هل نقلت عصابات المافيا الإسرائيليّة أنشطتها الإجراميّة إلى دولة الإمارات العربيّة المتحدة؟ ولماذا كانت “إسرائيل” خلف أكبر جريمتين في البلاد؟ وكيف يُمكن مُواجهة هذا الاختِراق الأمنيّ الخطير والحدّ من مخاطره؟

Advertisement

جرائم القتل شِبهُ معدومةٍ في دولة الإمارات العربيّة المتحدة، وخاصّةً إمارة دبي الوِجهة السياحيّة الرئيسيّة فيها، واللّافت أن أكبر جريمتين من هذا النّوع جرى ارتكابهما فيها في الأعوام الأخيرة، كانت لهُما علاقة بدولة الاحتِلال الإسرائيلي، الأولى سياسيّة تمثّلت في اغتِيال الشهيد محمود المبحوح أحد عناصر حركة “حماس” على أيدي خليّة من جهاز الموساد الإسرائيلي في كانون الثاني عام 2010، والثانية إجراميّة حدثت أمس الأوّل الأربعاء عندما تعرّض إسرائيلي الجنسيّة (غسان شمسية) لعدّة طعنات حتّى الموت في ظُروفٍ ما زالت غامضة.
المعلومات المُتوفّرة عن الجريمة الأخيرة، وخلفيّاتها، ما زالت قليلةً جدًّا، بسبب تكتّم الجانبين، الإماراتي الإسرائيلي وعدم الحديث عن الظّروف المُحيطة بها، ودوافعها الحقيقيّة، واكتفت السّلطات الأمنيّة في إمارة دبي بالاعتِراف بحُدوثها، واعتِقال مجموعة من الإسرائيليين المُتورّطين فيها، وأن النّيابة العامّة تقوم بإجراء تحقيقات جنائيّة معهم، ودون الكشْف عن التّفاصيل.
في ظِل هذا التكتّم، يُمكن القول إن العِصابات الإجراميّة الإسرائيليّة ربّما نقلت صِراعاتها الدمويّة إلى الإمارات في انتهاكٍ صارخٍ لأمنها، استغلالًا للامتِيازات الواسعة التي يحظى بها الإسرائيليّون في الدّخول، والإقامة، والعمل، تطبيقًا لبُنود الاتّفاق “سلام أبراهام” الذي جرى توقيعه بين الحُكومتين الإماراتيّة والإسرائيليّة في البيت الأبيض في آب (أغسطس) 2020.

الإحصاءات الرسميّة تقول إن أكثر من نصف مليون إسرائيلي زاروا دولة الإمارات في العام 2022، وتحدّثت الصّحافة الإسرائيليّة بإسهابٍ عن جرائم السّرقة والنصب التي ارتكبها بعض هؤلاء السيّاح، بِما في ذلك نهب أدوات الفنادق التي أقاموا فيها أثناء فترة إقامتهم، من مناشفٍ وشراشفٍ وملاعقٍ وسكاكين، وحتى أجهزة الهواتف في الغُرف في بعض الأحيان.
تحويل مدينة دبي الآمنة إلى ميدانٍ لعصابات المافيا الإسرائيليّة لتصفية حِساباتها الإجراميّة فيما بينها على أرضها سابقةٌ خطيرةٌ ستنعكس سلبًا على السّياحة التي تدرّ العوائد الماليّة الأهم لاقتصادها، لما يُمكن أن تُشكّله من أضرارٍ على صُورتها، فالأولويّة المُطلقة لأيّ سائح هي الأمن والأمان.
عصابات الجريمة ومافياتها في فِلسطين المُحتلّة حوّلت المناطق المُحتلّة عام 1948 الخاضعة للاحتِلال إلى جحيم، بسبب لُجوئها إلى السّلاح لتصفية حِساباتها فيما بينها، واستِخدام سِلاحها لترويع المُواطنين العرب وإرهابهم، وابتِزازهم، وبَذْر بُذور الفتنة بين القبائل، وقضّ مضاجعهم، وسط تقارير إخباريّة تتّهم دولة الاحتِلال وأجهزته الأمنيّة بالوقوف خلف هذه العِصابات وجرائمها، وغضّ النّظر عن عمليّاتها الإجراميّة هذه، لأنّ ضحاياها مُواطنون عرب، مسيحيين كانوا أو مُسلمين، بينما تُقدّم كُل الحماية لنُظرائهم اليهود.
لا نُريد في هذه الصّحيفة أن نستبق الأحداث، ونقفز إلى النتائج، ودُون انتِظار نتائج التّحقيقات في هذه الجريمة المُروّعة، ولكن ما نستطيع قوله، ودون تردّد، أن اتّفاقات السّلام مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، والمُبالغة في التّرحيب بالإسرائيليين، وإعطائهم امتيازاتٍ خاصّة بالمُقارنة مع نُظرائهم من السيّاح الآخرين بدأ يُعطي نتائج عكسيّة، وبعد أقل من عامين من توقيعها، وفي جميع الأحوال لا يُخامرنا أدنى شك في أن الأجهزة الأمنيّة، ومن ثمّ القضائيّة، ستقوم بواجبها في كشف جميع مُلابسات هذه الجريمة وتقديم المُجرمين المُتورّطين إلى العدالة، وإصدار الأحكام والعُقوبات اللّازمة التي يستحقّونها، حتى يكونوا درسًا للآخرين، وإقدام السّلطات الحاكمة على ضُوئها ونتائجها، أيّ التّحقيقات، بإجراءِ مُراجعةٍ مُعمّقةٍ لاتّفاق السّلام وللامتِيازات التي يحصل عليها الإسرائيليّون في دولةِ الإمارات التي فتحت لهم أبواب البِلاد على مِصراعيها، وكافأوها بالعبَث بأمنِها واستِقرارها.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.