل للعنف ، ولا يعمل على إنتاجه..
للعلم، أن كل الشباب الذين تم إلقاء القبض عليهمة بتهم الإرهاب خضعوا على ما يبدو لعمليات غسل الدماغ مكثفة كان وراءها خلف الستار دون أدنى شك أيادي أمنية ومخابراتية…
الفقر المذقع لهؤلاء الشباب المغرر بهم والأحياء العشوائية التي ولدوا وترعرعوا فيها كانت كفيلة بجعلهم في النهاية متطرفين إسلاميين…
الأكيد ، أن الصراع الذي إندلع بين الجنرال حميدو العنيكري الذي كان يسيطر على الأمن والمخابرات المدنية الداخلية في نهاية حكم الملك الراحل الحسن الثاني وبداية حكم الملك محمد السادس المقرب من الأمريكيين ، والوزير المنتدب أنذاك في الداخلية الرجل القوي في المحيط الملكي الحالي ،فؤاد علي الهمة ، رجل فرنسا بالمغرب الذي عمل كل ما في وسعه للتحكم في كل الأجهزة الأمنية والإستخباراتية في العهد الملكي الحالي..
وهذا ما تحقق في الأخير بعدما تخلص بشكل نهائي من الجنرال العنكيري ، لاسيما بعد حادثة السير الغامضة التي تعرض لها نواحي مدينة سطات..
ويبدو ، أنه من الملفات الأمنية التي أسقطت هذا الضابط العسكري برتية جنرال الذي يعتبر المرجعية الفكرية و الأمنية والإستخباراتية لحكام دولة الإمارات العربية المتحدة وعلى رأسهم أمير البلاد الحالي محمد بن زايد ، هو ما يعرف إعلاميا بظاهرة ملف الإرهاب و الخلايا النائمة بالمغرب..
يتبع ..
فرحان إدريس ..