هل يعم الهدوء الرباط وواشنطن بعد زيارة الملك للبيت الأبيض ؟؟؟

Advertisement

*الإدارة العامة للشروق نيوز24 *

رغم الجدَل الذي خلّفه خبَر التأجيل “الطارئ” لزيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى الرّباط، الذي تزامن والتوترَ السياسي والدبلوماسي الناشب أخيرا بين المغرب وجارته الجزائر، جاء إعلان الرئاسة الأمريكية عن استقبال باراك أوباما للملك محمد السادس في البيت الأبيض، يوم 22 من نونبر الجاري، ليُعيد آمال العودة إلى الهدوء السياسي بين بلدَين يحدّهما المحيط الأطلسي، بعد التوترات التي شهدتها الساحة الدبلوماسية حملت عناوين “مسودة توسيع مهام المينورسو” و”إلغاء مناورات الأسد الافريقي” و”معارضة تقرير حقوق الإنسان في الصحراء”، و”انتقاد اعتقال الصحفي علي أنوزلا”.

وفيما يقرأ المتتبعون لشأن العلاقات الثنائية بين الرباط وواشنطن زيارةَ الملك محمد السادس القادمة إلى الولايات المتحدة، خطوةً إيجابية ونسيماً يبدّد ضباب أزمة الثّقة الذي ظل متراكماً في سماء علاقة البلدين منذ مدة، لا تزال خيوط التوتر مُنكشفة بالرغم من أن أمريكا لا تزال ترى في المغرب حليفاً استراتيجياً وشريكا أساسيا وصديقا دائما لها، فيما اختار المغرب الاعتراف بتلك العلاقة والتعبير مُستقلّا عن مواقفه الدولية، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية والتعاون الأسبق، سعد الدين العثماني، في أن المغرب “ليس تابعا لا لأمريكا ولا لغيرها”، وأنه “لا يمكن لأي أحد أن يضغط عليه في أي اتجاه”.

توتر عنوانه “حقوق الإنسان بالمغرب”
عقدين من الزمن، إلا أن العلاقات السياسية بين البلدين شهدت توترا ملحوظا خلال العام الحالي، بعد الاعتراض المغربي الرسمي والشعبيّ على مسودة القرار الأمريكي الذي وضع لدى الأمم المتحدة أبريل الماضي، والذي يدعو لتوسيع مهام البعثة الأممية (المينورسو) لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء.

المغرب، الذي يرفض قطعا توسيع صلاحيات البعثة الأممية في الصحراء واعتبر الخطوة مسّاً بسيادته الوطنية، قاد حينها حملة سياسية وإعلامية انتهت بالتراجع عن مضامين المقترح الأمريكي، وهو ما وصفته الجهات الرسمية “نصرا دبلوماسيا مغربيا”، بعد مشاورات جمعت الترسانة الديبلوماسية للبلدين، والضغوط الفرنسية والإسبانية، حالت دون تقديم مشروع القرار للتصويت أمام مجلس الأمن.

وقام المغرب إبان “صراعه” السياسي مع الولايات المتحدة حول قضية “المينورسو” بإلغاء مناورات “الأسد الافريقي” العسكرية، التي كان من المفترض إطلاقها شهر أبريل الجاري في الأقاليم الجنوبية، وهي المناورات التي تجرى سنويا بين القوات المسلحة الملكية المغربية والقوات الأمريكية، بمشاركة 2300 عسكري من الجانبين.

وفي مطلع الشهر الجاري، اعتبرت الحكومة المغربية تقريرا أمريكيا يتحدث عن “خروقات” حول حقوق الإنسان بالصحراء، الصادر أخيرا، منحازا واختزاليا وغير متوازن، وبكونه لا يستند على الواقع، وهو التقرير الذي وجّه إلى اللجنة الفرعية بمجلس الشيوخ من قبل وزارة الخارجية الأمريكية، والمتعلق بالصحراء المغربية.

علاقات مستمرة متطلعة إلى طيّ صفحة الأمس
آخر رسائل الود بين البلدين كانت بمناسبة الذكرى الـ14 لعيد العرش قبل 3 أشهر ونيف، دعا من خلالها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، المغرب إلى مواصلة العمل المشترك من أجل توسيع المبادلات التجارية وتعزيز الاستقرار الإقليمي وتوطيد التفاهم المتبادل بين البلدين، مع التطلع “للاستفادة من تاريخ علاقاتها العريقة مع المغرب، من أجل المضي قدما في تحقيق أهدافنا المشتركة”، وفقا لبلاغ صادر عن كيري بإسم الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

فيما تم الاتفاق على زيارة محمد السادس للولايات المتحدة بين الرباط وواشنطن خلال مكالمة هاتفية جمعت زعيما البلدين في أعقاب التوتر الذي نشب حين اقتراح واشنطن توسيع مهام المينورسو، إذ سيكون اللقاء مناسبة لمناقشة الطرفين سبل التصدي للعنف ودعم الانتقال الديمقراطي وكذا تقوية التنمية الاقتصادية بكل من إفريقيا والشرق الأوسط.

من جهة أخرى، ينتظر أن يترأس وزير الخارجية الأمريكية، السيناتور الديمقراطي جون كيري، خلال زيارة إلى الرباط بعد عودة ملك المغرب، مع نظيره المغربي، صلاح الدين مزوار، الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي بين البلدين، والذي سيركز على قضايا متعلقة بالشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية والتعليمية والثقافية، تجرى على هامشها مباحثات مع عدد من المسؤولين السامين المغاربة.

الكريني: زيارة كيري للمنطقة ضمان لمصالحها
العام والعلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أنها تكرس حاجة أمريكا إلى تنسيق مواقفها، خصوصا مع أصدقائها في المنطقة العربية، لبلورة مقاربة تعزز رؤيتها للقضايا الكبرى بشكل يسمح بضمان مصالحها في المنطقة.

كما تأتي الزيارة في أعقاب الحديث عن فشل السعي الأمريكي إلى توسيع صلاحيات بعثة المينورسو بالأقاليم الجنوبية لتطال قضية حقوق الإنسان، وهو السعي الذي صاحبته ضجته كبرى، يضيف لكريني، موضحا أن السعي فاجأ الكثير من المتتبعين في كون الموقف الأمريكي تغير بشكل فجائي “وهو الذي ظل يدعم مختلف القضايا الوطنية”، منبها في الوقت ذاته إلى أن المغرب ظل يستحضر مخاطر وتداعيات التوسيع لتوظيفه ضد وحدته الترابية، “أستحضر هنا تدويل قضية حقوق الإنسان في شمال العراق والصومال وكانت أمريكا من تقف وراء هذا الإشكال”.

ويستحضر مدير مجموعة الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، في حديثه لهسبريس، تعاقب الزيارة الأمريكية مع الأزمة القائمة بين المغرب والجزائر، والتي أثرت كثيرا على علاقات البلدين، فيما يتنظر من هذه الزيارة أن تسمح بتقريب وجهات النظر بين البلدين، فيما أشار إلى أن الاهتمام الأمريكي بالمغرب والجزائر يأتي أيضا لكونهما بوابة واعدة نحو القارة السمراء.

المواقف الأمريكية تخضع لمنطق الدولة

ويرى الكريني أنه لا يجب تحميل الزيارة الأمريكية للمغرب أكثر مما هي عليه في الواقع، معتبرا أن شخصنة المواقف الأمريكية تجاه المغرب “تبسيطٌ وتقزيمٌ لسياستها الخارجية”، مشددا على أن الولايات المتحدة تربطها علاقات ثنائية وتاريخية “لا يمكن أن تخضع لنزوات شخص معين بل لمنطق الدولة”، في إشارة إلى المواقف السلبية لبعض القيادات الأمريكية حول ملف حقوق الإنسان بالمغرب.

في مقابل ذلك، يشدّد الخبير في العلاقات الدولية على أن ما يقع بالمغرب وما يعقبه من ردود أفعال، ينبغي أن يرتبط أساسا بالفاعل الدبلوماسي المغرب وليس على السياسة الخارجية الأمريكية، “المشاكل التي تحيط بقضايا المغرب الكبرى تأتي غالبا من البرلمان والمجتمع المدني والمواطنين”، مشيرا إلى أن الأمر يستدعي إعمال دبلوماسية منفتحة تعتمد على الفعل وليس على رد الفعل، وكذا اللعب على نقط القوة في العلاقات بين البلدين بما فيها البعد الاستراتيجي والاقتصادي واستثمار بعض النخب المقيمة في أمريكا، و”تقديم نموذج ديمقراطي واعد”.

ويضيف المتحدث أن المغرب يتوفر على مؤهلات تجعله يقنع أمريكا والأمم المتحدة “بأنه بلد منفتح على حقوق الإنسان.. فهناك إعلام وهيئات رسمية حقوقية وأحزاب تتعاطى بجرءة مع ملف الصحراء”، معتبرا أن الدخول في سجالات وردود أفعال “لن تؤدي إلا إلى هدر الطاقات وتضييع الوقت”، في وقت يبقى فيه الموقف الأمريكي مستندا على المنطق المصلحي، على حد تعبير الكريني.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.