وجهة نظر وتحليل لوثيقة المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي بخصوص تدبير بعض الرخص الإدارية !!
توصلت مختلف مصالح الشرطة التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني بالمذكرة عدد 5383/ الديوان الصادرة بتاريخ 04/03/2024 حول تدبير بعض الرخص الإدارية ومنها على الخصوص رخصة الأبوة ورخصة الكفالة مدتها 15 يوما متصلة طبقا المرسوم 22/30 ..
وقد سبق للحكومة المغربية أن أقرت القانون أعلاه ونشر في الجريدة الرسمية أواخر شتنبر من سنة 2022 ، وتم تطبيقه في مختلف القطاعات الحكومية دون إستثناء أي قطاع من قطاعات الوظيفة العمومية. لكن القائمين على تسيير أمور المديرية العامة للأمن الوطني وكما هو مألوف التزموا الصمت غير آبهين وعند ظنهم ان الامور ستمر مرور الكرام .
ومنذ صدور المرسوم الحكومي تقدم بعض موظفي الشرطة بطلب الحصول على رخصة الأبوة ولم يتلقوا أي جواب بخصوص ذلك من المديرية المركزية ، أو يتم رفضه بشكل مبدئي من المصالح الإدارية بدعوى عدم صدور أي مذكرة من المدير العام بشأن ذلك ما جعل بعض الموظفين يدخلون في شنآن مع رؤسائهم المباشرين ، وملحين على منحهم هذا الحق القانوني ما دام أن وظيفتهم تندرج ضمن نطاق الوظيفة العمومية ، وأن القانون صدر من الحكومة ، وأن هذه الأخيرة لم تستثني أي قطاع من ذلك، وأن إنتظار صدور مذكرة من المدير العام ما هو إلا ذريعة للحيلولة دون منح هذا الحق لموظفي الشرطة ، وأن القرار ما دام صادر عن الحكومة فلابد من تطبيقه في كافة القطاعات التابعة للدولة.
و بعد مرور حوالي سنة وخمسة أشهر من صدور المرسوم الحكومي وتطبيقه بمختلف القطاعات الحكومية ، ظن الموظفون بالمديرية العامة للأمن الوطني أن حقهم هذا تم الإجهاز عليه كما تم الإجهاز على حقوق أخرى شتى، رغم المقالات الإحتجاجية التي نشرت على هذه الجريدة الإلكترونية ليتفاجأ موظفو مديرية الأمن الوطني بصدور هذه المذكرة التي تمنحهم هذا الحق.
وإدعى محرر المذكرة ، أنه حرصا من المديرية العامة للأمن الوطني الإهتمام بالعنصر البشري ، ولتعزيز ثقة الموظفين بالمديرية ، والرفع من معنوياتهم ودعم روح إنتمائهم لهذا الجهاز هو ما دفع بالمدير العام إلى إصدار هذه المذكرة ومنح الموظفين هذا الحق القانوني.
والحقيقة التي لا تخفى على أحد خاصة المنتسبين إلى هذا الجهاز الأمني ، أن مسؤولي المديرية العامة للأمن الوطني لا يراعون أي إهتمام للموظف ، ولا يوالونه أي إعتبار وإنما مرد إصدار هذه المذكرة هو بعدما مرغ وجه المديرية العامة للأمن الوطني في التراب أمام القضاء الإداري..
حيث لجأ موظف للشرطة بمدينة وجدة برفع دعوى قضائية ضد المديرية العامة للأمن والذي تقدم بطلب الحصول على الرخصة ، ولم يتم الرد على طلبه إما بالقبول أو الرفض ولمدة ستون يوما من تقدمه بالطلب، مما إعتبره رفضا قاطعا من المديرية العامة وهو الشيء نفسه إعتبرته المحكمة الإدارية الإبتدائية لمدينة وجدة والتي حكمت لصالح الموظف مع التعويض عن الضرر الذي لحق به، ونشرت عدة مقالات بهذا الخصوص كما نشر قرار الحكم كاملا الصادر عن إبتدائية إدارية وجدة على موقع ” marocdroit.com ” بتاريخ 25/02/2024.
وكانت حجة المديرية العامة للأمن الوطني برفض طلب الموظف هذا أن لديها سلطة تقديرية في تدبير الرخص ، وأن الحكومة لم تراعي الخصاص في الموارد البشرية كما إحتجت المديرية العامة بالمادة 15 من النظام الاساسي لموظفي الأمن الوطني التي تسمح بإستدعاء الموظفين للعمل ولو خارج أوقات العمل العادية ، وأن المديرية لها الحق في إستدعاء الموظفين حتى خلال إجازتهم إذا دعت الضرورة لذلك.
لكن القضاء الإداري إعتبر أن كل هذه الحجج داحضة وواهية ، وأن المرسوم الحكومي واضح ولكل موظف الحق في الإستفادة من رخصة الأبوة دون قيد أو شرط.
ولكي تتفادى المديرية العامة تكرار سيناريو موظف مدينة وجدة ولتفادي المشادات بين الرؤساء والمرؤوسين وجدت نفسها مضطرة وليس عن طيب خاطر أن تقر بالمرسوم الحكومي ، وتمنح لموظفيها حقهم القانوني الغير قابل للتصرف.
وتعقيبا على حجج المديرية العامة للأمن الوطني أمام إبتدائية إدارية وجدة فإن ما إحتجت به من سلطة تقديرية في تدبير الرخص، فإنه بالفعل لها الحق في تدبير الرخص لكن ليس لها الحق أن تمنعها بشكل قطعي كما فعلت مع رخصة الأبوة.
أما فيما يخص من ضعف الموارد البشرية فهذه حجة واهية ومن أجل هضم الحقوق لابد أن تحتج المديرية بضعف الموارد البشرية، وأن كان الامر ضعف الموارد البشرية فهذا ليس حجة لحرمان الموظف من حقوقه..
أما فيما يتعلق بالمادة 15 أعلاه، فهذه المادة كما أعطت الحق للمديرية بإستدعاء الموظفين للعمل ولو خارج أوقات العمل العادية ، فقد أعطت الحق للموظف من الإستفادة من تعويض، لكن المديرية تصر على تطبيق الشق الأول من المادة المذكورة، وتغمض عينيها على الشق الثاني وهذا إن دل على شيء فهو يدل على إصرار المديرية على حرمان الموظفين من حقوقهم.
وليست هذه المرة الأولى التي تحرم فيها المديرية العامة الموظفين من حقوقهم ، والحرمان من الحقوق سنة مؤكدة بهذه الإدارة بالرغم من إدعائها الحرص على إحترام حقوق الإنسان ، وهي لا تعتبر الموظف لديها إنسان ولا يستحق المعاملات الإنسانية، فهي متشهية إما الحرمان من الحقوق أو فرض العقوبات الإدارية ولأسباب واهية..
والمديرية العامة تعلم علم اليقين ، أنها تخالف القانون في أحيان كثيرة لكنها كمن يصطاد في الماء العكر ، فحينما تحرم موظفا من حقه، فإن نزع الخوف ولجأ إلى القضاء الإداري فهو ذاك وإن صمت فهذا ما تريده، والشيء نفسه أن أصدرت في حقه عقوبة إدارية ..
وقد سبق وأن نشر مقال على مختلف الجرائد أن هذه المديرية العامة للأمن الوطني أصدرت عقوبة في حق موظف شرطة بسبب إجتيازه لإمتحان المحاماة دون ترخيص منها، وبعد لجوءه إلى القضاء الإداري ألزمت المديرية العامة لإزالة هذه العقوبة، وقد تكون حجة المحكمة الإدارية أن مهنة المحاماة مهنة حرة ، ومن حق أي موظف إجتياز الإختبار دون الحصول على ترخيص مسبق.
وللإشارة فقط فإن قرار المحكمة الابتدائية الإدارية لمدينة وجدة القاضي بمنح موظف الشرطة رخصة الأبوة منشور على موقع ، ” marocdroit.com ” المتخصص في المواضيع القانونية يمكن الرجوع لمن يريد الإطلاع عليه.
/ مع تحيات موظف شرطة / مراكش /