هل يفتح قرار بوتين بنشر أسلحة تكتيكية في بيلاروس مجالا جديدا للانتشار النووي؟

Advertisement

واشنطن: في تصريح يعزز تلويحه المتكرر باللجوء إلى ترسانته النووية مع استمرار الحرب في أوكرانيا دون نهاية تلوح في الأفق لها حتى الآن، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم السبت الماضي عن عزم بلاده نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس.

وقوبل تلويح موسكو بهذا السلاح باستهجان عالمي حتى من جانب الصين، الحليف المقرب لروسيا، التي عبرت عن رفضها لاستخدام السلاح النووي بأي حال.

وأعرب الكاتب والمحلل السياسي الألماني أندرياس كلوث عن أمله في أن يرى الرئيس الصيني شي جين بينغ تحركات موسكو في هذا الصدد على أنها إهانة شخصية له وأن يُوبّخ “صديقه” في موسكو في الحال، في إشارة إلى بوتين.

ويوضح كلوث، رئيس التحرير السابق لصحيفة هاندلسبلات الألمانية، في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، إنه قبل أيام فقط، كان شي يقوم بزيارة بوتين لمناقشة مجالات التعاون بينهما، وكذلك لحثه على الخروج من التصعيد النووي والدخول في عملية سلام مع كييف. لكن في نهاية هذا الأسبوع، فعل بوتين العكس تماما.

وفي أكثر تهديداته النووية مكرا ضد أوكرانيا والغرب، أعلن بوتين أنه سيضع أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس، التي اعتبرها كلوث دولة ديكتاتورية وتابعة وقريبة مباشرة من الغرب، فمن هنا، يمكن حتى للصواريخ والطائرات ذات المدى القصير أن تضرب أهدافا في أوكرانيا أو وسط أوروبا.

ويقول كلوث إن بوتين يدعي، على نحو مخادع أكثر من أي وقت مضى، أن هذه الخطوة لن تنتهك التزامات روسيا بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. ومنطقه هو أنه هو شخصيا الذي سيحتفظ بالسيطرة على الرؤوس الحربية والصواريخ التي قد تحملها وليس الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو وهذا ظاهريا، يجعل الأمر على ما يرام .

وفي الواقع، يتجاهل بوتين مرة أخرى، أو ربما يستمتع، بالمفارقة للمسار الغادر الذي اتبعه حتى هذه اللحظة من التاريخ. ففي ما يسمى بمذكرة بودابست لعام 1994، وافقت كل من أوكرانيا وبيلاروس، بالإضافة إلى ثالث جمهورية سوفيتية سابقة تمتلك أسلحة نووية، وهي كازاخستان، على تسليم ترساناتها النووية مقابل ضمانات أمنية من موسكو.

وفي هذه الأيام يقول بوتين إن أوكرانيا ليست دولة على الإطلاق، ويجب إخضاعها أو تدميرها. وهو يعتبر بيلاروس إقطاعية شخصية مقدر لها في نهاية المطاف أن تندمج في “دولة اتحاد” يكون هو نفسه على رأسها بشكل واضح.

ويقول كلوث إن الدرس المستفاد للطغاة والمعتدين في كل مكان، من كوريا الشمالية إلى إيران وما وراءها، واضح، إذ يمكن فقط للأسلحة النووية أن توفر لهم تأمينا ضد الابتزاز النووي من المعتدين الذين لا يرحمون مثل بوتين، ويمكن أن تكون في نفس الوقت بمثابة أدوات للابتزاز في مجموعات الأدوات الخاصة لتلك الدول. ويرى أن بوتين قد أطلق للتو حقبة جديدة من الانتشار النووي.

ويقول إن تصعيد بوتين بغيض بشكل خاص لأنه يتناغم مع تعليقه الشهر الماضي لمعاهدة ستارت الجديدة، وهي المعاهدة الوحيدة المتبقية للحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية.

ويوضح كلوث أن الرؤوس الحربية التكتيكية، التي يمكن أن يكون لها مردود “صغير” نسبيا، مخصصة للاستخدام على الجبهة لكسب المعارك، في حين أن الأسلحة النووية الاستراتيجية مصممة للنشر ضد دولة معادية كوسيلة للردع المروع.

وكما هو الحال دائما، يستخدم بوتين المجموعة الكاملة من أساليب جهاز الاستخبارات “كي جي بي” التي تعلمها في بداية حياته المهنية، ويشوه الواقع لخلق روايات سوف ينشرها الروس و”البلهاء المفيدون” في دول أخرى. ويشير إلى أن إرسال أسلحة نووية إلى بيلاروس ليس سوى رد متناسب على الخطط البريطانية لإعطاء أوكرانيا قذائف مصنوعة من اليورانيوم المستنفد. لكن اليورانيوم المستنفد لا يمكن أن يسبب انشطارا والقذائف التي تحتوي عليه ليست أسلحة نووية.

ويحاول بوتين أيضا الخلط بين خططه الخاصة في بيلاروس والممارسة الأمريكية القديمة المتمثلة في وضع قنابل نووية في دول الحلفاء مثل بلجيكا وهولندا وألمانيا وإيطاليا وتركيا. لكن تلك الترسانات، مهما كانت مزاياها في ذلك الوقت، تعود إلى الحرب الباردة. ولا تحلم واشنطن ولا أي عاصمة أخرى تسيطر على الأسلحة النووية بوضع مثل هذه الرؤوس الحربية بالقرب من روسيا في حالة التوتر الحالية.

ويقول كلوث إنه لذلك تعتبر أوكرانيا محقة في دعوتها إلى عقد جلسة فورية لمجلس الأمن الدولي الذي تشغل روسيا مقعدا فيه، لكن للصين مقعد فيه أيضا، ويجب أن تستخدم نفوذها الجديد مع بوتين لإخراجه من هذا الجنون. والأفضل من ذلك، يجب على شي أن يرفع هاتفه الآن ويذكر بوتين بالمكان الذي تنتهي فيه صداقتهما، وفقا لكلوث.

ويضيف أنه يتعين على البيلاروسيين، بما في ذلك كبار ضباط الجيش أن يفكروا في التحريض ضد رئيسهم مرة أخرى، لمنع بوتين من جرهم إلى كارثة معه.

ويقول كلوث في نهاية تحليله إنه يجب على أوكرانيا والغرب في الوقت نفسه ألا يسمحا لبوتين بإخافتهما ودفعهما إلى الهستيريا. لقد أصبح الرئيس الروسي متهورا وغير متوقع ومختل للغاية في نظرته إلى العالم ومصيره فيه، لدرجة أن العزم الصلب وقوة الهدوء فقط هي التي يمكن أن تردعه عن جعل الوضع السيئ أسوأ كثيرا.

(د ب أ)

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.