هل نفد صبْر إيران على الضّربات الإسرائيليّة لقوّاتها في سورية؟ وما هي النّقاط السّت التي جعلت خِطاب السيّد نصر الله بمُناسبة يوم القدس تاريخيًّا وغير مسبوق؟ ولماذا نعتقد أن مرحلة الرّدع انتهت وبدأت مرحلة الرّد الهُجومي الفوريّ والقويّ؟
عبد الباري عطوان
الخِطاب الذي ألقاهُ السيّد حسن نصر الله مساء اليوم الجمعة بمُناسبة الاحتِفال بيوم القدس العالمي كان تاريخيًّا يُسَلِّط الأضواء على انتِهاءِ مرحلةٍ وبداية أخرى فيما يتعلّق بمُستقبل المِنطقة والتطوّرات المُتوقّعة فيها على صعيد الصّراع العربي الإسرائيلي، مثلما يُلَمِّح إلى حربٍ قادمة ربّما تكون وشيكة.
قبل أن نتطرّق إلى العناوين الرئيسيّة لهذه المرحلة أو النّقلة الجديدة لمحور المُقاومة، نتّفق مع السيّد نصر الله في عرضه التّاريخي للقضيّة الفِلسطينيّة، وخاصَّةً على المسارات الثّلاثة التي راهن عليها المُحتَل الإسرائيلي طِوال السّنوات الـ74 من عُمُرِ الاحتِلال، وهي النّسيان، والتّيئيس، والإنهاك، وهي رِهاناتٌ فاشلةٌ خاسرةٌ بكُلّ المعنى، فالشّعب الفِلسطيني وأجياله الجديدة ومن خلفه العرب والمُسلمين لم ينس، ولم ييأس، وإنهاكه بالحِصارات، والمجازر، والعُدوانات، رُغم قسوتها لم تنجح في تركيعه وإرغامه على الاستِسلام.
المواقف والتّحذيرات الخَطِرَة جدًّا التي وردت في خِطاب السيّد، ويُمكن استقراؤها من ثناياه، وتعبيرات وجهه، ونبرة صوته، يُمكن تلخصيها في النّقاط التالية:
-
أوّلًا: التّأكيد بأنّ الرّد على أيّ عُدوان إسرائيلي على أهدافٍ إيرانيّة في العُمُق السوري أو أيّ مكانٍ آخر، سيتم الرّد عليه فورًا، ولن يَصدُر بيان يقول بأنّه سيأتي في المَكان والزّمان المُناسبين، والسُّؤال هو أين سيكون هذا الرّد؟ في داخِل فِلسطين المُحتلّة أم باستهداف مصالح إسرائيليّة في مناطقٍ أُخرى في العالم، مِثل السّفن، أو السّفارات؟
-
ثانيًا: تحذير إيران للدّول الخليجيّة المُطبِّعة مع دولة الاحتِلال بأنّ القواعد العسكريّة الموجودة على أرضها، والإسرائيليّة منها تحديدًا ستكون هدفًا مُباشرًا لرَدٍّ إيرانيٍّ حازم إذا ما انطلق أيّ عُدوان إسرائيليّ من هذه القواعد.
-
ثالثًا: أيّ مساس بالمُقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس المُحتلّة، بِما في ذلك تقسيمها زمانيًّا ومكانيًّا، يعني زوال دولة إسرائيل، فلا تسامح مُطلقًا مع هذه المُخطّطات، ومُحاولات فرضها على الأرض بالقُوّة.
-
رابعًا: المُناورات الإسرائيليّة العسكريّة التي من المُقَرَّر أن تُجرى الشّهر المُقبل (آيار) قُرب الحُدود اللبنانيّة، وتُشارك فيها كُل الأسلحة الجويّة والبحريّة والبريّة، قد تكون تمهيدًا لعُدوانٍ شامِلٍ على لبنان، وقوّات حزب الله في حالةِ جُهوزيّة واستِنفار عاليين وستتصدّى لهذا العُدوان بكُل ما تملكه من أسلحةٍ، أيّ صواريخ ومُسيرّات ومِدفعيّة.
-
خامسًا: التّركيز على العمليّات الفدائيّة الانفراديّة التي لا يحتاج تنفيذها إلى غُرف عمليّات، أو الانتماء إلى فصائل المُقاومة، وكشفت هشاشة المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة، وكأنّه، أيّ السيّد نصر الله، يُطالب بتصعيد هذا النّوع من العمليّات في المُستقبل.
-
سادسًا: التوقّف بشَكلٍ لافت عند مُعادلة الاحتِلال والأمن، وضرورة تفكيكها، لأنّها تُشَكِّل أحد الأعمدة الرئيسيّة لبقاء دولة الاحتِلال، فضرب الأمن يعني انهِيار الاحتِلال، وتقويضه من الدّاخل.